العدد 19 – أغسطس/آب 2023

183 |

مقدمة خالل العقدين الماضيين شــكَّل الصعود الصيني أحد أبرز قضايا السياســة واألمن الدوليين؛ فالصين بوصفها قوة اقتصادية صاعدة ومنافسة للواليات المتحدة األميركية أصبحت مثار اهتمام العديد من البحوث والدراسات األكاديمية التي كرست جهدها البحثي في اســتقصاء تأثير ذلك على األمن الدولي. وقد ســعت الصين، وفي سياق خططها االســتراتيجية للصعود كأكبــر قوة اقتصادية عالمية، منذ أوائل التســعينات مــن القــرن الماضي إلى البدء في بناء طريق الحرير الجديــد، بما في ذلك ما كان يعرف بالجســر البري األوروبي اآلســيوي، الذي يربط الصين وكازاخستان ومنغوليا ، 2013 وروسيا ويصل إلى ألمانيا بالسكك الحديدية. لكن المشروع األبرز جاء عام ، التي أصبحت " الحزام والطريق " عندما أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، مبادرة مشروع الصين األضخم في الوصول إلى أسواق آسيا وأوروبا وإفريقيا، حيث تحتل هذه المبادرة أهمية اســتراتيجية نظرًا لطبيعة شبكة الطرق البرية والبحرية التي تعمل الصين على توسيعها لتعزيز حضورها قطبًا اقتصاديًّا عالميًّا، حيث وقَّعت الصين، في منظمة دولية للمشاركة في هذه المبادرة 29 دولة و 125 اتفاقية مع 173 ، 2019 العام .) 1 وتجسيدها على أرض الواقع( يحمل المشــروع أهمية استراتيجية كبيرة باستهداف الوصول إلى العديد من الموانئ في القارات الثالث (آســيا وأوروبا وإفريقيا) من خالل ربط هذه الموانئ باالقتصاد الصيني، وتنظيم خطوط النقل والتوصيل لمصادر الطاقة. كما أن مرافق النقل وتوصيل مصادر الطاقة ستسهم بشكل إيجابي في تعزيز نمو االقتصاد الصيني، والتغلب على العديد من التحديات والهيمنة األميركية إلمدادات الطاقة عبر مضيق ملقا. الحزام " تُعد منطقة الخليج والشرق األوسط بمنزلة القلب الجغرافي لمبادرة الصين ؛ فالموقــع االســتراتيجي للمنطقة بيــن القارات الثالث (آســيا وأوروبا " والطريــق وإفريقيا) يجعل منها مركزًا رئيسيًّا لخطة الصين في التوسع االقتصادي ضمن خطتها )؛ حيث تتمتع منطقة دول الخليج العربية 2 ( "2025 صنع في الصين " االســتراتيجية بأهمية اســتراتيجية على طرق التجارة العالمية. كذلك قامت الصين بإنشــاء قاعدتها العسكرية في جيبوتي ليكون لها موطئ قدم على البحر األحمر ومضيق باب المندب والذي يمثِّل شريانًا بحريًّا رئيسيًّا للتجارة البحرية من وإلى أوروبا.

Made with FlippingBook Online newsletter