L U B A B ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ
دورﯾﺔ ﻣﺤﮑﻤﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻣﺮﮐﺰ اﻟﺠﺰﯾﺮة ﻟﻠﺪراﺳﺎت 2023 - أﻏﺴﻄﺲ/آب 19 اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ - اﻟﻌﺪد
هﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻋﺰ اﻟﺪﯾﻦ ﻋﺒﺪ اﳌﻮﻟﯽ اﻟﻌﻨﻮد أﺣﻤﺪ آل ﺛﺎﻧﻲ د. ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺼﻤﺎدي د. ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮاﺟﻲ د. ﺳﯿﺪي أﺣﻤﺪ وﻟﺪ اﻷﻣﯿﺮ د. ﺷﻔﯿﻖ ﺷﻘﯿﺮ د. ﻋـﺒﺪاﻟﻠﻪ اﻟﻌـﻤـﺎدي اﻟﺤﻮاس ﺗﻘﯿﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺎﻃﻲ ﯾﺎرا اﻟﻨﺠﺎر أ.د. ﻟﻘﺎء ﻣﮑﻲ ﻣﺪﯾﺮ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. اﻟﺤﺎج ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﺎﺳﻚ رﺋﯿﺲ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻣﺤﻤﺪ اﳌﺨﺘﺎر اﻟﺨﻠﯿﻞ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﯿﺲ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ
اﳌﺮاﺟﻊ اﻟﻠﻐﻮي إﺳﻼم ﻋﺒﺪ اﻟﺘﻮاب
المواد المنشورة تعبر عن آراء كتابها وال تلزم المجلة أو مركز الجزيرة للدراسات
ترتيب المواد يخضع العتبارات فنية
دراسات وأبحاث
Studies and Research
Hamza Ibrahem Hasan Mehesin Securitization and Ideology in Israeli Politics: Employing Security to Implement Substitutional Settler Colonialism
حمزة إبراهيم حسن محيسن األمننة واأليديولوجية يف السياسة اإلسرائيلية: توظيف األمن لتطبيق االستعمار االستيطاني اإلحاللي
11
Hassan Obaid Populism and Political Opportunity
حسن عبيد الشعبوية والفرصة السياسية املتاحة 43
Soufian Jardan Arab Political Systems in light of the Phenomenon of Populism
سفيان جرضان األنظمة السياسية العربية يف ضوء ظاهرة الشعبوية
67
Magdy Abdel-hadi The Structural Layers of Inflation in a dependent rentier economy: Iran as a Model
مجدي عبد الهادي الطبقات الهيكلية للتضخم يف اقتصاد ريعي تابع: إيران أنموذجًا
99
Khaled Othman Al-Feel Information and Communication Technology, Financial Inclusion and Development in Africa: The Political Economy of Digital Transformation in Sudan as a Model
خالد عثمان الفيل تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت والشمول املالي والتنمية يف إفريقيا: االقتصاد السياسي للتحول الرقمي يف السودان نموذجًا
135
Abdullah Rashid Al Mursil China: Port Competition and the Security of Arab Gulf Countries
عبد هللا راشد املرسل الصين: صراع املوانئ وأمن دول الخليج العربية
181
Omar Saadallah Protection of the Palestinian people: a necessity in the Charter of the United Nations and international humanitarian law
عمر سعد هللا حماية الشعب الفلسطيني: ضرورة يف ميثاق األمم املتحدة والقانون الدولي اإلنساني
207
Mohamed Ourya Confronting Saddam Hussein: George W. Bush and the Invasion of Iraq
محمد أوريا مواجهة صدام حسين: جورج دبليو بوش وغزو العراق
237
5 |
افتتاحية العدد لباب ودراسات حول الشعبوية
في العدد الجديد من لباب، نفتح الجدل حول ظاهرة الشعبوية التي تصاعدت على المستوى العالمي في السنوات األخيرة، في محاولة منهجية لدراسة الظاهرة وتأثيراتها علــى العالقات الدولية وحقوق اإلنســان، وفرص تجــدد مواجهة المجتمع الدولي سياسات أقرب للغوغائية يمكن أن تتسبب بتداعيات خطيرة. يتضمن العدد بحثين حول هذه الظاهرة، األول بعنوان: الفرصة السياسية والشعبوية، وفيه سعى الباحث للتعرف على قدرة الشعبوية على االستفادة من الفرصة السياسية عندمــا تصبــح متاحة لها أو ممنوعــة عنها. درس الباحث ذلك مــن خالل مقارنة الفرص السياسية المتاحة في األنظمة المختلفة وكيفية تأثيرها على صعود الشعبوية. وقد خلص البحث إلى أن النظم الســلطوية والديمقراطية على حد ســواء توفر البيئة لصعود الشعبوية. أما البحث الثاني فجاء بعنوان: األنظمة السياســية العربية في ضوء ظاهرة الشعبوية، وفيه يجري تناول األنظمة السياسية العربية، والبحث في ظاهرة السلطة داخل بنية هذه األنظمة، ويجادل في فكرة أن الشــعبوية في الحالة العربية وُظِّفت إلضفاء الشــرعية على السلطة ألجل االنفراد باحتكارها واالستمرار في ممارستها. في العدد أيضًا بحث عن النهج اإلســرائيلي في تســخير األمن لخدمة األيديولوجيا، واستخدامه لتوسيع سياسات االستيطان والتهجير والتهويد. جاء البحث تحت عنوان: األمننة واأليديولوجية في السياسة اإلسرائيلية: توظيف األمن لتطبيق االستعمار االستيطاني اإلحاللي وتناول مفهوم وتاريخ األمننة واأليديولوجية الصهيونية، وناقش العالقة بين سياســات االســتعمار االستيطاني اإلحاللي واألمننة، والفلســطينيين. وانتهى إلى أن الخطاب اإلسرائيلي " إســرائيل " وموازين القوى بين يُضفــي البعــد األمني على سياســاته، البتداع ذرائــع لتطبيقها، بتصديــر رواية بأن تعيش وسط محيط عربي معادٍ، " إسرائيل " الفلسطينيين يمثلون مصدرا للتهديد، وأن
| 6
وبذلك تستمر في فرض األيديولوجية على األرض تحت غطاء الحاجات األمنية؛ أي توظف األمن أداة بيد األيديولوجية. " إسرائيل " إن بحــث أخــر ضمه العدد بعنوان: الطبقات الهيكليــة للتضخم في اقتصاد ريعي تابع: إيــران أنموذجًــا، وفيه درس الباحث الجذور الهيكليــة لحالة التضخم في االقتصاد اإليراني، والتي تجعله حساسًا للتأثيرات الخارجية؛ بشكل تدفع معه العوامل العَارضة باتجاه ارتفاع معدالت التضخم بوتيرة متسارعة، وتظهر الدراسة تعدد روافد وطبقات التضخم في االقتصاد اإليراني؛ بشكل يستلزم سياسات اقتصادية متعددة المستويات، تبدأ من المشكالت الهيكلية األعمق التي تتطلَّب تغييرات اقتصادية جذرية، وصوًل إلى مشكالت السطح االقتصادي والمظهر النقدي المألوفة التي تُعالَج عادة بسياسات التوازن االقتصادي الكلي التقليدية. ومن الســودان، جاء بحث عن تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت والشمول المالي والتنمية في إفريقيا: االقتصاد السياســي للتحول الرقمي في الســودان أنموذجًا، وفيه جرى تقديم مقاربة نقدية لبعض تطبيقات تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ومدي تأثيرها على تقليل معدالت الفقر وعدم المســاواة في الدول النامية عامة واإلفريقية خاصة؛ حيث تجادل الدراسة بأن السؤال المركزي الذي ينبغي االهتمام به في التعامل مع هذه التطبيقات يجب أال يقتصر على فاعلية هذه التطبيقات في تنفيذ الخدمات، وأن يشتمل أيضًا على تحليل األثر االجتماعي واالقتصادي لها على التنمية المتوازنة وعلى حياة الفقراء والفئات الهشة في المجتمع باإلضافة إلى تحليل أثرها على بنية عالقات السلطة والقوة في المجتمع وسالسل القيمة في القطاع الخدمي المُعين. وحول الصين وأمن الخليج، يتضمن العدد بحثًا بعنوان: الصين: صراع الموانئ وأمن دول الخليج العربية، وفيه دراســة للتهديدات والتحديات التي يشــكِّلها تزايد النفوذ والحضور االســتثماري الصيني في موانــئ دول الخليج العربية، والتداعيات األمنية والسياسية المترتبة على ذلك. وفي زاوية متابعات يضم العدد رؤية قانونية مستفيضة حول حقوق الشعب الفلسطيني بعنوان: حماية الشعب الفلسطيني: ضرورة في ميثاق األمم المتحدة والقانون الدولي اإلنساني، وفيه يناقش الكاتب المقال المعايير والمبادئ واآلليات القائمة والمعتمدة دوليًّا لحماية حقوق اإلنسان، وتقييم آثارها على وضع حقوق الشعب الفلسطيني.
7 |
أمــا فــي زاوية قــراءة في كتاب، فنطالــع قراءة في كتاب صدر هــذا العام للمؤرخ األميركي، مِلْفين بول ليفلر، وصدر عن دار نشر جامعة أوكسفورد البريطانية. تزامن صدور الكتاب مع الذكرى العشرين لغزو العراق، لكن قيمته التي تميزه عن الكتب والدراسات العديدة التي تناولت ذلك الحدث، تكمن في أن مؤلفه هو واحد من أبرز المؤرخيــن المعاصريــن في الغرب، والثاني أنه صدر عن واحدة من اهم الجامعات الرصينة في العالم، فض ًل عن أنه جاء بعد عقدين من الغزو؛ األمر الذي وفر للكاتب فرصة التقصي والتأمل والتخلص من أي ضغوط إعالمية أو عاطفية أو سياسية.
