| 80
ورئيس الدولة وممثلها األسمى ورمز وحدة األمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، ) وهكذا فالمشروعية التاريخية للملكية 42 والحكم األسمى بين مؤسساتها.. (الفصل في البلدين عسَّرت من مأمورية توزيع متساو للسلط مع باقي القوى السياسية. وعلى الرغم من أن التجربتين العراقية واللبنانية متقدمتان على صعيد إقرار المبادئ الديمقراطية، فالدستور العراقي حدد صالحيات السلط ومدة والية رئيس الجمهورية )، والدستور اللبناني حصر السلطة المشرِّعة 72 في أربع سنوات ووالية واحدة (المادة )، فالتجربتان أفرزتا خالفات سياسية 16 في هيئة واحدة هي مجلس النواب (المادة صعَّبــت من مأمورية البناء الديمقراطي بحكــم الطبيعة التاريخية لبنيتهما االجتماعية السياسية والمتمثلة في وجود طوائف ومذاهب. تنبني مســألة توزيع الســلط في كل من العراق ولبنان على أساس طائفي؛ إذ يصبح النظام السياســي ضمن هذه الحالة مؤسسًــا على نظام المحاصصــة الطائفية. فبعد ، في العراق وُزِّعت المناصب الرئاسية على النحو 2005 االنتخابات البرلمانية، ســنة اآلتي: رئاســة الجمهورية لألكراد، رئاســة الحكومة للعرب الشيعة، رئاسة البرلمان ). الشيء نفسه تكرسه 33 للعرب السنَّة، بغض النظر عن نتائج االستحقاق االنتخابي( التجربة اللبنانية التي يتولى فيها رئاسة الجمهورية ماروني مسيحي، ومجلس الوزراء مســلم ســني، ومجلس النواب مســلم شــيعي. وهكذا، فإن نظام الدولتين، يقوض مســار البناء الديمقراطي ويكرِّس الخلط بين الســلطات أكثر من الفصل بينها؛ حيث االنتخابات ال تؤســس للديمقراطية، ومن ثَم تأتي صعوبة تحديد الطبيعة السياســية لهذه األنظمة. ولئن كانت التجربة التونســية تميزت باحترامها المبادئ الديمقراطية، فإن الممارســة السياســية نالت من هذه المبادئ، من خــ ل لجوء رئيس الدولة إلى حل الحكومة وحــل البرلمــان. وهكذا نخلص إلى أنه على الرغم من تنصيص األنظمة السياســية العربية في دساتيرها على محورية النظام التمثيلي وفصل السلط والحقوق والحريات، فإنها ســرعان ما تعطل هذه النصوص، متجاوزة كل ما يمكن أن يحد من احتكارها السلطة، مما يجعل هوة بين النصوص الدستورية والواقع السياسي، فض ًل عن غياب التعددية السياسية، واستناد الحكم على شرعيات تقليدية أيديولوجية تسهل االستمرار في احتكار السلطة واالنفراد بها، وهذه العوامل تسمح بتهيئة المجال لتبيئة ما باتت تُعرف بالشعبوية داخل بنية األنظمة السياسية العربية.
Made with FlippingBook Online newsletter