صورة الدولة الحديثة في مخيال الحركات الإسلامية المغرب وتونس…

فقد تعرّضالمشروع للنقد من أبناء الحركة أنفسهم، حيثاعتبروه عبئًا ثقيً يصعبتحمله، خاصة بعد الاحتكاك بواقع التجربة داخل هذا الكيان السياسي، الذيلا يمتلكسيادة مطلقة؛ بأنه كلما تحرك الإسلاميون باتجاه هذه الدولة حتى «يكتشفوا اتساع إذ يقر رفيق عبد السلام الهوة التي تفصل بين المثال والواقع، بين فكرة الدولة الإسلامية المخلصة التي يحلمون بها، وواقع الأزمات والحصار الذي يطبقه عليها نظام دولي ثقيل الوطأة يمسك بنسيج الاقتصاد والسياسة، ويتحكم في حركة الأساطيل والجيوش، فتتحول أحلامهم الوردية إلى كوابيس مخيفة، فالدولة الإسلامية التي أريد لها أن تكون الأداة السحرية لأسلمة المجتمع، وتجاوز حالة العطالة التاريخية التي ألمت بالوجود الإسلامي على امتداد القرون الثلاثة الأخيرة، إذا بها . ((( تتحول إلى عبء ثقيل على المشروع الإسلامي نفسه» فحلم الدولة الإسلامية المنشودة يراد له أن ينطلق من الدولة القطرية الحديثة، من خلال أسلمة هذه الأخيرة، وأسلمة مبادئها وأسسها، وهو أمر ليس بالسهل -حسب رفيق عبد السلام- لأن الخطاب الإسلامي غير واع بالخطورة الهائلة التي تختزنها الدولة الحديثة، بأجهزتها الأمنية والعسكرية الضاربة، وتنظيمها الإداري الضخم، وما تتمتع به اليوم من قدرة هائلة على الرقابة والضبط. لهذا، يعتبر مشروع الأسلمة، لتحقيق الدولة الإسلامية المنشودة، من مشاكل الخطاب الإسلامي عمومًا، لأنه يميل إلى أسلمة دولة الانقسام والتجزئة التي ورثت الكثير من الأزمات والأعطاب الهائلة منذ الحقبة الاستعمارية الثقيلة، من خلال أسلمة التشريعات القانونية والمظاهر العامة لهذه الدولة ثم نعتها بالدولة الإسلامية «فحينما يتحدث الإسلاميون عن الدولة الإسلامية فهم يقصدون غالبًا أسلمة الأوعية السياسية القُطرية التي يتحركون داخلها مكتفين بإسقاط مقولات السياسة الشرعية ونموذج الخلافة على نحو ما ؛ وهو أمر شديد ((( تحدث عنها الفقهاء والأصوليون القدامى على دولة التجزئة الحديثة» الصعوبة لأن الإسقاط غير منسجم أو غير متكافئ. ورأى بعض الدارسين أن التراجع عن المطالبة بالدولة الإسلامية لدى حركة «النهضة» كشعار، لم يتم فقط بعد خوض تجربة الحكم، بل تم ذلك منذ أوائل الثمانينات، خاصة بعد قرار ولوج العمل السياسي؛ حيث«لم تعد الإشارة إلى الدولة الإسلامية، كأولوية من أولويات ، بمثابة السنة التي سجّل فيها الخطاب 1984 الحركة، تتردد كثيرًا، ما يمكن معه اعتبار سنة الإسلامي التونسي قطيعة مع المرجعية الإخوانية، ومع مفاهيم الثورة الإيرانية، ليصل إلى (، 2005 - 5 - 18 رفيق عبد السلام، الخطاب الإسلامي ومعضلة الدولة الحديثة، الجزيرة نت، ((( http :// www . aljazeera . net / knowledgegate / ) 2016 أكتوبر /تشرين 5 تاريخ الدخول 18 / 1 / opinions / 2005 نفس المرجع. (((

69

Made with FlippingBook Online newsletter