دراسات وأبحاث
األمننة واأليديولوجية يف السياسة اإلسرائيلية: توظيف األمن لتطبيق االستعمار االستيطاني اإلحاللي Securitization and Ideology in Israeli Politics: Employing Security to Implement Substitutional Settler Colonialism * Hamza Ibrahem Hasan Mehesin - حمزة إبراهيم حسن محيسن ملخص واملتمظهـرة الصهيونيـة األيديولوجيـة مـن املنبثقـة اإلسـرائيلية السياسـات تسـببت جيوسياسـية تغيـرات إحـداث يف وأرضهـم، الفلسـطينيين تجـاه األمنيـة بالحاجـات وتهجيــر اســتيطان مــن ذلــك وافــق بمــا بــاألرض، اإلنســان عالقــات يف وتحــوالت مركــب األمنيــة والحاجــات األيديولوجيــة تطبيــق أن ورغــم واعتــداءات، وتهويــد . احتـواءه وتحـاول معـه تتكيـف " إسـرائيل " أن إال متناقـض، وتناقـش الصهيونيـة، واأليديولوجيـة األمننـة وتاريـخ مفهـوم الدراسـة هـذه وتتنـاول موازيـن وتقـارن واألمنن ـة، اإلحاللـي االس ـتيطاني االس ـتعمار سياسـات بيـن العالقـة اإلســرائيلي الخطــاب أن إلــى وانتهــت . والفلســطينيين " إســرائيل " بيــن القــوى بـأن روايـة بتصديـر لتطبيقهـا، ذرائـع البتـداع سياسـاته، ىلع األمنـي البعـد يضفـي عربـي محيـط وسـط تعيـش " إسـرائيل " وأن للتهديـد، مصـدرًا يمثلـون الفلسـطينيين الحاجــات غطــاء تحــت األرض ىلع األيديولوجيــة فــرض يف تســتمر وبذلــك معــاد، . األيديولوجي ـة بيـد ً أداة األمـن توظـف " إسـرائيل " إن أي األمنيـة؛ األمننة، الصـراع، "إسـرائيل"، الفلسـطينيون، الصهيونية، االسـتعمار كلمـات مفتاحيـة: االسـتيطاني اإلحاللي. Abstract: The Israeli policies, stemming from Zionist ideology and manifested as security needs vis-a-vis the Palestinians and their land, have caused geopolitical changes and transformations in human-land relationships. These changes include settlement, displacement, Judaization, and aggressions. Despite the complex and contradictory nature of applying ideology and security needs, Israel adapts to it and attempts to contain it. حمزة إبراهيم حسن محيسن، باحث في الصراع اإلسرائيلي-الفلسطيني، غـــزة-فلسطين * Hamza Ibrahem Hasan Mehesin, Researcher in the Israeli-Palestinian conflict, Gaza-Palestine.
This study explores the concept and history of securitization and Zionist ideology. It discusses the relationship between colonial settlement policies and securitization and compares the power dynamics between “Israel” and Palestinians. The study concludes that the Israeli discourse adds a security dimension to its policies, inventing justifications for their implementation by propagating a narrative that portrays Palestinians as a threat and Israel as living in a hostile Arab environment. Consequently, Israel continues to impose its ideology on the land under the guise of security needs, effectively utilizing security as a tool in the hands of ideology. Keywords: Securitization, "Israel", Palestinians, Zionism, substitutional settler colonialism.
13 |
مقدمة كبقية دول العالم، " دولة " ليست مجرد " إسرائيل " وفق األيديولوجية الصهيونية، فإن بل هي مشــروع مستمر ومستدام، وظهرت مشروعًا اســتعماريًّا، استيطانيًّا، إحالليًّا، " إقليمها " لم يكتمل؛ وبذلك أصبح " الدولة اليهودية " زاحفًا بال توقف؛ أي إن مشروع عبارة عن كيان متحرك، بناء على سياســة إســتراتيجية توســعية، تستند " حدودها " و ال تزال مســتمرة " إســرائيل " في أساســها على المرحلية والقضم التدريجي، أي إن التأسيس. كذلك يعد االحتالل الصهيوني/اإلسرائيلي نظام احتالل هجين، ومنظومة سيطرة متعددة األبعاد من حيث التطبيق، يدمج بين مكونات ثالثة، وهي: االستيطان، واالستعمار، واإلحالل. وإذا ما أُخضع الفكر الصهيوني وتطبيقاته للقياس والتحليل، فإننا نجد الصراع العربي/الفلسطيني-الصهيوني/اإلســرائيلي في فلسطين قائمًا على ،) 1948 (المناطق المحتلة سنة " إسرائيل " الوجود، الذي يســتهدف الفلسطينيين في وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وهكذا يكون جوهر المشــروع واحدًا، وإن اختلفت تطبيقاته. وقد ســخَّرت منظومة السيطرة الصهيونية/اإلســرائيلية، وما زالت تسخِّر، ما يفيدها مــن األمــن والقانون الدولي؛ لتبريــر تحقيق غاياتها، فتفاعلــت وتعاملت معها بناء على تفسيراتها الخاصة، والتي تناقض ما يجُمِع عليه معظم فقهاء األمـــن والقانون. في العقيدة الصهيونية؛ فقد " القدس الشــرقية " ونظرًا ألهمية الضفة الغربية بما فيها على إضفاء البعد األمني على السياسات المتعددة والمتنوعة، أي " إسرائيل " عملت إنها صبغت هذه السياســات والتطبيقات بالصبغة األمنية، فأغلب الخطاب السياســي نحو الضفة الغربية بما فيها القدس، أخذ البعد " إســرائيل " واالقتصادي الموجَّه من األمني أولوية فيه. وبذلك، تم تحويل الخطاب عن حالة تطبيقات االســتعمار، االستيطاني، اإلحاللي، إلى التركيز على أبعاد الخطر والتهديد الذي يمثله الفلسطينيون؛ فاألمـن وفقًا لمفهوم األمننة، ليس حقيقة موضوعية مسلمًا بها، وإنما هو نتاج لعمليات اجتماعية محددة. ، والداخل المحتل ســنة 1967 ووفقًا لهذه الرؤية، أصبحت المناطق المحتلة ســنة ، مســرحًا لتطبيق األيديولوجية الصهيونية عبر توظيف الخطاب األمني، أي إن 1948
| 14
األمن اإلســرائيلي أصبح أداة لتطبيق األيديولوجية. وتتلخص أطروحة هذه الدراسة القائمة على نسج خطاب وسياسات أمنية " نظرية األمننة " توظف " إســرائيل " في أن انتقائيــة، تدَّعــي فيها أنها أقلية مهدَّدة (مع أنها في حــاالت أخرى تدَّعي أنها تمثل أغلبية)؛ ألجل إفراغ الحيز الفلسطيني من أهله، وبسط مطلق سيطرتها على األرض. تتنــاول هذه الدراســة أثر األمننة في تطبيــق األيديولوجية الصهيونيــة القائمة على االســتعمار االستيطاني اإلحاللي، وفي ســبيل ذلك تستعرض مفهوم وتاريخ األمننة واأليديولوجيــة الصهيونيــة وتأطيراتهــا النظرية، كما تناقش مركبــات نظرية األمننة وإســقاطاتها في واقع حالة الصراع العربي/الفلسطيني-الصهيوني/اإلســرائيلي في فلسطين، عبر توضيح العالقة بين سياسات االستعمار االستيطاني اإلحاللي واألمننة، وتعرض مقارنة لألمن اإلســرائيلي مقابل الفلسطينيين بموازين القوى. وأخيرًا، تروم لألمننة وتقييمها بشكل شمولي. " إسرائيل " الدراسة فهم تطبيقات . استهالل نظري: مفهوم وتاريخ األمننة واأليديولوجية الصهيونية 1 . مفهوم األمننة: في المخيال والواقع اإلسارئيلي 1.1 إضفاء البعد األمني على قضية ما؛ ليجعل منها مصدرًا للخطر " األمننة " يعني مصطلح Copenhagen أو التهديــد، وارتبطت مداخل األمننة المختلفة بمدرســة كوبنهاغن ( Ole ) وأول ويفر ( Barry Buzan )، ومــن أهــم أعمدتها باري بــوزان ( 1 () School ) وغيرهــم. وترمي األمننة إلى تجاوز النقاش الدائر بين أولئك الذين يرون Weaver أن التهديد هو قضية موضوعية، ومجموعة أخرى تذهب إلى أن التهديد قضية ذاتية، يحددها الشخص بحسب إدراكه وتفاعله، فمدرسة كوبنهاغن ترى وجوب النظر إلى األمن على أنه فعل خطابي، والقضية الرئيســة فيه ليســت الجدل حول ما إذا كان التهديــد موضوعيًّــا، أو ينطلق من اعتبارات ذاتية، بــل الطريقة التي تُبنى بها بعض القضايا اجتماعيًّا، ويشير الفعل الخطابي إلى أن النطق بكلمة أو بمصطلح، فحسب، قد يُنظر إليه على أنه فعل يســتحضر " أمن " يعنــي أن فعــ قد وقع، فالنطق بكلمة .) 2 للذهن مختلف القضايا العسكرية والسياسية واالقتصادية البيئية المرتبطة باألمن( ويعرِّف أعضاء مدرســة كوبنهاغن مفهوم األمننة بأنه: العملية التي يعلن من خاللها أحد الفاعلين (ممثل الحكومة أو الســلطة) عبر خطاب رســمي للجماهير، عن أن
