القرن الإفريقي عمقًا استراتيجيًّا خليجيًّا

الدخول في شــراكات اســتراتيجيّة مع بلدان القرن الإفريقي تعكس واقع المصالح العليــا للطرفين، وبين غلبة المهددات والصعوبات والمخاطر العالميّة التي يفرضها واقع تعقيد العلاقات الدوليّة في النظام العالميّ الراهن. عندما نتحدث عن التصوّر النموذجي للعمق الاستراتيجيّ الخليجيّ في منطقة القرن الإفريقي فهذا يعني التطرق إلى المصالح الوطنية العليا لمنطقة الخليج العربي في دائرة العمق الإفريقي، والمصالح الوطنية العليا لبلدان القرن الإفريقي في منطقة الخليج العربيّ. أي بمعنى آخر المصالح السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة والثقافيّة في المــدى البعيد. فمصالح الدول الخليجيّــة تمتد عمليّا في البلدان المختلفة بمنطقة القرن الإفريقي، ويكتسب هذا العمق الإفريقي أهميته بناء على ثلاثة معايير أساسية هــي: التفاعــل الجغرافيّ، والثقل التاريخيّ والثقافيّ الــذي تحظى به منطقة القرن الإفريقي، والأهمية الجيوسياســيّة والجيوســتراتيجيّة لمنطقة القرن الإفريقي، ولما لهــا من آثار محتملة على الأمن الاســتراتيجيّ في منطقــة الخليج العربيّ، وأخيرًا الأهمية الاقتصاديّة بالنسبة لبلدان القرن الإفريقي في التجارة العالميّة. عليه نرى أن نجاح أي مشــروع خليجيّ يقوم على تأسيس شراكة استراتيجيّة جديدة بين منطقة الخليج العربيّ وبلدان القرن الإفريقي، بهدف بناء عمق استراتيجي خليجيّ في المنطقة، ونجاح هذا المشــروع الخليجيّ مرهون بمدى نجاح الإرادة السياسيّة الخليجيّة وتأثيرها الجيوستراتيجيّ في منطقة القرن الإفريقي، ومقرون أيضًا بــرد الفعل في الذهنية الاســتراتيجيّة لدوائر صنــع القرار في بلدان القرن الإفريقي في تفاعلها مع الإرادة السياســيّة الخليجيّــة؛ لأن العامل المحرك في ميزان العمق الاستراتيجيّ هو نتاج مخرجات تفاعل المتغيرات الجغرافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والإرادة السياسيّة والذهنية الاستراتيجيّة كل ذلك معًا. بناءً على ما ذكر أعلاه يجب أن يقوم النموذج التصوّري للعمق الاستراتيجي الخليجيّ في منطقة القرن الإفريقي على شراكة حقيقية، قوامها المصالح الاستراتيجيّة المشتركة، والقضايا ذات المصير المشترك بين منطقة الخليج العربيّ وبلدان القرن الإفريقــي، وذلــك بغرض تحقيق الوظائف الأساســية في النظــام الإقليميّ، الذي

212

Made with FlippingBook Online newsletter