العدد 19 – أغسطس/آب 2023

75 |

األغلب األعم يدير الحركات الشعبوية زعماء كاريزميون، على سبيل المثال: جمال ). ويتيح هذا األمر تجسيدًا Charles de Gaulle عبد الناصر، والجنرال شارل ديغول ( شــخصيًّا للحاكم يمنحه وظيفة الناطق الرســمي باسم الشــعب والمقرر الوحيد في الشأن العام والعملية السياسية كأننا بصدد رجل العناية اإللهية، في ضرب تام للقيم " .) 19 والمبادئ التي تأسست عليها الديمقراطية( ال يمكن أن تســتقيم الشــعبوية إال على أساس خطاب يروم المطلق وإقصاء اآلخر، ففي حالة المطلق تستبد به فكرة احتكار التمثيل، وفي الحالة الثانية يحسب الخصم أو المعارض خارج الشعب لينتهي به المطاف إلى خطاب إقصائي يتأسس على وحدة الشعب واستحالة تبعيضه وانتفاء إمكانية االختالف داخل طبقاته. تُعرِّف الشــعبوية اليمينية في أوروبا الشــعب إثنيًّا؛ إذ ترى الدولة خاصة بقومية إثنية، ويجــب أن تقبــل األقليات بوصفها األدنى منزلــة أو تندمج ثقافيًّا ضمن هذه اإلثنية وتطلــب المســاواة داخلهــا، وهي وطنية نحــو الخارج ترفض االتحــاد األوروبي ) أما شعبوية اليسار فتقبل بالمواطنة أساسًا لالنتماء وبالتعددية الثقافية، 20 وإمالءاته.( وتركز أساسًــا على تجاوز التقســيم الطبقي بين األغنياء والفقراء، والنزعة إلى فرض ) 21 إرادة الشعب فوق الدستور بوضع دساتير جديدة.( تبلغ الشــعبوية مستوى من الخطورة عندما تميل إلى اإلقصاء وتسخير العداء لآلخر ألجــل تقديس الشــعب ومعاداة النخبة والمؤسســات، إذ تقتــرن في كتابات بعض الباحثين بالفاشية وعلى الخصوص الشعبوية اليمينية منها. تقوم الفاشــية على أرضيــة أيديولوجية، تنطلق من المجتمــع وتَمثُّله األكبر: األمة، وأداته: الدولة، وهذه عناصر غائبة في الممارســة الشــعبوية؛ ألنه ليس للشــعبوية مرجعية نظرية، مثلما يغيب الشــعب في الخطاب الفاشــي؛ إذ هاجس الفاشــية هو األمة، ومرجعية الشــعبوية هي الشــعب، فالفاشية صورة من صور الشمولية تهزأ من الديمقراطية وممارستها، في حين تهدف الشعبوية إلى تصحيح عملية التمثيل السياسي ). يمكن أن تتطور بعض التنظيمات الشعبوية اليمينية إلى 22 وإعادة السيادة للشعب( اتجاهات فاشــية، أي أن تنتقل من التنظيم إلى التنظير، وهذا االنتقال يشكِّل خطورة .) 23 على الديمقراطية وعلى العيش المشترك، واالختالف الثقافي(

Made with FlippingBook Online newsletter