15 |
قضية أو مشكلة ما تعد تهديدًا مباشرًا ووجوديًّا ألحد الموضوعات المرجعية لألمن. ووفق هذه المدرســة، تم التوسع في قطاعات األمن، وبالتالي التوسع في الموضوع فع ًلً " ). وبناء على هذا التعريف، يمكن النظر إلى األمن باعتباره 3 المرجعي لألمن( ؛ فبمجرد أن يعلن أحد المسؤولين في الحكومة عبر خطاب موجه للجماهير، " خطابيًّا أولي " عن أن قضية أو مشــكلة ما هي مشــكلة أمنية، فإنها تصبح كذلك. ولقد عبَّر .) 4 ( " يصبح شيء ما مشكلة أمنية، متى أعلنت النخب الحاكمة ذلك " بقوله: " ويفر )، وهي مدخل آخر للموضوع، أن األمننة 5 () Paris School وترى مدرســة باريس ( ، وعالقات القوة التي تبني تصور الخطر. ويشير بوزان " الممارسة " تتحقق من خالل )، إلى أن األمننة هي عرض قضية ما على أنها تمثل De Wilde وويفر ودي وايلد ( خطرًا يمس البقاء؛ األمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير طارئة، ويســوِّغ اتخاذ إجراءات سياسية خارج نطاق المعتاد، وتهدف األمننة إلى اإلسراع في تطبيق إجراءات سياساتية استثنائية، بعد اإلعالن عن أن القضية القائمة تمثل تهديدًا للبقاء. وهذا الخطاب يعطي السلطة الحق في استخدام إجراءات استثنائية لتأمين بقائها، وبذلك تنتقل القضية من مجال السياســة العامة إلى مجال سياسة الطوارئ. ويعد المدى الذي يشمل القضايا القابلة لألمننة مفتوحًا، فبعض الدول سعت ألمننة الدين، وأخرى ألمننة الثقافة، بينما عمــدت أخــرى إلى أمننة قضايا الهجرة أو البيئة، ومن القضايا التي تعرضت لألمننة .) 6 ( " اإلرهاب " المكثفة قضية على نحو واسع؛ إذ صدَّرت رواية صبغت " اإلرهاب " من أمننة " إسرائيل " واستفادت المقاومة الفلســطينية بصبغة اإلرهاب، كذلك عملت على أمننة العديد من القضايا، كان من أهمها أمننة تطبيق األيديولوجية الصهيونية القائمة على االستعمار االستيطاني ؛ ما حدا بها إلى اتخاذ " خطر يهدد البقاء " اإلحاللي، بادعاء أن الوجود الفلســطيني ، منها البعد " الخطر " إجــراءات اســتثنائية تتجاوز الوســائل العادية في التعامل مــع العسكري العنيف في فرض الوقائع على األرض. وتتشكل عملية األمننة من أربعة عناصر أساسية، وهي: أو ًلً: فاعل األمننة (من يقوم بالفعل الخطابي، مثل رئيس الحكومة أو المؤسسة األمنية اإلسرائيلية)، فعندما تصف القيادة أو النخب السياســية مشــكلة ما بأنها مشكلة أمنية، فإنها تصبح مشكلة أمنية، ، وهذه النقطة تعد واحدة من العناصر الرئيسة " فعل خطابي " وهذا هو المقصود بكلمة
| 16
لمفهوم خطاب األمننة. ثانيًا: التهديد (قضية انتقلت إلى مستوى التهديد الوجودي من خالل الفعل الخطابي، مثل الديمغرافيا الفلســطينية)، وهنا قد يكون التهديد ماديًّا أو معنويًّا. ثالثًا: المهدِّد (كيان يشكل تهديدًا، ويحتاج للتعامل معه بوسائل وتدابير غير عادية، مثل المقاومة الفلســطينية ورغبتها في التحرر من االحتالل). رابعًا: الجمهور المستهدف (بأفعال الكالم، مثل الجمهور اإلسرائيلي أو الرأي العام العالمي)، ويقصد .) 7 به إقناع الجمهور بأن قضية معينة هي قضية أمنية، وتمثل له تهديدًا وجوديًّا( ومــن هذا المنظور؛ فإن التطبيق اإلســرائيلي لألمننة مرتبط بالمدرســتين (مدرســة كوبنهاغن ومدرســة باريس)؛ إذ إن االحتالل اإلسرائيلي عمل، وما زال يعمل، على ؛ إلقنــاع الرأي العام الداخلي " الخطابي " أمننــة الفعل األيديولوجي على المســتوى لتطبيق أيديولوجية االستعمار االستيطاني اإلحاللي على " الممارسة " والخارجي بأن األرض تحظى بشرعية ما؛ األمر الذي أعطى فضاء لإلسراع واالستمرار والتعمق في سياسات االحتالل تجاه الوجود العربي/الفلسطيني. ؛ لنجده األكثر حضورًا " األمن " واستنادًا على فهم نظرية األمننة، ننتقل لقراءة مصطلح ، السياســية واالقتصادية واالجتماعية " إســرائيل " وهيمنة في مناحي الحياة كافة في والثقافيــة، فالدولــة قامت في خضم الصــراع العربي-الصهيوني، منشــغلة بتهديد وجودها، بدءًا بشرعية هذا الوجود، ونهاية بإخفاق العرب في تنفيذ خطتهم المتعلقة بوضع حد لهذا الوجود بالوســائل العســكرية، وهي تعيش منذ تلك المرحلة حالة إدراك؛ لكونها قامت على أنقاض شعب آخر لم يسلِّم بوجودها، ال هو وال الشعوب .) 8 العربية( ، وما تالها من تحوالت جيوسياســية 1979 ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ســنة في األراضي الفلسطينية " إسرائيل " إقليمية، برزت عالمات اســتفهام بشأن سياسات المحتلة؛ فباسم األمن وضروراته، أقيمت مستوطنات إسرائيلية على أنقاض عشرات بقتل المواطنين " إسرائيل " القرى العربية/ الفلســطينية المهجرة، وباســم األمن تقوم أو خارجها، وتحت شعار األمن تضرب أي هدف " إســرائيل " العرب ســواء داخل )، وباســم األمن تمنع 9 عربي حيوي؛ بحجة كونه يمثل خطرًا على بقائها ووجودها( قيام دولة فلسطينية، علمًا بأن السلطة الفلسطينية وافقت على إقامة دولة " إســرائيل " !) 10 فلسطينية منزوعة السالح؛ ما يسقط الحجة األمننية عن ذلك(
17 |
وعندما يحتدم النقاش األيديولوجي والسياســي حول مصير المناطق المحتلة ســنة مثــ ً، فإنه ال يكفي اليمين اإلســرائيلي أو القوى الدينية أن تعدِّد االعتبارات 1967 األيديولوجية والدينية إلقناع الجمهور اإلســرائيلي؛ فهو يخســر المعركة أمام الرأي العام إذا اكتفى بها، ولذلك، نالحظ في أدبياته وخطابه السياســي واإلعالمي جمعًا مركبًا وغير مبدئي بين العنصر األيديولوجي الداعي لعدم جواز التخلص من األرض، األرض ثمنًا لسالم وهمي، وأنه " إسرائيل " والعنصر األمني القائل بعدم جدوى دفع ال خيار ســوى اســتمرار الحرب، وهــو مركب متناقض؛ ألن المتمســك باألرض أيديولوجيًّا غير مستعد للتخلي عنها حتى لو كان الفلسطينيون جاهزين للسالم، لكن اليمين اإلسرائيلي يتحمل هذا التناقض ويتكيف معه ويحاول احتواءه، حتى تتكامل )؛ وهذا يعني أن األمن أصبح أداة بيد 11 الحجــج األمنية مع الحجة األيديولوجيــة( .) 12 األيديولوجية( ويبرر خطاب الحكومة اإلسرائيلية أي انتهاك واعتداء على الفلسطينيين بأنه ألسباب توظف خطابهــا األمني في مواصلة هجومها " إســرائيل " أمنيــة، وال يمكن إنكار أن االســتيطاني في الضفة الغربية، وتعمل على إبقاء الحالة االستيطانية دائمة ومستمرة، ) اإلسرائيلية العاملة في مجال حقوق اإلنسان، Yesh Din ( " يش دين " فوفقًا لمنظمة إن هــذا النظــام القائم في الضفة الغربية ال عالقــة له باألمن، وتحقيقًا وتطبيقًا لهذه بتنفيذ المشروع االستيطاني الضخم، وهو العامل الذي " إسرائيل " األيديولوجية تقوم غيَّر الوضع في الضفة الغربية منذ عقود، ولهذا الغرض تستولي على موارد األرض وتمنع التنمية الفلسطينية، ولهذا الغرض تقسم الناس (المستعمِر والمستعمَر) حسب أنه صحيح أن " يش دين " انتمائهــم القومي في منــح الحقوق واالمتيازات، وتوضح االعتبارات األمنية وراء جزء من السياســات اإلســرائيلية في الضفة الغربية، " بعض " .) 13 لكنها ليست السبب الرئيس( )، فإن الحجج اإلسرائيلية Omer Tsinani ووفقًا للباحث اإلسرائيلي، عومر تسنعني ( القائمة على األمن تختلط إلى حد كبير بعناصر أيديولوجية، وأثير نقاش حقيقي تجاه هو اختراع ال أساس " الحل األمني " المبادئ فيما يتعلق بمسألة األمن بين الطرفين، فـ االدعاءات " إسرائيل " له في الواقع؛ إذ إن هذا ليس ادعاء أمنيًّا حقيقيًّا؛ بالتالي تستخدم ، إلى جانب تعميق االستيطان " الطرف اآلخر " األمنية غطاء لهدف أيديولوجي لخداع
| 18
