| 82
ولئن كانت األيديولوجية القومية العربية تمتح في جزء منها من معين األفكار اليسارية، كمــا هي الحال مع تبنيها لبراديغم الصراع المــادي كما صاغته اللينينية ثم الماوية، فإن األيديولوجية اليســارية والخطاب اليســاري ازدادت حدتهما كما هي الحال في التجربة المغربية مع حزبي االتحاد الوطني للقوات الشعبية والحزب الشيوعي، بيد أن ضعف تبني األيديولوجية الليبرالية داخل الوطن العربي إبان الســبعينات والثمانينات وتراجــع المد والخطاب اليســاري مهَّد لبروز األيديولوجية اإلســ مية في شــكل ؛ إذ أضحى هذا األخير قادرًا على اســتئناف أدوات خطاب تميل " اإلســ م الحزبي " إلى الشــعبوية؛ إذ إن ما يميز خطاب األيديولوجيات الثالث هو قدرته على التبشــير ومخاطبة الشعب بحسبانه يمثل الحقيقة المطلقة. إن الخطاب األيديولوجي يعطي فرصة للشعبوية كي تنمو ويكسبها مناعة تسمح لها باالســتمرار، بــل إن التقليد يبقى بدوره من جنس تلك العوامل التي تســمح بتبني الشعبوية داخل األنظمة السياسية العربية. لعلنا ونحن نشير إلى التقليد على أنه جزء من المنظومة السياســية العربية نبرز الدور الذي لعبه بروزنامته مثل اإللهي، الديني، المقــدس، العصبية، القبلي...، في تســهيل تبني الشــعبوية؛ إذ يتيح التقليد بأصنافه المتعددة لنفســه االستئثار بالســلطة ومن ثم الجنوح لخطاب يدغدغ األحاسيس، ال لشــيء ســوى من أجل نيل المشروعية للبقاء في السلطة كما هي الحال مع األنظمة التي تســتمد مشــروعيتها من الدين، أو على ســبيل المثال األنظمة التي تنبني على القبلية والطائفية. اربعًا: توظيف الشعبوية في الحالة العربية أثبت التجربة أنه يمكن استثمار الشعبوية لصالح السلطوية واالنفراد بالحكم على مر التاريخ، حدث ذلك مع الشعبويات في كل من األرجنتين واليونان والبيرو وفنزويال ) هذا Donald Trump واإلكوادور والهند وإيطاليا، وقد تمثل تجربة دونالد ترامب( االتجاه حينما لجأ إلى التشــكيك في نتائج االنتخابات ورفض تســليم الســلطة كما هــو متعارف عليــه في الواليات المتحدة األميركية. وبما أن المقام في غمار تحليل األنظمة السالف ذكرها، سيقتصر على جزء من األنظمة السياسية العربية، فإنه حري بنا العودة إلى التاريخ، للبحث عن الكيفية التي تم عبرها اســتغالل عناصر الشعبوية ألجل االنفراد بالسلطة واستمرار احتكارها.
Made with FlippingBook Online newsletter