القرن الإفريقي عمقًا استراتيجيًّا خليجيًّا

أو ً: الحقائق الجيوستراتيجيّة لمنطقة القرن الإفريقي تتميز منطقة القرن الإفريقي بموقع جيوستراتيجيّ حيوي وفاعل في النواحي السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة في بناء العلاقات الدوليّة في الوضع العالميّ الراهن، وهذا ما يُفســر التحول السياســيّ والاســتراتيجيّ والأمنيّ والاقتصاديّ الإقليمي والدوليّ، الذي تشــهده بلدان القرن الإفريقي المختلفة، منذ مرحلة ما بعد الحرب الباردة، التي أعقبتها ظاهرة المنافسة الاستراتيجيّة الديناميكية. إن ظاهرة المنافسة الاستراتيجيّة التي ظهرت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تعتبر واحدة من أهم الحقائق التي يجب على صانعي القرار في منطقة الخليج العربي أخذها في الاعتبار عند بحثهم عن دوائر العمق الاستراتيجيّ الخليجيّ في إفريقيا. ويُمكن أن يمثل مناخ المنافسة الاستراتيجيّة في الوضع الدوليّ الراهن فرصة حقيقية لدول منطقة الخليج العربيّة لبناء عمق استراتيجيّ خليجيّ في القرن الإفريقي. ولهذا يتوقع كثير من الخبراء في مجال الدّراسات الاستراتيجيّة والأمنيّة، أن منطقة القرن الإفريقي ســوف تكون منطقة مرشــحة لمزيد من الانقسامات، ولا سيما في ضوء دخول لاعبين جدد في المنطقة. إن تلك الحقائق الجيوستراتيجية في منطقة القرن الإفريقي ســوف ترشح الأجواء لمشــهد مستقبلي غير واضح المعالم، بحيث تنذر باســتمرار حالة النزاع والتوتر والصراع ما ينعكس سلبًا على بلدان الخليج العربيّ، إذا لم يتحرك صانع القرار الخليجيّ وفق منطق المصالح الجيوســتراتيجيّ الراهن، وهو ما بدأت تباشيره تلوح في الأفق. مــن المهــم أن تعيد منطقة الخليج العربيّ النظر في علاقاتها مع بلدان القرن الإفريقــي، ويجب أن تعمل علــى تقوية ذاتها وترتيب أولوياتهــا وتحديث آلياتها لمواجهة تحدّيات الدول الرأســمالية الغربية في منطقة القرن الإفريقي، التي ظلت تسيطر عليها منذ الاستعمار الذي عمل على تقسيم هذه المنطقة. لقد نالت دول القرن الإفريقي اســتقلالها في القرن العشــرين، إلا أن القوى الرأســمالية العالميّة فرضت سيطرتها على الموارد التي تزخر بها المنطقة، وبالرّغم

192

Made with FlippingBook Online newsletter