أم " إسرائيل " ). وســواء أتعلق األمر بأمن ســكان 14 في جميع أنحاء الضفة الغربية( بأمن المستوطنين، فقد عملت الحجج األمنية في كثير من األحيان من خالل سياسة تعــرِّف جميع الفلســطينيين على أنهم خطر أمني، بحكــم عرقِهم وأصلهم القومي، .) 15 وليست سياسة معدة خصيصًا وفقًا للمصالح األمنية( واســتنادًا على ذلك، يعمل الخطاب اإلســرائيلي على أمننة سياســاته االســتعمارية االســتيطانية اإلحالليــة، عن طريق صياغة جمع مركب بيــن األيديولوجية واألمن، لتبريــر انتهاكاتــه واعتداءاته بأنها لحاجات أمنية، وبذلك يســتمر في فرض الوقائع وتطبيقهــا على األرض الفلســطينية، بأقل قدر ممكن مــن االنتقاد الدولي والقانوني تتكيف معه وفق عالقاتها " إســرائيل " لسياســاته، ورغم أنه مركب متناقض، إال أن الدولية واإلقليمية. . من اإلستارتيجية إلى الحجة األمنية 1.2 من منطلقات وذرائع أمنية؛ إذ في السنة 1967 بدأ االستيطان في األراضي المحتلة سنة )على طاولة الحكومة اإلسرائيلية مبادرة 16 () Yegaal Alon نفسها عرض يغآل ألون ( لتسوية واسعة النطاق خارج الخط األخضر، وكان اقتراح ألون إقامة مستوطنات في الخاصرة " المناطق المحيطة بالقدس وشرق الضفة الغربية؛ من أجل معالجة مشكلة ، والتهديد العســكري العربي من الشرق؛ مما يعوق " إســرائيل " في وســط " الضيقة أي هجوم بري. وكان من المفترض إنشــاء المستوطنات اليهودية في مناطق سكانها الفلســطينيون قليل، والهدف اآلخر للخطة هو فرض وقائع على األرض اســتعدادًا ). كما 17 ( 1967 للمفاوضات المســتقبلية مــع العرب حول المناطق المحتلة ســنة ) -عندما كان وزيرًا للزراعة ســنة Ariel Sharon ركــزت رؤيــة أريئيــل شــارون ( - علــى االســتيطان في قمم الجبال والمرتفعــات في الضفة الغربية، من أجل 1977 تحقيق تفوق إسرائيلي، عسكريًّا وأمنيًّا، في أي مواجهة، وأيضًا بهدف تحقيق التفوق االستعماري والهيمنة على المستعمَر العربي الفلسطيني، وإبقائه تحت مجهر المراقبة .) 18 والمعاقبة(
19 |
)19 خارطة توضح مناطق االستيطان وفق مشروع ألون (
على أســاس االفتراض بأن سكان المستوطنات -إذا لزم " مشــروع ألون " وقد وُضع حتى تعبئة وحدات " العدو " األمر- سيساعدون الجيش اإلسرائيلي على وقف جيوش االحتياط التي تشــكل أغلب القوات المقاتلة، وهذه الفكرة كانت شــائعة جدًّا في تلك األيام؛ إذ أثناء القتال في المســتوطنات من المفترض أن يعمل المســتوطنون على شــكل مجمعات محصنة تؤخر وتعيق تقدم الجيوش العربية، ولكن في العقود ، وال يوجد حاليًّا أثــر لهذا المفهوم " إســرائيل " األخيــرة تغيــرت نظرية الدفاع عن ،) Gadi Shamni في خطط الجيش اإلســرائيلي، كما أوضح اللواء غادي شــامني ( ؛ إذ قال: 2016 اللواء السابق في القيادة المركزية اإلسرائيلية، في مقابلة أجراها سنة المســألة األمنية ليس لها عالقة بالموضوع... نحن نعرف كيف نحمي الدولة حتى " .) 20 ( " دون اللجوء إلى المستوطنات
| 20
، وسيطرة حزب 1977 ، سنة " إســرائيل " في " االنقالب السياســي " وبعد ما ســمي بـ الليكود على الحكم، بدا الخطاب الرسمي أقرب إلى استخدام المبررات األيديولوجية- الدينية لعملية توسع االستيطان في األراضي المحتلة؛ كون الضفة الغربية -وفق رؤية أرض إسرائيل " ، ويرى قادته أن " أرض اآلباء واألجداد وأرض التوراة " الحزب- هي هي من حقهم، وواجب ديني استعمارها. أما بشأن الفلسطينيين، فإن خطاب " الكاملة حــزب الليكود، تاريخيًّا، يــدور حول الحديث عن كيان ما دون الحكم الذاتي، من (إيرتس يسرائيل)، " أرض إسرائيل " دون سيادة على األرض، باعتبار أن األرض هي .) 21 ( 2018 وهذا ما تم إقراره في قانون أساس الدولة القومية، سنة ، كان الوضع على األرض يروي 1993 وطوال ســنوات ما بعد اتفاق أوســلو ســنة الضفة الغربية إلى درجة من العســير النكوص " إســرائيل " قصة مختلفة؛ إذ غيرت عنها بسهولة، منتهكة بذلك المبادئ األساسية لقوانين االحتالل، واستغلت األراضي في الضفة الغربية بصفتها " إســرائيل " ومواردها لتلبية احتياجاتها الخاصة، وتصرفت دولة ذات سيادة وليست قوة احتالل، وقامت بإجراء تغييرات إستراتيجية على األرض وفــي مجاالت الحياة كافة، بما في ذلك سياســة األراضــي، وتطوير البنى التحتية، والتخطيــط والبناء والتشــريع، والضرائب، وزراعة أراضي الضفــة لتلبية احتياجاتها االقتصادية، وشــجعت قطاع األعمال على استغالل الموارد الطبيعية، بما فيها المياه .) 22 الجوفية( ويتزامن ذلك مع ضغط المســتوطنين على الحكومة اإلسرائيلية لتبني سياسة رسمية لتوســيع المستوطنات، مع إبعاد وتهجير الفلســطينيين عن أراضيهم قسرًا، فقد قدم يجب أن تشمل جميع مناطق " رؤساء المستوطنات اقتراحًا بأن أراضي المستوطنات: . " التخطيط في المستوطنات والمجالس االستيطانية، زيادة على احتياطي أرضي مناسب وأنه من أجل أنشاء حزام أمني ومناطق خاضعة للسيطرة حول المستوطنات ونحوها، ســتحتل الحكومة اإلسرائيلية األراضي وفقًا لالحتياجات األمنية للمستوطنات، وفي .) 23 الوقت ذاته ستمنع البناء العربي/الفلسطيني خارج المناطق السكانية الفلسطينية( بدأ فع ًل من منطلقات 1967 يمكن القول، بأن االستيطان في األراضي المحتلة سنة من الشرق، " إسرائيل " أمنية، في إطار التجهيز للمواجهة مع الجيوش العربية المهدِدة لـ في محاولة إليجاد عمق إستراتيجي يمكن الجيش اإلسرائيلي من حشد وتعبئة قواته
21 |
توجه يرى أن الضفة الغربية أكثر " إسرائيل " االحتياطية، وفي الوقت نفسه، برز لدى ارتباطًــا بالعقيدة اليهودية؛ بالتالي ال يمكــن التخلي عنها من منطلقات أيديولوجية، من أمننة أيديولوجية االستيطان، أي إن االستيطان ال يعمل " إسرائيل " وبذلك تمكنت لخدمة األمن، بل األمن يعمل لخدمة االســتيطان؛ وذلك ألن االستيطان يتمركز في عمق األيديولوجية الصهيونية. . في عمق األيديولوجية الصهيونية 1.3 ، من االعتقاد بأن " إســرائيل " ينبــع فهــم وإدراك اليهود الصهاينة لفكرة الوجود في ، وهذا الحق مجمَع عليه عند نسبة " شــعب إسرائيل " هي ملك لـ " أرض إســرائيل " كبيرة من اإلســرائيليين، ولكن من الواضح أنه متجذر في نابلس والخليل وبالتأكيد فــي القــدس، أكثر منه في تــل أبيب وحيفا، لذلك فإن التخلي عــن الضفة الغربية أرض " (التي يسمونها يهودا والسامرة) سيضر بشرعية مكانة اليهود في جميع أنحاء .) 24 ، وليس في الضفة الغربية فحسب( " إسرائيل إن أولئك الذين " :) Yaakov Amidror وفــي هــذا الصدد، يقول يعكوف عميدرور ( ال يعــد هــذا الحق مطالبة تاريخية لهم، بل ينبع من مفهــوم ديني، من الواضح أنه فــي الجانب الديني ال أحد لديه المقــدرة على التنازل عن األرض التي منحها الله ؛ ووفقًا لهذا الفهم، فإن عالقة اإلسرائيليين باألرض أقوى وأكثر عمقًا " لشعب إسرائيل شــعب " مما تبدو عليه النظرة الســطحية. ووفقًا لما جاء في التوراة، فإنه ال يمكن لـ ). وقد 25 ( " أرض إسرائيل " في " أجنبي " أن يمنح حكمًا أو ســيادة لشعب " إســرائيل )، رئيس األركان اإلسرائيلي السابق، والوزير فيما Moshe Dayan زعم موشيه ديان ( إن الضفة الغربية " بقوله: 1981 الصادر سنة " المنتصر يأكل الســيف " بعد، في كتابه هي وطننا، وحتى لو لم يتم تطبيق الســيادة اإلســرائيلية عليها، فإننا يجب أال نوافق .) 26 ( " على تسليمها لسيادة حكومة أجنبية [أي الفلسطينيين] ،) Moshe Ya ' alon اإلســرائيلي الســابق، موشــيه يعلــون ( " الدفاع " وادعــى وزير : " احتياجات إســرائيل األمنية لتســوية سياســية مع الفلســطينيين " في مقدمة كتابه إن إســرائيل تركز على الحقوق القومية والتاريخية لشــعب إســرائيل على أرض " ، وهذا يوضح العنصر والســياق التاريخي والحواري للحجج المتعلقة " إســرائيل...
