صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

نجحت دولة الملك العضود في ذلك، لكن سيادة الأمة غابت في هذه الأخيرة لصالح الاســتبداد، بعد أن كانت أمرًا معيشًــا في مرحلة «الخلافة الراشدة». الأمر الذي يؤكد جرأة أبناء هذه الحركة الإسلامية على نقد بعض الأمور التي تعتبر «تابوهات» تدخل في دائرة الممنوع بالنســبة لحركات إســ مية أخرى، من خلال نزع صفة القداسة عن هذه المرحلة التاريخية الموصوفة بالراشدة، على اعتبار أن كل التجارب البشرية خاضعة للمساءلة والنقد، لتتم الاستفادة من هذه الأخطاء في الواقع المعيش. رغم إعراض هذه الحركة الإسلامية عن استنساخ تجربة الخلافة بحذافيرها، إلا أنهــا بقيــت محافظة على روح هذا الحكم وقيمه فــي أدبياتها، ويظهر ذلك جليّا في الدعوة إلى إقامة الدين على صعيد الأمة، وتحقيق الوحدة بين الأقطار المســلمة؛ إذ يقر ميثاق حركة «التوحيد والإصلاح» أن «اهتمامنا بإقامة الدين على مستوى مجتمعنا ووطننــا، وإعطاءنا الأولوية لهذا الصعيد لا يلغي اهتمامنا وســعينا لإقامة الدين على مستوى الأمة، ذلك بتقديم ما نستطيعه -ولو كان رمزيّا- لدعم إقامة الدين على صعيد ، لأن القناعة المنطلق منها هي وحدة الأمة الإسلامية، ((( الأمة والدفع بها إلى الأمام» التي تعتبر في نظرهم فريضة شرعية، وضرورة واقعية، هذه القناعة التي تؤيدها الآيات القرآنية التي اســتدلوا بها، كقول الله ســبحانه وتعالى: «إِنّ هَٰذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَا ، فقد اعتبر ((( ، وقوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وََ تَفَرّقُوا» ((( رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ» ميثاق الحركة أن «الفُرقة التي أصابت المســلمين من أعظم المصائب والنكبات التي أدّت -ولا تزال تؤدي- إلى التراجع الديني والتدهور الاجتماعي والتخلف الاقتصادي والتشرذم السياسي، وأن أي توجه وحدوي في الأمة الإسلامية على مستوى الجماعات . ((( أو الأقطار يستوجب الدعم والتأييد» لهــذا، رأى بعــض الدارســين أن حلم تحقيــق الخلافة لدى حركــة «التوحيد والإصــ ح» مــا زال قائمًا، وراســخًا في وجدانه؛ فالغاية توحّــد الجماعات القُطرية للوصول إلى نظام الخلافة الإسلامية؛ إذ يقر المقرئ أبو زيد ذلك قائ ً: «كلنا يحلم أن تتوحد الجماعات الإسلامية، وتصبح جماعة إسلامية موحدة بتنظيم واحد وزعيم . 47 )ص 1998 حركة «التوحيد والإصلاح»، ميثاق حركة التوحيد والإصلاح، (طوب بريس، السنة ((( . 92 الأنبياء، الآية ((( . 103 آل عمران، الآية ((( . 48 حركة «التوحيد والإصلاح»، ميثاق حركة التوحيد والإصلاح،ص (((

30

Made with FlippingBook Online newsletter