صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

، كشكل جديد 1648 برزت الدولة الحديثة في أوروبا بعد معاهدة وستفاليا، سنة من الحكم، يرتكز على مفهوم الســيادة داخل رقعة جغرافية محددة، يقطنها مواطنون يدينون بالولاء لهذه الدولة. وقد جاءت ولادتها في العالم الغربي بعد مخاض عســير عاشــت فيه أوروبا ســنوات طويلة تحت حكم الإمبراطوريات المستبدة؛ حيث عانت من الحروب الدينية الطويلة القاسية، وتحكم الإقطاعيين ورجال الكنيسة الذين استغلوا الدين لقهر الناس واســتعبادهم، فقامت الثورات ضدهم لتشــكل أرضية خصبة لنشأة كيان سياسي تأسس على سيادة الدولة والشعب لا الكنيسة والملوك، خاصة بعد تطور العلوم وانتعاش الفكر الفلسفي والسياسي الذي شكّل ثورة فكرية أغنى رصيدَها عدد كبير من العلماء والفلاســفة، من أمثال: «جون جاك روسو»، و»مونتسكيو»، و»ماكس فيبر»... وغيرهم من الذين وضعوا حجر الأساس لبناء أسس وقوانين الدولة الحديثة. -أسس الدولة الحديثة 1 لقــد عرفــت الدولة الحديثة غربية المنشــأ تطورًا كبيرًا عبــر التاريخ، وأضحت نمطًا للحكم يسود العالم الذي انتقل من حكم الإمبراطورية الشامل إلى حكم الدولة المتميز بخصائصه السياســية المختلفة عن أنماط الحكم الســابقة، لأنها شكّلت ثورة على مستوى الشكل والجوهر. وتقوم أركان الدولة الحديثة على ثلاثة عناصر أساسية، تتمثل في وجود الشعب والإقليم والسلطة؛ إذ تعتبر «منظمة سياسية إقليمية، بحيث تكون وحدها دون أية سلطة أخــرى صاحبة الاختصاص التشــريعي والإداري والقضائي في إقليمها، وهو ما يميز الدولة الحديثة عن الدول في العصور القديمة والوســطى حيث ســاد نظام شــخصية القوانين. والإقليم هو أحد الركائز لاســتقلال ســلطة الدولة السياسية، هذا الاستقلال . ((( الذي يعتبر المدخل الضروري لفكرة السيادة» ومن أهم الأســس الحداثية التي ترتكز عليها الدولة الحديثة إلى جانب الســيادة والســلطة والجهاز البيروقراطي والدستور والقانون نجد حقوق المواطنة التي اكتسبت

، الطبعة الأولى (بيروت، دار الملايين، نوفمبر/تشرين الدولة الحديثة إعلام واستعلام الحسن، حسن، ((( . 19 )،ص 1981 الثاني

11

Made with FlippingBook Online newsletter