| 22
باألمن والحدود، وبالتالي االســتيطان. وذهبت نائبة وزير الخارجية اإلســرائيلية من )، إلى أبعد من ذلك، وأزالت Tzipi Hotovely حزب الليكود، تســيبي حوتوبيلي ( 25 على مدار " إسرائيل " الغطاء عن السياســات اإلسرائيلية، عندما اشــتكت من أن ســنة لم تدافع عن المشــروع االســتيطاني أيديولوجيًّا، ولكن الحجة كانت ألسباب الساحة للرواية الفلسطينية القائلة إنها أرض " إسرائيل " أمنية فحسب، وبذلك تركت .) 27 محتلة( وتعد سياسة االستعمار االستيطاني اإلحاللي هي السياسة العملية أو التنفيذية لمفهوم ، والســيطرة على المياه في " إســرائيل " الصهيونية، فهي ترمي إلى زيادة عدد ســكان األراضــي المحتلة، ودفع الســكان العرب إلى النزوح عــن أرضهم، بما يمكِّن من توســيع النطاق الجغرافي لالستيطان، ويمهد بالتالي لمزيد من التوسع، وهي اإلطار .) 28 الجامع لألحزاب اإلســرائيلية كافة، ســواء أكانت في السلطة أم في المعارضة( ويمكن القول: إن االســتيطان والمســتعمرات والمستوطنين هم جزء من بنية الدولة وفكرها وممارســاتها وتخيالتها وطموحاتها ورؤيتها لمســتقبلها؛ أي إن االستيطان .) 29 ثابت، وليس متحوًل في المشروع االستيطاني الصهيوني( ويــرى الدكتــور أمل جمال، أنــه ال توجد إمكانية لفصل هوية الدولة اإلســرائيلية، كما هي معرَّفة قانونيًّا وسياســيًّا، عن حركة االستيطان والتوسع، وتفريغ األرض من سكانها األصليين. بمعنى أن مشروع الدولة لم يكتمل بعد، فهي حتى اآلن لم تعرف حدودها السياســية، ولم تعرِف تمامًا من هم مواطنوها، والجمعية التأسيســية لم تنه دولة في طور التأســيس المستمر، تعيش كأنها ثورة " إســرائيل " عملها بعد؛ إذن تعد .) 30 األولى( " الخلق " مستمرة، وتعيش كأنها دائمًا في لحظة ووفقًا للدراســات المتخصصة باالســتعمار االســتيطاني، يوجد فــرق منهجي بين إلى الحصول " الكالسيكي " االســتعمار واالستيطان واإلحالل؛ إذ يهدف االستعمار على الموارد واســتغالل المواد الخام، وليس على االســتيطان والبقاء في األرض، البلد " وبموجب االستعمار االستيطاني، فإن المستعمِر جاء ليبقى ويبني مشروعه في ، أما اإلحالل، فيعمل على تهجير العرب/الفلســطينيين وإحالل اليهود بد ًل " الجديد منهم؛ وعليه فإن نظام االستعمار اإلسرائيلي الهجين جاء ليتعمق، وليسيطر على البلد بالكامل، ويبدل معالمه بشكل تام. وضمن هذا المنطق، فإن السكان األصليين يمثلون
23 |
عامل إعاقة أمام مشــروعه، ولذلك يتبنى سياسة تقوم على محو وجودهم، وإن كان .) 31 ذلك بدرجات وأساليب متنوعة( القدس " ، مثل 1967 ونظرًا إلى القدسية الخاصة لألماكن التي جرى احتاللها منذ سنة والخليل، يشير كثير من الباحثين اإلسرائيليين إلى أنه لم يجر االكتفاء، مثلما " الشرقية هو مفترض، بطرح األســئلة السياســاتية عن مصير المناطق المحتلة بلغة الحسابات العملية، مثل موازين القوى، والميزانيات، والوضع الدولي، والضرورات األمنية، فقد أصبحت األســئلة تصاغ بلغة دينية عما إذا كان يحق ألحد من الساســة اإلسرائيليين منحها الله لشعبه المختار! فتحول " الشعب اليهودي " عن مناطق مقدسة لـ " التنازل " الربانيم -رجال الدين اليهودي- من مجرد قيادة روحية دينية إلى قيادة سياسية تبت في األمور السياســاتية المصيرية. كذلك بــدأت الصهيونية حركة علمانية تعتقد أنها تستطيع أن توظف الخطاب الديني من أجل مشروع علماني قومي، لتجد بعد حوالي قرن من الزمن أن القوى الدينية القومية توظف إنجازاتها هي ضمن مشــروع ديني، أي إن الصهيونية بدأت تســتعمل الدين وســيلة، وبعد قرن يبدو أن المؤسسة الدينية .) 32 تستعمل الدولة نفسها وسيلة( عبارة عن كيان ال يزال في طور " إســرائيل " وبناء على ما ســبق؛ يمكن القول: إن النشــوء، متحرك ال يعرف الســكون، وذي حدود مرنة ال تعــرف الثبات، بناء على سياســة إستراتيجية توسعية، تسير وفق أهداف وأفكار صهيونية بعيدة المدى، تستند في تطبيقها على األرض على أمننة الخطاب السياساتي؛ في محاولة ألن يكون تطبيق األيديولوجية الصهيونية القائمة على االســتعمار االســتيطاني اإلحاللي على األرض من تفسير العالقة بين " إسرائيل " العربية الفلســطينية تطبيقًا شــرعيًّا، بدون أن تقترب سياساتها االستعمارية وتطبيقاتها األمننية! . العالقة بين سياسات االستعمار االستيطاني اإلحاللي واألمننة 2 . العالقة بين المستوطنات واألمننة: أسطورة اإلسهام األمني للمستوطنات 2.1 إن الحجة التي تثار مرارًا وتكرارًا في قضية االستيطان، هي اإلسهام األمني للمستوطنات ، وجذور الحجة واضحة بالنظر إلــى أن الصهيونية منذ بدايتها " إســرائيل " فــي أمن خلقت عالقة وثيقة بين االســتيطان والدفاع؛ إذ إن الحجة القائلة إن المســتوطنات
| 24
يُستمع لها بشكل رئيس من طرف القادة والسياسيين، وفي " إسرائيل " ضرورية ألمن ، دراسة شاملة فحصت العالقة 2017 هذا السياق، نشر مركز موالد اإلسرائيلي، سنة ، ومن البيانات التي استُعرِضت ظهر أن " إسرائيل " بين المســتوطنات وأهميتها ألمن االســتيطان ال يســهم في األمن بأي شكل من األشــكال؛ بل يشكِّل عبئًا أمنيًّا ثقي ًل .) 33 على الجيش اإلسرائيلي( ويُظهر أعضاء كبار في المؤسســة األمنية اإلســرائيلية وجود شــبه إجماع في هذه األيام أنه حتى لو كانت فكرة المســتوطنات تســهم في تحقيق األمن في الماضي، فهي اليوم تفتقر إلى أي شــرعية أو صالحية؛ ألنه باختصار، أصبحت المســتوطنات حاليًّا نقطة ضعف عسكرية؛ ألنها هدف سهل للهجوم، ويصعب الدفاع عنها؛ إذ إن حماية المستوطنين اإلسرائيليين الذين يعيشون في قلب األراضي الفلسطينية تزيد من .) 34 التحديات األمنية للجيش اإلسرائيلي وقدرته على حمايتهم( Avishai Ben Sasson ووفقًا للباحث اإلسرائيلي، أفيشاي بن ساسون-جورديس (- )، فإن الحجة األمنية عن المســتوطنات سقطت بعد اختفاء التهديد التقليدي Gordis من الشــرق، فقد كان الهدف األســاس للسيطرة على الضفة الغربية هو خلق منطقة عازلة من شأنها تأخير الهجوم العربي العراقي أو األردني من الشرق، بعد أن قدَّرت الحكومة اإلسرائيلية أهمية العمق اإلستراتيجي الذي يسمح بمسافة آمنة، لكن بسبب ؛ إذ وقعت " إسرائيل " التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، لم تعد هذه الجيوش تهدد ؛ كذلك االحتالل األميركي للعراق سنة 1994 ، سنة " إسرائيل " األردن اتفاقية سالم مع ؛ ما حيَّد الدولتين رسميًّا عن الصراع، أما التهديد الرئيس الذي ال يزال يواجه 2003 فهو التهديد الصاروخي اإليراني، بحكم طبيعته، ولكن التعامل مع تهديد " إسرائيل " .) 35 الصواريخ ال عالقة له بالسيطرة على الضفة الغربية( ) لدارسات السالم، Tami Steinmetz وجاء في دراســة أعدها معهد تامي شتاينمتز ( أن الضرر الذي أحدثه وجود الجيش اإلســرائيلي في الضفة الغربية يتفاقم بســبب سياســة االستيطان المتزايدة، زيادة على الصعوبة التي تفرضها المستوطنات؛ إذ إنها ، فالمستوطنات ال توفر األمن لـ " إسرائيل " تخلق عبئًا سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا على ، ولكنها تجبر الجيش على حراســة المناطق بشكل مستمر على حساب " إســرائيل " ). وجاء في دراسة لهيومن رايتس ووتش 36 االســتعداد العســكري للحرب القادمة(
25 |
إن طموح إســرائيل في حماية المســتوطنين في الضفة " :) Human Rights Watch ( الغربية والقدس الشرقية وداخل إسرائيل من التهديد الذي تشكله الهجمات التي تشنها .) 37 ( " المنظمات الفلسطينية المسلحة، ال يبرر الحجج األمنية، وال عالقة له باألمن والســؤال المحوري هنا: كيف تضر المستوطنات باألمن اإلسرائيلي؟ فيأتي الجواب بأن المســتوطنات تعمل على إطالة خط الدفاع الذي يتعين على الجيش اإلسرائيلي والضفة الغربية أطول " إسرائيل " تأمينه. وفي تقدير إسرائيلي، فإن الخط الفاصل بين بخمس مرات على األقل مما يمكن أن يكون بدون المستوطنات، ويترتب على ذلك أن الحاجة إلى حماية المســتوطنين اإلســرائيليين في قلب المناطق الفلسطينية تثقل .) 38 وتستنزف إمكانيات الجيش اإلسرائيلي بشكل كبير( وفي تقدير آخر، ال يمكن حســاب الطول الدقيق للخط الدفاعي اإلســرائيلي حول مستوطنات الضفة الغربية، ومع ذلك، يمكن للمرء أن يفهم أن طول الخط األخضر كم، في المقابل يبلغ طول الجدار الفاصل الذي يتجاوز الخط األخضر 320 حوالي كم، أي أكثر من مرتين، والجيش ال يحمي الخط 700 في كثير من المناطق حوالي األخضــر، بل يحمــي الجدار الفاصل، زيادة على أن التقدير األول لم يشــمل بقية .) 39 المحاور، وال حتى الطرق غير الممهدة( " إسرائيل " وترى المؤسســة األمنية اإلســرائيلية، أن التهديد الرئيس الذي ستواجهه في الضفة الغربية، في الوقت الحاضر والمستقبل المنظور، ليس لجيش تقليدي من إحدى دول المنطقة، ولكن من التنظيمات الفلســطينية، لذلك فأضرار المســتوطنات يجب قياســها مقابل هذا الســيناريو؛ إذ أضرت المستوطنات " إســرائيل " على أمن بالمصالــح األمنية، فقد أدى طول خطــوط الدفاع، إلى احتياج كم كبير من القوات المطلوبة للدفاع عن المستوطنات؛ للحفاظ على أمن المستوطنين الذين يعيشون في .) 40 وهي الضفة الغربية( " معادية " قلب منطقة إذا لم توجد مستوطنات، فال مبرر لوجود الجيش اإلسرائيلي، " ووفقًا لغادي شامني: . وفي " الســبب في وجود الجيش؛ أن هناك مستوطنين إسرائيليين بحاجة إلى حماية ، على ســبيل المثال، صرَّح مســؤول كبير فــي وزارة الدفاع 2016 يونيو/حزيــران يوجد الكثير من التجهيزات المطلوبــة للحرب ضد حزب الله، " اإلســرائيلية بأنــه:
