العدد 19 – أغسطس/آب 2023

69 |

مقدمة ترتبط ممارسة السلطة في األنظمة السياسية الحديثة بالشرعية الديمقراطية؛ إذ تستمد أساســها من اإلرادة العامة للشــعب، وهذه اإلرادة تتم عبر االنتخاب، لذلك تُســنَد الســلطة ضمن هذه الحالة إلى من فوضه الشــعب ممارســتها عبر آلية االنتخاب. ومخافة احتكار الســلطة من طرف الهيئة التي وصلت للحكم (رئاســة الجمهورية، الحكومــة، البرلمــان)، اختــرع النظام الديمقراطي مجموعة مــن المبادئ للحد من الســلطة المطلقة وفســح إمكانية التداول عليها، بواسطة مبدأ الفصل بين السلطات، والتعددية السياسية، واحترام الحقوق والحريات، ودورية االنتخابات. لكن ما يحصل في بعض التجارب يبين أن االنتخابات ودوريتها ال تؤدي دائمًا إلى الفصل بين السلط واحترام القواعد الديمقراطية. هنا تصبح الشرعية الديمقراطية فقط واجهة لشرعيات أخرى ضامرة، تسهل من عملية البقاء في السلطة لوقت طويل تُدخل النظام السياسي في خانة األنظمة غير الديمقراطية. ) بين ثالثة أنماط من الشــرعية: الشــرعية Max Weber ( " ماكس فيبــر " لقــد ميــز التقليدية التي تتأســس على التقاليد والعــرف الذي جرى في وجدان الناس مجرى العادة والمألوف، والشرعية الكاريزمية التي تقوم على قدرة الزعيم الملهم في قيادة النــاس بفضل المكانــة االعتبارية التي يحوزها، ثم الشــرعية العقالنية التي تنضبط ). تنتمي الشــرعية الديمقراطية إلى الشــرعية العقالنية؛ ألنها 1 للقانــون وتنهل منه( تقــوم على المؤسســات وعلى احترام القوانيــن واإلرادة العامة. وإذا كانت تجارب األنظمة السياســية الغربية تمكنت من بناء شــرعياتها على الشــرعية العقالنية، فإن األنظمة السياسية العربية ال تزال الشرعيات فيها تتداخل فيما بينها ما يؤدي في نهاية المطاف إلى غياب الديمقراطية. تعانــي الديمقراطية ضعفًا وفقرًا أصابا أهــم عناصرها أال وهو النظام التمثيلي الذي يجســد المعنى الحقيقي لإلرادة العامة، وينصرف هذا الضعف إلى األنظمة السياسية الغربية التي كانت تعد نفسها محصنة ضده؛ إذ تكشف أزمة الديمقراطية عن استغالل الســيادة الشعبية لصالح االســتمرارية في ممارسة السلطة في شكل مناقض للتداول .) 2 عليها بواسطة نزعة جديدة في التفكير السياسي يطلق عليها الشعبوية(

Made with FlippingBook Online newsletter