صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

انقلاب الحركات الاسلامية على مشروع الوحدة، وانغماسها في القطرية هاجسًا يؤرّق راشــد الغنوشــي؛ إذ يقر بأن هناك «خشية حقيقية أن نكون نحن -الإسلاميين- الذين تربينــا علــى احتقار هذه الكيانات القطرية ونذرنا حياتنــا لتحقيق عقيدتنا وحلمنا في الوحدة. أن تكون الثقافة القطرية قد بلغت من العمق لاسيما مع المنازعات والحروب التي أوقد نارها حكام مجانين، حدّا يصبح معه الحديث عن الوحدة على أساس الدين المشــترك والتاريخ المشترك والمصالح الثابتة لأمتنا في الوحدة. ضربًا من الخيال إن لم يكن من النفاق... بدل أن نكون قد ابتلعنا طعم القُطرية المر المقرف، ورضينا لا بما ارتضاه لنا ربنا من توحيد ووحدة، بل ما ارتضاه لنا وفرضه علينا بقوة الأساطيل . ((( والصواعق، أعداء أمتنا التاريخيون لمصلحتهم» ولكن القضاء على دولة التجزئة، أو الوضع الشاذ الذي لا يقبل إلا استثناء، حسب الغنوشــي، لن يتم إلا عن طريق تفعيل آلية الديمقراطية، التي اعتبرها «طريق الانتقال من الدولة القطرية والقومية إلى دولة الفكرة، دولة الأمة، فكل خطوة بالدولة القطرية على طريق الديمقراطية والهوية الإسلامية خطوة في اتجاه دولة النص والشورى، دولة الوحــدة، دولة الأمة، على اعتبار أن العلمانية والتغريب هما الوجه الآخر للدكتاتورية . وكأن الديمقراطية هنا وليدة حضارة أخرى، وليست وليدة الدولة الحديثة ((( والتجزئة» نفســها، وأنها لا علاقة لها بالعلمانية الملعونة في نظره، من ثم نلمس أن الغنوشــي يريد محاربة نموذج الدولة-الأمة بأدواتها المتمثلة في الديمقراطية، للانتقال نحو دولة الأمة، التي تماثل نموذج الخلافة؛ مما يؤكد تهميشه لفكرة الدولة لصالح فكرة الأمة، معتبــرًا أن مفهــوم الدولة والأمة لا يتحدان إلا في شــكل الخلافة، التي يتحقق فيها الارتباط بين الديني والسياسي في التصور الإسلامي؛ الأمر الذي «يجعل أمة الإسلام جماعة سياســية واحدة. ســواء رجع التعدد إلى الضرورة أو إلى تباعد الأمصار فإن الخلافة هي الثمرة الطبيعية لعقيدة التوحيد الإسلامية، وتبقى هدفًا لجهاد الأمة لا يحل ؛ مما يتأكد معه الإصرار ((( ولا يصلح لها التنازل عنه، بل ينبغي الســعي إليه بتدرج» على تحقيق حلم الخلافة، ولو بشكل مرحلي تدريجي. . 66 )،ص 2003 ، (دار قرطبة للنشر والتوزيع، 1 الطبعة . 64 المرجع السابق،ص ((( . 325 الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية،ص ((( . 325 المرجع السابق،ص (((

62

Made with FlippingBook Online newsletter