| 26
لكن المشــكلة هي أننا مقيدون في قدرتنا علــى التدريب والتطوير؛ ألن جزءًا كبيرًا .) 41 ( " من إعداد قواتنا متموضع في الضفة الغربية ويشتمل مفهوم األمن القومي اإلسرائيلي على مكونات غير عسكرية عدة، منها الوضع الدولي وســيادة القانون والتماسك االجتماعي؛ وبذلك فإن مشروع االستيطان يضر بشكل كبير بكل هذه المتغيرات، فالمستوطنات هي السبب الرئيس للتدهور الشديد في العالم، وقدرتها على تحقيق بعض أهدافها على الســاحة " إســرائيل " في مكانة الدولية؛ حيث يســود اإلجماع على أن المستوطنات والجدار الفاصل تشكل انتهاكًا مدركة أن أمنها " إسرائيل " للقانون الدولي، وكل ذلك يأتي مع أن القيادة السياسة في .) 42 وبقاءها يعتمد على الدعم الدولي( عبر خطابها من أمننة سياساتها المنبثقة من أيديولوجية االستعمار " إسرائيل " تمكنت االستيطاني اإلحاللي، باختالق حجة اإلسهام األمني للمستوطنات في الدفاع، بيد أن الواقع يشير إلى أنه ال عالقة بين االستيطان واألمن، بل إن االستيطان يشكِّل عبئًا أمنيًّا ، ويظهر ذلك الهدف من االستيطان بأنه " إسرائيل " وعسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا على عبء االستيطان في سبيل التمسك " إســرائيل " هدف أيديولوجي، ومع ذلك تتحمل باأليديولوجية. . جدار الفصل العنصري والتهويد وعالقتهما باألمننة 2.2 جدار الفصل العنصري، ليقوم بــدور الحاجز الفيزيائي الذي يمنع " إســرائيل " بنَت ، وأقيــم أغلبه في األراضي 1948 الفلســطينيين مــن دخول األراضي المحتلة ســنة ، وشــكَّل أداة لســلب مزيد من األراضي. ويعوق الجدار حركة 1967 المحتلة ســنة الفلسطينيين اليومية؛ إذ تصبح المناطق الواقعة بينه وبين خط الرابع من يونيو/حزيران عن الضفة الغربية- مناطق عسكرية مغلقة، وتبلغ " إسرائيل " -الذي كان يفصل 1967 20 في المئة من مساحة الضفة الغربية. ويسير الجدار على الخط األخضر بنسبة 10 .) 43 في المئة، ويمر ما تبقى داخل أراضي الضفة الغربية( الجدار الفاصل " :) 44 () Gershon Hacohen ووفقًا لدراسة أعدها غيرشون هاكوهين ( نجح " ، وأردف: " هو قاطرة وقودها سياسي أيديولوجي، والسكة الحديدية هي األمن مؤيدو الجدار [من اإلسرائيليين] في خلق وعي سياسي زائف لرؤية الجدار على أنه أمني، في حين تأســس موقف المعارضين باعتباره مدفوعًا باأليديولوجية واألجندة
27 |
. وفي العقدين األخيرين، استُغلَّت قضية األمن وشعور اإلسرائيليين بالقلق، " السياسية وغذَّى هذا الشعور القائم على فكرة عدم القدرة على توفير األمن القيادات السياسية واألحزاب ذات المصلحة، وهو ادعاء كاذب (وفق هاكوهين)، استُغل من أجل جلب .) 45 الشخصيات األيديولوجية التي ال تريد االنسحاب من الضفة الغربية( )46( 2020 خارطة توضح مسار الجدار الفاصل - حتى
بيد أن االعتبارات األمنية في تحديد مســار الجدار الفاصل تعلقت بإمكانية التوســع المســتقبلي لالستيطان، وفي هذا الســياق أورد هاكوهين في دراسته، مثا ًل يعبِّر عن الحالة األيديولوجية المستترة بالحجج األمنية في تحديد مسار الجدار، عبر االطالع ؛ إذ " بَتير " على االلتماس المقدم من مجلس اســتيطاني في الضفة الغربية في منطقة مناطقهم " ادعى الملتمســون أن المســار الذي أنشأته قوات األمن، سيُلحق الضرر بـ
| 28
ومسؤولوها أن استكمال مسار الجدار " الدولة " ، ومن ناحية أخرى أكدت " الزراعية إلى مدينة القدس، وبعد االستماع " اإلرهابيين " ضروري لسد ثغرات تسلل " كما هو " بإجراء مزيد من التفكير في طبيعة " الدولة " إلــى حجج األطراف، أمرت المحكمــة " الدولة " ، وبعد إعادة التقييــم، قررت " المنطقة اإلشــكالية " الترتيبــات األمنيــة في أنــه باإلمكان إجراء عدة تغييرات على مســار الجــدار الفاصل. علمًا بأنه في معظم بأن المســتوطنات " الدولة " الحاالت قبلت محكمة العدل العليا اإلســرائيلية حجة تخدم احتياجات عســكرية وأمنية ملحَّة، وسمحت لها باالستيالء على أراض خاصة .) 47 إلقامتها( إلجراء تغييرات بعيدة المدى " الدولة " وبناء على ذلك، يمكن القول: إن اســتعداد في طبيعة مســار جدار الفصل العنصري وموقعه -مع أن إســرائيل تعد ذلك خطرًا أمنيًّا- ال يسعه إال أن يثير التساؤل: كيف يمكن التنازل عن مبادئ أمنية مركزية في األمن القومي اإلســرائيلي؟ ويوضح هذا المثال، وغيره كثير، أن مشروع الجدار هو " في البداية " ، وأن الجدار أُسِّــس " مشــروعًا أمنيًّا " تطبيق أليديولوجية أكثر من كونه ليكون بمنزلة حدود سياسية غطي باالعتبارات األمنية، في توظيف واضح لألمننة. وفي الوقت الذي كان فيه قرار بناء الجدار الفاصل ناضجًا، كان القرار الذي اتخذته ؛ لدرء خطر 2002 ، ســنة " الســور الواقي " الحكومة اإلســرائيلية هو إطالق عملية )؛ وهذا يسقط الحجة األمنية عن إقامة الجدار، ألنه لو كان 48 العمليات االستشهادية( للقضاء على منفذي العمليات " السور الواقي " عملية " إسرائيل " هدفه أمنيًّا، لما شنَّت أمننت بناء الجدار في " إســرائيل " االستشــهادية في الضفة الغربية، وبذلك يتضح أن محاولة لالستيالء على مزيد من األراضي الفلسطينية. وعمل قســم التاريخ في ركن العمليات في الجيش اإلســرائيلي في يونيو/حزيران ، أي بعــد حوالــي عامين من بدء بناء الجدار الفاصل، على استشــراف بعض 2004 التحديات التي سيتعين على مشروع الجدار الفاصل مواجهتها مستقب ًلً، ونشر دراسة )، وهو الســياج الذي بناه الفرنســيون على Morice Line ( " خط موريس " تاريخية لـ الحدود التونســية-الجزائرية خالل فترة االســتعمار الفرنسي في الجزائر، ومما جاء في الدراســة، أنه من المهم دراســة نماذج تاريخية مماثلة يمكن استخالص دروس ذات صلة بواقع اليوم منها، وأوضحت الدراسة أنه أمكن العثور على مثال لمحاولة
29 |
من خالل ســياج أمني في تاريخ الحرب " العصابات واإلرهاب " التعامل مع تهديد الفرنســية في الجزائر فترة الخمســينات، وخلصت الدراسة إلى أن النشاط الدفاعي ، رغم كلفته، طُوِّرت تكتيكات مختلفة ومتنوعة للتغلب عليه، مثل " خــط موريس " لـ .) 49 حفر األنفاق تحته( وننتقل بالتوازي مع الحالة الجزائرية إلى الحالة الفلسطينية، لنسأل السؤال نفسه: هل منع الجدار الفاصل عمليات المقاومة الفلسطينية؟ يجيب غيرشون هاكوهين: بأنه ال السور " جدال في أن االنخفاض الكبير في العمليات االستشــهادية هو نتيجة لعملية ، زيادة على استمرار النشاط المكثف للجيش اإلسرائيلي وجهاز األمن العام " الواقي (الشاباك) في الضفة الغربية، أي إن المعركة المفتوحة والمستمرة التي يشنها الجيش الســور " اإلســرائيلي ضد عناصر المقاومة الفلســطينية في الضفة الغربية منذ عملية ، هي من ألحقت ضررًا كبيرًا بقدرات المقاومة الفلســطينية، ولم يكن ســبب " الواقي .) 50 ذلك هو الجدار الفاصل( ويقارن الجيش اإلســرائيلي بين الجدار الفاصل في الضفة الغربية والجدار الفاصل الــذي يحيــط بقطاع غزة (في بعض مناطق القطاع يوجد جدار فاصل فوق األرض، مترًا 70 وســياج فاصــل على كامل الحدود، وجدار تحــت األرض بعمق يصل إلى علــى كامــل الحدود)، أي إنه في كلتا الحالتين بُنِي جدار فاصل، وأصبح قطاع غزة محاطًا بالجدار والسياج الفاصل، زيادة إلى الجدار تحت األرض؛ لكن في قطاع غزة لم يمنع هذا الجدار عمليات المقاومة، واســتمرت حركة حماس في تنفيذ عمليات عســكرية، وإطالق الصواريخ؛ أي إنه من الناحية العملية لم يوقف الجدار الفاصل عمليــات المقاومــة، وبالتالــي لم يحقق األمن، وكل ما حققه في أحســن األحوال أنه أجبر المقاومة الفلســطينية على تغييــر تكتيكاتها لكي تتالءم مع الواقع الجديد، )، كما تغلبت المقاومة الجزائرية 51 وابتكرت أســاليب جديدة وذكية للتغلب عليــه( على خط موريس الفرنسي. لديهم قناعة " إسرائيل " ويمكن القول: إن المستوى السياسي واألمني والعسكري في بنــاء على دراســاتهم وتجاربهم بأن الجــدار الفاصل لم ولن يحقق األمن؛ إذ جرى التغلب عليه بأســاليب وتكتيكات عديدة على امتداد الصراع مع الفلســطينيين، لكن عبر سياساتها تسوِّق حجتها األمنية لتبرير تمددها في األراضي الفلسطينية، " إسرائيل " مدفوعة باأليديولوجية واألجندة االستيطانية اإلحاللية.
