المســتقبل المنظور بين المنطقتين، خصوصًا في ظلّ توفر السبل المعنويّة والماديّة (الجغرافيــا والتاريــخ والتفاعلات الحضاريّة والثقافيّة، والإرادة السياســيّة الفعّالة، والذهنية الاستراتيجيّة الإيجابيّة، والقوة الاقتصاديّة)، التي يشترط توافرها لقيام أي حوار اســتراتيجيّ في المســتقبل؛ فهذه جميعها فرصة حقيقية لبناء مشــروع العمق الاستراتيجيّ الخليجيّ في منطقة القرن الإفريقي. ولقد خلصت الدراسة إلى جملة من النتائج، أبرزها: أن منطقة القرن الإفريقي تمتلك مقومات العمق الاستراتيجيّ الخليجيّ، باعتبار أنها تتميز بمقومات جيوسياسيّة وتاريخيّة وحضاريّة وثقافيّة، تشترك فيها مع منطقة الخليــج العربيّ، وأن طبيعــة النظام العالميّ الراهن يفرض على المنطقتين ضرورة التنسيق والتعاون المشترك لمواجهة التحدّيات المشتركة. كما أوضحت أن دول الخليج العربيّة لديها إرادة سياسيّة واضحة ذات مبادرة فعّالــة للتعامــل مع القضايا الحيويّة في منطقة القرن الإفريقي، وأنها قد نجحت في تهدئة الصراعات بمستويات مختلفة في منطقة القرن الإفريقي، كما أنها نجحت في أن تكون شريكًا أساسيّا في بعض مشاريع التنمية في بلدان القرن الإفريقي، ولا تزال تبذل جُهُودًا في المشاريع الخيرية والإنسانيّة في بعض مناطق دول القرن الإفريقي، فضً عن اســتثماراتها في تلك البلدان على الرُغم من أن حجم هذه الاستثمارات لا يزال قليً مقارنة بمقدرة صناديقها المالية. وخلصت الدراسة أيضًا إلى أن التصوّرات والانطباعات في الذهنية الاستراتيجيّة لــدى صناع القرار ونخــب بلدان القرن الإفريقي فــي ردة فعلهم تجاه المبادرات الخليجيّــة، التي تهدف إلى تحقيق الأمن والاســتقرار فــي المنطقة إيجابية يمكن البناء عليها، وأوضحت أن هذه النخب ترى ضرورة في زيادة حجم الاســتثمارات الخليجيّة في المنطقة، وترى أهمية تفعيل الحوارات الاستراتيجيّة التي تعكس عمق العلاقات التاريخيّة بين المنطقتين.
216
Made with FlippingBook Online newsletter