العدد 19 – أغسطس/آب 2023

| 108

إمكانية خفض األجور لمجابهة االنخفاض فيه؛ ينتج عنه كله تغيرات ســعرية تنتقل عبر العالقات التشــابكية، ضمن التأثير االســتطراقي المذكور سابقًا؛ بما ينتج موجة تضخمة في كافة جنبات االقتصاد. وبالطبــع ال يقتصر االختالل الهيكلي المتعلق بالــدول المتخلفة على تلك الحدود األقرب للكينزية، فهى تتسع لتشمل السمات الغالبة على االقتصادات الطرفية التابعة؛ بإشــكاالت اعتمادية تجديدها االجتماعي على الخــارج، كذا كافة حاالت الريعية؛ لذلــك يتنــاول التحليل أيضًا الحاالت الخاصة من الركود التضخمي، الذي ينتج فيه التضخــم ضمــن حالة من الركود، وتتراوح تفســيراته ما بيــن صدمات العرض في التحليالت النيوكالسيكية وأزمات التراكم الرأسمالي في التحليالت الماركسية، فض ًل عن الركود الريعي بكافة أشــكاله وتنظيراته من نمط فخ الموارد والمرض الهولندي ولعنة موارد وما شابه، التي ينتظمها جميعًا تحليل عام عن اختالالت هياكل األسعار والدخــول واإلنتاج الناتجة عن هيكل عالقات مختل كميًّا وكيفيًّا بالخارج؛ بســبب هيمنة الموارد الطبيعية على الصادرات. كما يضيف التحليل النمو الســريع لقطاع الخدمات في تلك الدول؛ بســبب النمو الســكاني والهجرة الداخلية؛ بشــكل يجعلــه قطاعًا تضخميًّــا، وكذلك الصراعات االجتماعيــة كتعبير عن، ونتيجة لـ، التضخــم، المرتبطة بمحاوالت تغيير الحصص النسبية في الدخل القومي وردود الفعل عليها، والتي تزداد بشكل خاص خالل فترات النمو االقتصادي الســريع واشــتداد وتيرة الحِراك االجتماعي؛ حيث يصبح التضخم نفسه أحيانًا وسيلة إلعادة توزيع الدخل وتعزيز السلطة السياسية. وكما نرى، تتداخل العوامل والخطوط عمليًّا في التحليل والممارسة، فالهيكلي يقود إلى السياســي، الذي بدوره يؤثر فيه ويعــززه، والطلب والعرض يتفاعالن فيمهدان األرض لفجوة تضخمية أو ركودية، أو يدفعان لصدمة ســيولة نقدية تفاقم مســتوى األســعار بالمعنــى الكمي الكالســيكي، ولعــل هذه إحدى أكبر صعوبات دراســة التضخم، وهى التداخل بين العوامل، حد استحالة فرز تأثيراتها المستقلة بدقة؛ لهذا ســنعتبر تحليالت التضخم المذكورة نوعًا مــن الدرجات اللونية على منحنى طيفي واحد، تتراوح ما بين قطبين، أحدهما القطب النقدي البحت، واآلخر القطب الهيكلي الصِّرف، وما بينهما توليفات ودرجات وسيطة، خصوصًا أنه ال أحد تقريبًا، باستثناء األكثر شططًا من الفريقين، ينكر التداخل والتشابك فيما بينها جميعًا.

Made with FlippingBook Online newsletter