العدد 19 – أغسطس/آب 2023

| 104

، المعروفة بمدرسة " المدرسة النقدية " مارشــال، وعاود الظهور بصورته الحديثة عبر شــيكاغو، بقيــادة ميلتون فريدمــان، والفكرة العامة لهذا الخط هــي ارتباط تغيرات المســتوى العام لألســعار بتغيرات كمية النقود، والتي أعاد فريدمان صياغتها بقوله ، تنتج عن التوســع في " التضخم دومًا وفي كل مكان هو ظاهرة نقدية " الشــهير: إن إصدار النقود بأكثر من نمو الناتج الحقيقي، ويكفي داللة على قِدم وتجذر هذا الخط في مسألة التضخم، فض ًل عن مضمونه النقدي، أن نعرف أن أول استخدام للمصطلح في ســتينات وســبعينات القرن التاسع عشــر، كان يتعلق أساسًا بالتوسع في العملة، وليس االرتفاع في األســعار الذي ربما ينشــأ عن ذلك التوسع النقدي، فالعملة هي التي كانت تتضخم، وليس األسعار. وتنتهــي كافة صياغــات النظرية الكمية في النقود لــذات الخالصة المذكورة، مهما اختلفت صياغاتها، لطردية العالقة بين كمية النقود والمستوى العام لألسعار، سواء في معادلة التبادل لفيشر التي تفترض ثبات حجم الناتج الحقيقي وسرعة تداول النقود، أو فــي معادلــة األرصدة النقدية، المعروفة بمعادلة كامبريدج، التي ســعت إلدخال فكــرة الطلب على النقود؛ فأعادت صياغته كمقلوب لســرعة تداولها، واســتنتجت تحدد المســتوى العام لألسعار، التي اعتبرته تمثي ًل لقيمة النقود، عند تحقق التوازن بين الطلب على النقود والعرض منها. وال يختلف مضمون المدرسة النقدية الحديثة كثيرًا، وإن بقدر من التعميق والتفصيل لمكونات التحليل، فالطلب على النقود، كما ينعكس في نســبة الرصيد النقدي إلى الدخل، يتحدد بتكلفة االحتفاظ بالنقود بالمقارنة بعوائد األصول البديلة، وفي ضوء المســتوى الحقيقــي لدخل وثروة الفرد، ولم يعد إجمالي كميــة النقود هو المتغير األساسي موضع النظر لفهم تحركات األسعار ببساطة، بل متوسط كمية النقود بالنسبة لوحدة اإلنتاج، ولتأخذ العالقة االتجاه الجدلي التبادلي بين االثنين، مع التأكيد على حيادية أثر النقود على مســتويات الناتج واألســعار في األجل الطويل، خالفًا ألثرها في األجل القصير. وتؤيد مدرسة التوقعات العقالنية، بقيادة روبرت لوكاس، الموقف النقدي الفريدماني جزئيًّــا، بتأكيدها على عدم فاعلية أو تأثير أية سياســة نقديــة على الناتج الحقيقي، وانعــكاس التوقعات في األســعار، مع بناء الفاعليــن االقتصاديين توقعات صحيحة

Made with FlippingBook Online newsletter