صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

دعوة حركة «التوحيد والإصلاح» لتجاوز حلمي «الخلافة» و»الدولة الإسلامية»، تؤكد بشكل كبير السعي للتوافق مع الأشكال الحديثة في الحكم، كما تعبّر عن روح الانفتــاح علــى التجارب السياســية الحديثة؛ حيث دافــع رواد الحركة عن التحديث السياسي، ودعوا لمسايرة تطور العصر، فهل معنى ذلك أن الحركة تصالحت مع كيان الدولة الحديثة وتفاعلت مع أسسها السياسية، وتبنت مشروعها الحداثي، أم أن الأمر لا يتجاوز القبول الشكلي بهذا الكيان الحديث؟ -الدولة الحديثة بين الإشادة بمنجزاتها ونقد استبدادها 3 تكاد الأدبيات السياســية لحركة «التوحيد والإصلاح» تُجمع على تبني المفهوم الحديــث للدولة، ويظهر ذلــك جليّا في اعتماد المفاهيم الحديثة عند تعريف الدولة. فالدولة بالنســبة لمحمد يتيم تمثل «علاقات مركبــة وأوضاعًا متعددة وحاصل انتماء تاريخي وجغرافي وبشــري، فالدولة مؤسســات قانونية وســلطات تشريعية وتنفيذية، ســلطات تســتمد وجودها من قاعدة دســتورية تعيّن هويتها العامة ومرجعيتها العليا، بغضّ النظر عن العلاقة التطبيقية بين تلك القاعدة وبين الواقع السياســي والاقتصادي والاجتماعي لتلك الدولة، فقد يكون الواقع المذكور متطابقًا مع المرجعية المذكورة، وقد يكون بعيدًا عنها على مستوى التطبيق، والدولة شعب يحمل تاريخًا وقيمًا وعقائد وتراثًا، وهذه الأخيرة تشكّل الأرضية التي تقوم عليها تلك القاعدة الدستورية، ما دام . فالتعريف هنا يتماهى ((( الشعب هو صاحب السيادة العليا في إقرار النظم الدستورية» مع مفهوم الدولة الحديثة، من حيث الإشــارة إلى الحدود الجغرافية، والشــعب الذي يُعتبر صاحب السيادة، وكذا الفصل بين المؤسسات، والفصل بين السلطات، الخاضعة كلها لقواعد دســتورية، غير أن إشــكال المرجعية هنا يُطرَح عند محمد يتيم بشــكل ضبابــي وغير واضح، إذ لا يظهــر المقصود بالمرجعية، واختلاف مرجعية الواقع عن المرجعية العليا. فهناك تمييز لدى محمد يتيم بين المرجعية العليا للدولة المستمدة من القواعد الدستورية، ومرجعية الواقع التطبيقي، الذي قد ينسجم مع الأولى أو يختلف عنها، وقد يكون المقصود هنا بمرجعية الواقع، المرجعية الإسلامية للمجتمع، التي لا يُشــترط توافقها مع دســتور الدولة، ولكنه يقر في الآن نفسه، أن الشعب هو من يضع

. 54 يتيم، الحركة الإسلامية بين الثقافي والسياسي،ص (((

36

Made with FlippingBook Online newsletter