القرن الإفريقي عمقًا استراتيجيًّا خليجيًّا

خامسًا: النموذج التصوّري للعمق الاستراتيجيّ الخليجيّ في منطقة القرن الإفريقي نأمــل مــن خلال هذا المحور، أن نقدم صورة ذهنية لما ينبغي أن يكون عليه مستقبل العلاقات بين دول منطقة الخليج العربيّة وبلدان القرن الإفريقي، من خلال تصوّر استراتيجيّ، يعتمد في الأساس على الحقائق الموجودة في أرض الواقع الآنية، وذلك بغرض تقدير واستشراف الصورة التي سيتشكل عليها مستقبل العلاقات بين الطرفين؛ لهذا سوف نعتمد في النموذج التصوّري للعمق الاستراتيجيّ الخليجيّ في منطقة القرن الإفريقي، على اســتصحاب التاريخ، والعمل على تشــخيص الموقف الراهن في العلاقات بين المنطقتين، مع محاولة معرفة الاتجاهات الســائدة. وعليه نرى أن التصوّر الاستراتيجيّ للعمق الاستراتيجيّ الخليجيّ هو آلية العبور والتحرك نحو تفعيل حوارات وشركات استراتيجيّة مع بلدان القرن الإفريقي. نقصد بمفهوم التصوّر الاســتراتيجيّ في حدود هذه الدراســة خلق تصوّرات أو تصوّر اســتراتيجيّ لمســتقبل العلاقات بين منطقة الخليج العربيّة، وبلدان القرن الإفريقي، بناءً على تأملات الماضي ودراســة الواقع الحالي، واستشراف المستقبل في إطار الظروف والمتغيرات الداخليّة والخارجيّة في العلاقات الدوليّة. أثبتــت الفصول الســابقة أن هنالــك تفاعً جغرافيّا وتاريخيّــا وحضاريّا بين المنطقتيــن، وفــي نفس الوقت كانت هنالك إرادة سياســيّة خليجيّــة ذات مبادرة فعالــة مؤثرة في القضايا الحيوية بالقرن الإفريقي، وفي المقابل كانت هنالك ذهنية اســتراتيجيّة إيجابية في ردة فعلها تجاه تفاعلها مع الإرادة السياســيّة الخليجيّة في المنطقة. ونعتقد أن هذه النقاط ســالفة الذكر يمكن أن تصبح المدخل الأساســي، لتوجيه القدرات المادية وترجمتها إلى مشــاريع سياســيّة تخدم مصالح شــعوب المنطقتيــن. وبنــاء على ذلك من الممكن لدول منطقة الخليج العربيّ أن تســتفيد مــن التفاعل الجغرافيّ والتواصــل التاريخيّ والحضاريّ مع بلدان القرن الإفريقي، والعمــل على بناء علاقات اقتصاديّة وثقافيّة واســتراتيجيّة تفتــح آفاقًا كبيرة. ومن الســهل استشــراف مســتقبل هذه العلاقات الواعدة وفق احتمــالات تتراوح بين

211

Made with FlippingBook Online newsletter