حســب هابرماس «القطيعة مع التسويغ الديني للشرعنة، القائمة على تأسيس الشرعية السياسية على تقاليد دينية- كنسية؛ مما أحدث نزاعًا كبيرًا في الوسط الفكري والفلسفي . ورغم ((( . وذلك شكّل انعطافة في فهم شرعية النظام من عدمها» 19 استمر حتى القرن ارتكاز العديد من الدول الحديثة الغربية على العلمانية كمبدأ أساســي في دســاتيرها، إلا أنها اتخذت أشــكاً مختلفة في علاقتها بالدين والمؤسســات الدينية، لهذا رصد
الدارسون وجود علمانيات متنوعة لا علمانية واحدة. -أشكال العلمانية في الدول الديمقراطية الغربية 2
تعتبــر العلمانيــة أحد أبرز مقومات الدولة الحديثة لأنها ترتكز على فصل الدين عن الدولة والذي يبدأ «بنشوء السيادة، ومقدمها إخضاع الدين للسلطة الزمنية وتغلّب منطق الدولة، وجوهرها التشــريع المســتقل والســيادة على الشعب والأرض ونشوء الأجهزة البيروقراطية.. إن فرز منطق الدولة ونشوء الدولة الوطنية هما الخطوة الثانية . ((( في علمنة الدولة» رغم قيام الدول الديمقراطية الغربية على مبدأ العلمانية المرتكز على فصل الدولة عن الدين، إلا أن هذا الفصل قد اتخذ أشكاً مختلفة، لأن هذه الدول لم ترسم نمطًا واحدًا في علاقتها بالدين بل اختلفت المسافة بينهما باختلاف الدول والأيديولوجيات والتجربــة التاريخية التي تميز كل دولة عن الأخرى. لذا، نجد العديد من الدارســين يميزون بين أنواع من العلمانيات وســمت الدولة الغربية الحديثة، فمنهم من ميّز بين علمانية صلبة وعلمانية رخوة؛ حيث لا يكتفي النوع الأول من العلمانية «بفصل الدولة عن الدين، بل يتخذ موقفًا سلبيّا من التدين على المستوى الاجتماعي، وينظر بإيجابية إلى انحســار الإيمان، أقله في المجال العــام، أما العلمانية الرخوة فتعتمد على حياد الدولة دينيّا، وتســامحها تجاه تعدد الأديان والمذاهب وحرية ممارستها، وحرية الفرد ،) 2002 هابرماس، يورغن، بعد ماركس، ترجمة محمد ميلاد، الطبعة الأولى، (دمشق، دار الحوار، ((( ، نقً عن علي المحمداوي عبود، الإشكالية السياسية للحداثة من فلسفة الذات إلى 202 - 200 ص )،ص 2011 ، (الرباط، منشورات الاختلاف، دار الأمان، 1 فلسفة التواصل هابرماس أنموذجًا، الطبعة . 273 - 272 بشارة، عزمي، الدين والعلمانية في سياق تاريخي، الطبعة الأولى، (بيروت، المركز العربي للأبحاث ((( . 9 )، الجزء الثاني، المجلد الثاني،ص 2015 ودراسة السياسات، يناير/كانون الثاني،
13
Made with FlippingBook Online newsletter