العدد 19 – أغسطس/آب 2023

| 188

موارد الطاقة إليها، وسوقًا استهالكية ضخمة لمنتجاتها، ما يضمن لها نموًّا اقتصاديًّا هائ ًلً؛ األمر الذي تحميه من خالل وجودها العسكري في المنطقة. لذا تنتهج بكين مع الشرق األوسط استراتيجية الشراكات، والتي أدت إلى توقيع اتفاقيات شاملة مع عدة دول عربية وخليجية، إلى جانب استراتيجية التغلغل العسكري التدريجي. إن المحــرك الرئيســي الذي يدفع الصين للوجود في الخليــج هو رغبتها في تأمين وصولها لموارد الطاقة الحيوية، وطرق التجارة البحرية والموانئ، لإلفالت من سيطرة الواليات المتحدة التي تمتلك األساطيل البحرية في هذه المناطق وتتحكم بممرات % من احتياجات الصين من الطاقة. لذا اســتثمرت 80 المالحــة التــي تنقل أكثر من مليار دوالر في مشــاريع تنموية مختلفة 250 الصيــن فــي العقدين الماضييــن نحو بالمنطقــة العربية، مثل تطوير الموانــئ، والتجمعات الصناعية، والذكاء االصطناعي، والطاقة المتجددة. كما طورت الصين عالقاتها االقتصادية والدبلوماســية مع الدول للتوجه نحو االســتثمار في " سياســة الخروج " إثر تبنيها 2001 العربيــة منــذ أوائل ، أنشــأت منتدى التعاون الصيني العربي ووقَّعت 2014 الشــرق األوسط. وفي العام اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج، ومن ثم زادت معدالت التجارة واالســتثمار بين الطرفين على نحو غير مســبوق. وتُعد الصين أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعــاون، كمــا تحصل الصين على ثلث وارداتها من الطاقة من الخليج، وتتوزع بين الســعودية صاحبــة الجزء األكبر، يليها نفط العراق، ومــن ثم إيران التي أبرمت مع عامًا. 25 مليار دوالر لمدة 400 الصين اتفاقية لالستثمار بقيمة الصعود الصيني االقتصادي وتحوالت خارطة الفاعلين في الخليج تشــكِّل الصين تحديًا ملموسًــا للواليات المتحدة لمحاوالتها إعادة تشــكيل النظام الدولي عبر فرض قواعد جديدة؛ ما دفع الواليات المتحدة التخاذ سياسات لتقويض التقدم الصيني. وقد زادت حدَّة المخاوف األميركية بعد اتســاع النشــاط الصيني في الشرق األوسط وشمال إفريقيا؛ إذ بدأ ذلك ببناء العالقات االقتصادية عبر االتفاقيات الموقعة مع دول المنطقة ثم توطيد العالقات األمنية والعسكرية، وتزايد نسب مبيعات األسلحة، خاصة للسعودية واإلمارات وقطر. عالوة على تمتع الصين بعالقات محايدة ومتوازنة بين الخصوم اإلقليميين نتيجة عدم تحالفها مع أي قوة على حساب غيرها لئال تتورط في التزامات دفاعية مكلفة تضر بمصالحها.

Made with FlippingBook Online newsletter