ثالثًا: البعد الثقافيّ واللغوي يتناول هذا المحور قضية أساسية هي كيفية توظيف القوة الثقافيّة (كقوة ناعمة) في مشــروع العمق الاســتراتيجيّ الخليجيّ في المنطقــة، ومعرفة فرص وإمكانية توظيف القوة الثقافيّة كعامل يعمل دائمًا في الربط ما بين المعطيات الثابتة والعناصر المتغيرة في مبدأ العمق الاستراتيجيّ. إن الهُويّة الثقافيّة والعنصر البشــري لأي " يقــول أحمــد داود أوغلو في ذلك إقليــم تعتبــر من العناصر التي تربط بين المعطيــات الثابتة والمتغيرة ... إن الدول التي تمتلك هُويّة قوية وحسّــا مرجعيّا من عاملي الزمان والمكان يمكنها أن تحقق ، وإذا ما أردنا تطبيق ذلك على منطقتي ( (( " انفتاحات اســتراتيجيّة متجددة باســتمرار القرن الإفريقي والخليج العربي فإن السمات الجيوثقافيّة النابعة من العمق التاريخي المشــترك بين هاتين المنطقتين، والمتمثلة في التواصــل الدينيّ واللّغويّ والثقافي والحضاريّ والاجتماعيّ يعزز الترابط بين المعطيات الثابتة والمتغيرة بينهما. تتميز المنطقتان بالتواصل الثقافيّ المشــترك بين شــعوبهما منذ قديم الزمان، ويمكن أن يصبح هذا التواصل قوة مستمرة تستمد طاقتها بالتقارب الثقافيّ والديني وعامل اللّغة المشــتركة. وقد ظل المختصون يؤكدون على عمق الأثر العربيّ في ثقافة شرق إفريقيا عامة والقرن الإفريقي بصفة خاصة. ومن أهم نتائج هذا التواصل الثقافيّ المستمر نشأة اللّغة السواحلية وتكوينها التي أصبحت لغة التعامل في شرق إفريقيــا؛ وهــي في أصلهــا لغة من لغات البانتو ولكنها تشــتمل على كم كبير من . وقد تأثر سكان شرق ( (( مفردات اللّغة العربيّة فضً عن غيرها من اللغات الآسيويّة إفريقيــا عامــة والقرن الإفريقي على وجه الخصوص بالحضارة العربيّة التي وفدت . 357 ّ،ص العمق الاستراتيجي ( أوغلو، أحمد داؤود، ( ( قارة إفريقيا، دراسة عامة وإقليميّة لأقطارها غير ( الجنابي، هاشم خضير والحديثي، طه حمادي، ( ( . 599 م)،ص 1990 ، (مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، العربيّة
53
Made with FlippingBook Online newsletter