العدد 19 – أغسطس/آب 2023

91 |

هل جربت األنظمة السياسية العربية الديمقراطية التمثيلية؟ هل يستقيم إدخال األحزاب السياسية في الحالة العربية في التقسيم اآلتي: أحزاب يمين، أحزاب يسار حتى تفرز لنا ما ظل يُعرف بشعبوية اليمين وشعبوية اليسار؟ كيف يمكن تفسير هذا اللجوء إلى توظيف الشعبوية داخل األنظمة السياسية العربية؟ هل ما زال في الوسع الحديث عن االنتقال الديمقراطي أمام هذا الوضع الذي أضحت تعرفه األنظمة السياسية العربية؟ خالصة إن تجريب إســقاط مآل الديمقراطية واألزمات التي تعتريها من مدخل أزمة التمثيل السياسي والشعبوية وإعمالهما عناصر لتفسير طبيعة األنظمة السياسية العربية يصطدم في حقيقة األمر بعســر انطباق معطياتهما على الواقع السياســي لهذه األنظمة؛ فال هي جربت الديمقراطية وال هي عرفت تمثيًل سياسيًّا ينبني على االنتخابات النزيهة والشفافية، بل إن الجنوح إلى توظيف الشعبوبة تتداخل فيه عوامل عدة لعل أبرزها احتكار السلطة والهيمنة المطلقة على ممارستها، لذلك فمصادر الشرعية في أنظمتنا السياسية ما زالت تنبني على مصادر دينية وعصبوية وكاريزمية وبما أن هذه المصادر تُســهِّل من مأمورية تبييء الشعبوية في مزيج يجعل تأسيس الديمقراطية غير ممكن، فــإن حال هــذه األنظمة يبقى هجينًا يصعب معه وضع هذه األنظمة في خانة معينة، ومن ثمة نخلص إلى اآلتي: 1 . الديمقراطية التمثيلية داخل األنظمة السياسية العربية الغربية لم تتبع مسار التجربة الغربية نفســه، نظرًا لخصوصية األنظمة السياسية العربية التي تنبني فيها الشرعية على ما هو غير انتخابي يمتح من الدين والعادات والتقاليد، فالتمثيل السياســي فكرة وإن برزت داخل هذه األنظمة لحظة استقاللها فإنها تشوبها عيوب ما زالت قائمة إلى يومنا هذا. على سبيل المثال في بعض الحاالت التي ينبني فيها التمثيل السياسي على أساس طائفي كما هو األمر في التجربتين العراقية واللبنانية، والتي التناقض الذي تحدثه الطائفية مع مفهوم المواطنة الفردية " يكون من أبرز نتائجه وممارســتها، والتناقض الذي تظهره في عالقتها مع مفهوم األمة صاحبة اإلرادة ) ، وأي تمثيل سياسي خارج عن مبدأ المواطنة والسيادة الشعبية 62 ( " والســيادة والتعددية السياسية يبقى تمثيًل مبنيًّا على األوهام.

Made with FlippingBook Online newsletter