| 30
محاوالتها الحثيثة لتهويد القدس (محو الهوية " إســرائيل " فض ًل عن ذلك، تواصل العربية اإلســ مية وإضفاء الطابع اليهودي على المــكان)، وتركيز الوجود اليهودي فيها على حساب السكان الفلسطينيين، باتباع سياسات تغطي مناحي الحياة كافة، من تكثيف االستيطان، وتمزيق التواصل بين األحياء الفلسطينية، وتكثيف مصادرة المباني وإحالل سكان يهود فيها، إلى مد الطرق واألنفاق والجسور وخطوط القطار، وأسرلة التعليم، وترافق ذلك مع تشريعات وقوانين تحاول مأسسة ذلك، وتقدر بعض التقارير .) 52 % من مساحة البلدة القديمة هُوِّدت( 22 أن إلى أمننة حركة الفلسطينيين من وإلى المسجد األقصى المبارك، " إسرائيل " وسعت اســتعدادًا لتقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا، على ضوء تجربتها في تقسيم المسجد اإلبراهيمي على أنقاض أو بجانب المســجد " هيكل ســليمان " في مدينة الخليل، تمهيدًا إلقامة هبَّة البوابات " ، على سبيل المثال، اندلعت ما سميت 2017 األقصى. ففي صيف سنة ، إثر قيام الســلطات اإلســرائيلية بتركيب بوابات إلكترونية على أبواب " اإللكترونية ،) 53 ومداخل المسجد األقصى، هدفها الظاهر هو الفحص اإللكتروني للفلسطينيين( مع الســماح لليهود باقتحام المســجد األقصى، وأداء طقوس تلمودية تحت حماية الجيش والشرطة اإلسرائيلية. ويشــي ذلك بأن االحتالل اإلسرائيلي طبَّق األمننة عن طريق تقييد الحركة من وإلى المسجد األقصى عبر بواباته اإللكترونية وإجراءاته األخرى؛ ما فرض إجراءات أمنية قاســية على الفلســطينيين تنطلق من دوافع أيديولوجية-دينية، في محاولة لالستفراد باألقصــى؛ للتمكن من محو عروبة وإســ مية المكان ثــم تهويده. في الوقت الذي بموازين القوى على الفلسطينيين بكامل قواهم. " إسرائيل " تتفوق فيه . األمن اإلسارئيلي مقابل الفلسطينيين: موازين القوى 3 . الجيش اإلسارئيلي مقابل الفلسطينيين 3.1 )، وهو عضو كنيست سابق عن حزب العمل، Haim Ramon يفترض حاييم رامون ( أنه ستنشــب حرب مع الفلســطينيين، ويتســاءل: أي نوع من الحروب ستكون؟ ثم عنصر من حركة حماس 4000 – 3000 يجيب: الجيش اإلسرائيلي بكل قدراته، مقابل في الضفة الغربية غير مجهزين بأي شــيء؟ إذا كان الفلسطينيون يشكلون أي تهديد
31 |
لي، فســأحتل الضفة الغربية خالل أربع وعشــرين ســاعة، وكيف أعرف ذلك؟ ألن ، اســتعدت السيطرة على المنطقة، وانهارت " الســور الواقي " هذا ما فعلته في عملية السلطة الفلسطينية في يوم واحد. وقال للصحفي آري شافيت، إنه متمسك بإمكانية انسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية في نموذج مشابه لما تم تنفيذه في خطة (انسحاب إسرائيلي بدون اتفاق)، وقد أطلَق عليها 2005 فك االرتباط عن غزة، سنة .) 54 ( " خطة االنطواء " اسم ووفقًا لوثيقة إســتراتيجية الجيش اإلسرائيلي، التي وزعت على الجمهور اإلسرائيلي ، والتي تضمنت توجيهات مشــروطة بخصوص اإلســتراتيجية 2015 ألول مرة ســنة األمنية اإلســرائيلية، وأكدت على الطبيعة اإلشــكالية لالعتمــاد المفرط على القوة العســكرية في سياق غير متكافئ مقابل الضفة الغربية، والحاجة إلى تحسين الحوار بين الجيش والمســتوى السياســي، وال تتضمن الوثيقة تقريبًا أي إشــارة إلى وجود إنه " ). وفي السياق، يقول غادي شامني: 55 تهديد وجودي ينطلق من الضفة الغربية( .) 56 ال يوجد أي مبرر أمني الستمرار احتالل الضفة الغربية( )، الرئيس السابق لقسم األبحاث والتحليل في Dror Shalom وحذر درور شــالوم ( ال تزال إسرائيل تسيطر عسكريًّا على " ركن االســتخبارات في الجيش اإلســرائيلي: ماليين الفلســطينيين، بــدون إعطائهم أي من حقوقهم، وتحقيــق أي من تطلعاتهم الوطنية، وإن أي فحص تاريخي... يُظهر بشكل ال لبس فيه أن الشعوب والمجتمعات .) 57 ( " ال تبقى تحت االحتالل العسكري لفترة طويلة دون محاولة التحرر منه ال يمكن استئصال المقاومة " : " قادة من أجل أمن إسرائيل " ووفقًا لدراسة أعدها موقع الفلسطينية باإلجراءات األمنية وحدها، مهما كانت حازمة وشاملة؛ فقد شنَّت إسرائيل )، ولم تهزم حركة حماس، 2021 ثــ ث حروب علــى قطاع غزة (وبعدها عــدوان تحارب موجات اإلرهاب في الضفة الغربية باستخدام جميع " إسرائيل " ومنذ عقود و .) 58 ( " أساليب الحرب، ولم تتمكن من القضاء عليها وتذهب تقديرات معهد دراســات األمن القومي اإلســرائيلي، إلى أنه كلما تســارع إضعاف الســلطة الفلســطينية، ازدادت حاجة الجيش للوجود بشكل أكبر في الضفة ). وطوال 59 الغربية، ألن فصائل ومجموعات المقاومة الفلسطينية ستمأل ذلك الفراغ( ، اتســم الواقع اإلســرائيلي بمســتوى عال نســبيًّا من األمن 2020 - 2010 الفترة من
| 32
الشــخصي للمســتوطنين في الضفة الغربية، فالجيش اإلســرائيلي والشاباك يحبطان عمليات المقاومة بشكل فعال، عن طريق التعاون األمني مع األجهزة األمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وبحسب أحد رؤساء األجهزة األمنية اإلسرائيلية، فقد حوفظ على األمن خالل العقد الماضي في الضفة الغربية بفضل جهود السلطة الفلسطينية، على .) 60 الرغم من احتماالت التصعيد التي تحوم فوق المنطقة منذ سنوات( وقد شــهد رؤساء المؤسســة األمنية اإلســرائيلية مرارًا وتكرارًا على المزايا الكبيرة للتعاون األمني، ففي اجتماع لجنة الشؤون الخارجية واألمن في الكنيست، في يوليو/ :) Nadav Argaman ، قال رئيس جهاز الشاباك السابق، نداف أرغمان ( 2016 تموز يوجد تنسيق أمني وثيق مع األجهزة األمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وإنهم يعملون " . ووفقًا لمصادر أمنية إسرائيلية فإن " بشكل مكثف ضد نشطاء حماس في الضفة الغربية في المئة من عمليات 40 إلى 30 األجهزة األمنية للسلطة مسؤولة عن إحباط حوالي المقاومة التي تُحبط كل سنة في الضفة الغربية. وقد قال الكولونيل مايكل ميلستين إن التنســيق األمني بين الســلطة الفلسطينية وإسرائيل ذو " :) 61 () Mykel Milstein ( .) 62 ( " فائدة كبيرة، ويساعد الطرفين في التغلب على مختلف التحديات يــروج الخطاب اإلســرائيلي إلــى وجود تهديــدات أمنية كبيرة تنطلــق من الضفة الغربية، بالتزامن مع تطبيق ممارســات أمنية متواصلة على الفلسطينيين؛ لكن الوقائع والشــواهد تنســف أي ادعاء إســرائيلي بوجود تهديدات ومخاطر حقيقية تندفع من الضفة؛ إذ ينطلق الجيش اإلســرائيلي والشــاباك من خارج مراكز المدن في الضفة، وتتكفل أجهزة أمن الســلطة بالضفة من الداخل بتوفير األمن لإلســرائيليين، وذلك ينفي الحجج اإلســرائيلية القائمة على األمننة، والتي تشكِّل المحرك لسير واستمرار االستعمار االستيطاني بأشكاله. يبالغ اليمين بشكل كبير " ، يقول يعكوف عميدرور: " حل الدولتين " وبخصوص قضية في مخاطر قيام دولة فلسطينية مستقلة، الحقيقة أن دولة إسرائيل قوية وستكون أقوى بعشر مرات من أي دولة فلسطينية ستقام، وبعض المخاوف من هذه الدولة حتى لو كانــت معادية؛ هو مبالغ كثيرًا فيها، ويتم إذكاؤها بالنوايا كجزء من محاولة تخويف اإلسرائيليين. في النهاية، فإن دولة فلسطينية منزوعة السالح، حتى لو كانت معادية، ) RAND ). وفي دراسة شاملة نشرها معهد راند ( 63 ( " لن تهدد وجود دولة إسرائيل
