129 |
السياســة النقدية وعدم االســتقالل المؤسســي للبنك المركزي، بما تعنيه من حلول تقنية ومؤسســية جزئية، إلى التعامل مع التضخم كمجرد عَرض لظاهرة أعمق، هي ظاهرة العجز اإلنتاجي والركود الصناعي ضمن حالة التخلف االقتصادي في كليتها، بما تعنيه من ضرورة االنتقال إلى إستراتيجيات أكثر عمقًا واتساعًا ذات طابع تنموي شامل، تستهدف إنجاز االستحقاق التاريخي المهمل: التحول الصناعي. ما يعني تطبيقيًّا، أو ًلً: التعامل مع ظاهرة التضخم ضمن ســياقها األشــمل من البنى االقتصادية واالختالالت الكلية ذات الصلة، بسياســات هيكلية تســتهدف االقتصاد العيني أساسًــا قبل النقدي؛ وثانيًا: بناء حِزمة سياســات متعددة المستويات، للتعامل مع كل نوع (طبقة أو مستوى) من التضخم في سياق السياسات الهيكلية المذكورة، ) طبقة/مســتوى التضخم التاريخــي الناتج عن حالة التبعية ســتعالج ضمن 1 فـــ ( سياســات تصفية حالة التبعية عمومًا، والتي ستستهدف بطبيعة الحال تعميق التصنيع المســتقل وتعزيز القدرة اإلنتاجية وتقليص الفجوة التجارية وتحرير السوق المحلية ) طبقة التضخم الريعي ضمن 2 وضبط أنماط االســتهالك المحلية، فيما ســتعالج ( سياســات مواجهة حالة االنحراف الريعي عمومًا، والتي ســتتمحور باألساس حول اإلدارة اإلنتاجية للفوائض النفطية (بالصناديق الســيادية وما شابه) وبالتأثير التفضيلي بالسياسات المالية والنقدية في هياكل األسعار والتكاليف واألرباح لصالح القطاعات اإلنتاجيــة واالتجارية على حســاب القطاعات الريعية والخدمية، وتبقى السياســات ) طبقة التضخم النقودي التقليدية، باستهدافها 3 النقدية والمؤسسية التقليدية لمعالجة ( تقليص تبعية السياســة النقدية للسياســة المالية واســتقاللية البنك المركزي؛ لتقليل الميول للتمويل التضخمي واإلفراط النقدي. والخالصــة المنهجيــة العامة، والتوصية األساســية، التي تنتهي إليهــا الورقة، هي ضرورة توســيع أفق البحث والسياسة االقتصاديين في الدول المتخلفة، بالتعامل مع ضمن ســياقاتها العامة وبناها الكلية؛ فال جدوى من التركيز " المشــكالت النوعية " على عَرض ظاهري كحرارة مرتفعة أو التهاب جلدي، دونما وعي أشــمل بالمرض الذي يسببه، وهكذا هو األمر يخضوض المشكالت االقتصادية في البلدان المتخلفة باألخــص، التــي لم تنجــز اقتصاداتها التغير الهيكلي التاريخــي، ولم تصل بها بعد لمرحلــة االقتصــادات الحديثة القادرة على النمو المســتقل والتجديد الذاتي، فهذه
Made with FlippingBook Online newsletter