العدد 19 – أغسطس/آب 2023

| 126

بيــن رأس المال العامل (الذي يمول األجــور فالطلب) ورأس المال الثابت (الذي يحدد نمو اإلنتاجية فالعرض). وتؤدي هذه الفجوة بين الطلب الكلي والعرض الكلي إلى تعزيز فجوة التجارة، أي زيادة االستيراد؛ بما يستتبعه من تضخم مستورد وتدهور للعملة المحلية، وتؤدي تلك الفجوة التجارية بذاتها إلى انشقاق ما بين األجور (ذات األساس المحلي) واألسعار (ذات المكــون العالمــي)؛ فيزداد الفقر وتقل -أو ًلً- المدخرات التي يمكن توجيها لزيــادة القدرات اإلنتاجية، ومعهــا -ثانيًا- القدرات الضريبية التي يمكن أن تمتصها الحكومــة؛ فيــزداد العبء المالي عليها؛ ومن ثم اضطرارها للتمويل التضخمي كلما تراجعت اإليرادات النفطية ألي ســبب، ســوقي أو سياســي؛ ما ينتج الرافد النقدي للتضخم، الذي هو في أصله هيكليًّا، حتى وإن لم تسمح المساحة وال نطاق الورقة بمناقشــة الفجوة المالية نفســها كفجوة هيكلية متجذرة هي األخرى في التشــكيل االقتصــادي االجتماعــي، وال تفعل الموارد النفطية ســوى التغطية العَرَضية المؤقتة عليها. ج) الطبقة الثالثة: التعزيز المؤسسي للتضخم الهيكلي-الريعي ‌( ومما له داللة في هذا الصدد، التأثيرات السياســية لنمط النمو الريعي المذكور، كما تثبتهــا الخبــرة التاريخية لعديد من التجارب األخــرى، فالفوائض المالية التي تتوفر للحكومة تدفعها لزيادة اإلنفاق العام، خصوصًا على القطاعات غير االتجارية كالبنية ) منذ ذلك الحين؛ بما 44 التحتية واإلســكان والنقل، كما فعلــت الحكومة اإليرانية( حفــز بالضرورة زيادة الحقة في اإلنفاق الخاص؛ ما كانت نتيجته بمجموعه ارتفاعًا في إجمالي اإلنفاق القومي (بما يرتب تفاقمًا للتضخم بســبب ارتفاع الطلب الكلي بمنطق شبه كينزي تقليدي)، ترتفع ضمنه األسعار النسبية للسلع غير االتجارية؛ بما يعزز التشــوه الهيكلي نفسه في الحوافز االســتثمارية عبر القطاعات (ومن ثم يفاقم الدينامية الهيكلية الرتفاع التضخم الريعي التقليدي للمرض الهولندي). ولعل المفارقة األساســية على المستوى السياسي/المؤسسي في إيران، هو استمرار جوهر سياسات ما قبل الثورة، على المستوى السوسيواقتصادي، فلم تحاول السلطة الجديدة جديًّا تغيير الهيكل االقتصادي، الريعي التابع سالف الوصف، واالتجاه إلى

Made with FlippingBook Online newsletter