33 |
هي التي " الناجحة " حول موضوع الدولة الفلسطينية، ورد فيها أن الدولة الفلسطينية .) 64 والمنطقة( " إسرائيل " ستوفر األمن لسكانها الفلسطينيين ولسكان ) وإيفان جوتســمان Shira Everwel وفي دراســة أجرتها الدكتورة شــيرا إيفرويل ( ، وكانت اســتنتاجات 2020 )، نُشــرت فــي يناير/ كانون الثاني Evan Gottsman ( الدراســة مبنية على المقابالت مع كبار المســؤولين في المستوى السياسي واألمني والواليات المتحدة والسلطة الفلسطينية، بمقارنة جميع البدائل، بما في " إسرائيل " في ، " إسرائيل " ذلك اســتمرار الوضع الراهن، اتضح أن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب لــن يحــدِث أضرارًا لألمن القومي اإلســرائيلي، بل من المتوقع أن يحسِّــنه؛ إذ ال أي تهديد أمني وجودي من الفلســطينيين، فهم وفقًا للتقديرات " إســرائيل " تواجــه اإلسرائيلية، ليس لديهم أسلحة تقليدية أو غير تقليدية بإمكانها تحدي القوة العسكرية ، إن الجزء " قادة من أجل أمن إسرائيل " ). ووفق دراسة أعدها موقع 65 اإلســرائيلية( األكبر من المشــكلة ناتج عن اســتمرار االحتالل اإلســرائيلي والسيطرة على ثالثة ماليين فلســطيني، وممارســة أســاليب تعكس في نتائجها اإلذالل، والفقر المدقع، .) 66 واليأس، وانعدام األمل في مستقبل أفضل، وهذه النتائج تتعمق مع مرور الوقت( بعملياتها العسكرية واعتداءاتها على امتداد " إســرائيل " ويثار هنا تســاؤل: ألم تسهم المناطق المحتلة في إقناع الفلسطينيين بضرورة المقاومة والكفاح على األقل للدفاع عن رغبتها بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم المحتلة " إسرائيل " عن النفس؟ ألم تعبِّر ؟ " أرض إسرائيل الكاملة " واستعادة )، بأن حالة المواجهة Mikhail sfarad ويجيب المحامي اإلسرائيلي، ميخائيل سفراد ( منخفضة الوتيرة بين اإلســرائيليين والفلســطينيين في الضفة الغربية هي نتيجة العنف اإلســرائيلي الموجه ضدهم، الهادف إلى دفعهم للنزوح خارج أراضيهم والســيطرة " يش دين " عليهــا، وكذلك منعهم من التنمية، وتظهــر البيانات التي جمعتها منظمة اإلســرائيلية، على مدار ســنوات، اإلهمال الشديد للفلسطينيين؛ إذ ال يتوافر لهم أي نوع من الحماية مقابل جرائم وانتهاكات المستوطنين، إضافة للتغييرات المستمرة في المنطقة واستيالء المستوطنين على األرض بحماية الجيش اإلسرائيلي، والتي تحصل .) 67 غالبًا على موافقة قانونية بعد فترة( وهكذا يدل اســتعراض السياســات اإلسرائيلية القائمة على أمننة تجريد الفلسطينيين ثانيًا، (وهو " العنف غير الرسمي " أو ًلً، و " العنف الرســمي " من أراضيهم من خالل
| 34
ال تواجه أي تهديد أمني وجودي " إسرائيل " عنف المستوطنين اليهود)، وفي ضوء أن مقابل الفلسطينيين، ومع تقديرها ألن قيام الدولة الفلسطينية سيوفر األمن؛ يدل على " إسرائيل " تســتغل ذلك لتطبيق أيديولوجيتها، وذلك ناتج عن شعور " إســرائيل " أن بتفوقها المنبثق من تعزيز قدراتها العسكرية؛ ما مكَّنها من القدرة على فرض إرادتها نسبيًّا على العرب والفلسطينيين. . تطوير القدارت العسكرية اإلسارئيلية: بين الضرورة واأليديولوجية 3.2 يتســاءل مشــكِّكون إسرائيليون: ماذا لو تجدد التهديد التقليدي القادم من الشرق في المســتقبل؟ اإلجابة هي أنه في ذلك الحين لن تكون الســيطرة األرضية الدائمة على الضفة الغربية ضرورية، كما أوضح نائب رئيس األركان اإلســرائيلي السابق، موشيه القدرات النارية واالســتخباراتية المتقدمة التي " :) Moshe Kaplinsky كابلينســكي ( بناها الجيش اإلســرائيلي في العقود األخيرة قادرة على وقف تقدم القوات المدرعة مفهوم " ، وأوضــح أيضًا: " العربيــة قبــل وقت طويل من وصولها لحدود إســرائيل االســتيطان الذي يخدم األمن عفا عليه الزمن، ففي العقود األولى من إقامة الدولة، .) 68 ( " لم نكن نمتلك التكنولوجيا المتاحة لنا اليوم " إسرائيل " ويعد الجيش اإلسرائيلي من الجيوش القوية على مستوى العالم؛ إذ تحتل المستند على "GFP" المرتبة الثامنة عشــرة في ترتيب جيوش العالم حسب تصنيف ) بناء على كمية األســلحة المختلفة، بما فــي ذلك الطائرات 69 قيــاس قوة النــار( نفســها بأنها أقوى دولة في الشــرق " إســرائيل " والدبابات والقطع البحرية. وترى األوسط، وقد تضاهيها أو تتفوق عليها القوة العسكرية لكل من مصر وتركيا وإيران ترى أن قوة تدريب جيشها ومعداته وتقنياته، " إسرائيل " من حيث الكم والعدد، لكن .) 70 زيادة على امتالكها األسلحة النووية، جعل منها قوة مؤثرة لها وزنها اإلقليمي( ومن األدلة على أهمية وتأثير القدرات العســكرية اإلســرائيلية، أنه منذ عودة بنيامين مليمترًا " إســرائيل " ، لم تُعِد 2009 ) للحكم ســنة Benjamin Netanyahu نتنياهو ( واحدًا من األرض للفلسطينيين، وفقد الفلسطينيون إمكانية إقامة دولة، ووقَّعت أربع دول عربية اتفاقيات سالم/تطبيع (مع أنها دول لم تخض حروبًا مع إسرائيل)، وال بتحديث قدراتها اإلستراتيجية بشكل " إسرائيل " تمتلك إيران قنبلة نووية، بينما قامت
Page 1 Page 2 Page 3 Page 4 Page 5 Page 6 Page 7 Page 8 Page 9 Page 10 Page 11 Page 12 Page 13 Page 14 Page 15 Page 16 Page 17 Page 18 Page 19 Page 20 Page 21 Page 22 Page 23 Page 24 Page 25 Page 26 Page 27 Page 28 Page 29 Page 30 Page 31 Page 32 Page 33 Page 34 Page 35 Page 36 Page 37 Page 38 Page 39 Page 40 Page 41 Page 42 Page 43 Page 44 Page 45 Page 46 Page 47 Page 48 Page 49 Page 50 Page 51 Page 52 Page 53 Page 54 Page 55 Page 56 Page 57 Page 58 Page 59 Page 60 Page 61 Page 62 Page 63 Page 64 Page 65 Page 66 Page 67 Page 68 Page 69 Page 70 Page 71 Page 72 Page 73 Page 74 Page 75 Page 76 Page 77 Page 78 Page 79 Page 80 Page 81 Page 82 Page 83 Page 84 Page 85 Page 86 Page 87 Page 88 Page 89 Page 90 Page 91 Page 92 Page 93 Page 94 Page 95 Page 96 Page 97 Page 98 Page 99 Page 100 Page 101 Page 102 Page 103 Page 104 Page 105 Page 106 Page 107 Page 108 Page 109 Page 110 Page 111 Page 112 Page 113 Page 114 Page 115 Page 116 Page 117 Page 118 Page 119 Page 120 Page 121 Page 122 Page 123 Page 124 Page 125 Page 126 Page 127 Page 128 Page 129 Page 130 Page 131 Page 132 Page 133 Page 134 Page 135 Page 136 Page 137 Page 138 Page 139 Page 140 Page 141 Page 142 Page 143 Page 144 Page 145 Page 146 Page 147 Page 148 Page 149 Page 150 Page 151 Page 152 Page 153 Page 154 Page 155 Page 156 Page 157 Page 158 Page 159 Page 160 Page 161 Page 162 Page 163 Page 164 Page 165 Page 166 Page 167 Page 168 Page 169 Page 170 Page 171 Page 172 Page 173 Page 174 Page 175 Page 176 Page 177 Page 178 Page 179 Page 180 Page 181 Page 182 Page 183 Page 184 Page 185 Page 186 Page 187 Page 188 Page 189 Page 190 Page 191 Page 192 Page 193 Page 194 Page 195 Page 196 Page 197 Page 198 Page 199 Page 200Made with FlippingBook Online newsletter