بصورة حالمة مجرد خزان معلوماتيورقمي مبسوط أمام أعين الدولة وآذانها، واستحال أمره إلى . ((( ما يشبه العجينة الطيعة والقابلة للتصميم الاصطناعي على أيدي الدولة وخبرائها المهرة» والاستبداد يزداد تعقيدًا في الدولة العربية الحديثة -حسب راشد الغنوشي- حيث ظهرت الدولة الشمولية بعد الاستعمار «التي تشعر أن من حقها تقرير ما يتعلمه الناس وما لا يتعلمون، وقد يبلغ غرورها حد فرض أزياء محددة على مواطنيها وتقرير أذواقهم وسائر تصرفاتهم... إنها الوصاية الشاملة على المجتمع وكأنه ملكخصوصيللدولة وليس العكس، . ((( وكأنها الطرف الوحيد الذي يحتكر الحقيقة» بناء على ذلك، تكون الدولة قد ألغت دور الأفراد، ونزعت إرادتهم، بشكل مدروس، لذا استنتج الغنوشي أن الدولة الحديثة تمارس الإكراه الإرادي، أو الإكراه المقبول، وهو ما أشار إليه رفيق عبد السلام سابقًا، بالإكراه الخفي، بحيث يستشعر المواطن حرية غير حقيقية، حرية مغلّفة بالإكراه غير المعلن، والذي يمكن أن يتخذ -حسب راشد الغنوشي- «صورًا شتى قد تبلغ من الدقة والدهاء والخفاء في ممارسة عمله انعدام شعور الضحية، وهو ما يحصل فعً في مجتمعات الديمقراطية الشرقية والغربية من سيطرة للدولة أو للمؤسسات الرأسمالية على أدوات الاتصال والتعليم والتثقيف، مما يجعل لها نفوذًا عظيً على عقول الجماهير وتكييف . ومن ثم فإن السلطة لم ((( أذواقها، بما يكفل الأمن وإدارة اللعبة السياسية في الإطار المحدد لها» تتلاشَ ولم تتجه في طريق الحرية «بل قد عظمت وتضخمت وأحاطت بالفرد المسكين من كل جانب، كيف لا وقد احتكرت وسائل البطش والإغواء: السلطة والثروة والإعلام والثقافة . ((( دون منازع؟ الأمر الذي هيّأ لها المجال فسيحًا لفرض نظريتها في الحرية» فحرية الدولة الحديثة إذن وهمية، وهي -حسب هذا الرأي- حرية موجّهة وفق إرادة الدولة، ووفق معاييرها، أما ما يظهر من وجه ليبرالي ديمقراطي للدولة الحديثة الغربية، فهو مظهر مستجد بعد الحرب العالمية الثانية «لا يعطي صورة كاشفة عن المسار التاريخي ، وهو الأمر الذي ((( المركب، وحتى الدموي المخيف الذي لازم نشأة الدولة القومية الحديثة» . 55 المرجع السابق،ص ((( الغنوشي، تجربة النضال: حوارات جريئة في المواطنة وحقوق الإنسان والنهضة ونقد التطرف، ص ((( . 83 _ 82 ص . 33 الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية،ص ((( . 33 المرجع السابق،ص ((( ، 2005 - 5 - 1 رفيق عبد السلام، الخطاب الإسلامي ومعضلة الدولة الحديثة، الجزيرة نت، بتاريخ ((( http :// www . aljazeera . net / knowledgegate / ) 2016 أكتوبر /تشرين 5 (تاريخ الدخول 18 / 1 / opinions / 2005
74
Made with FlippingBook Online newsletter