التي لا تقبل بالبرامج المبنية على الأيديولوجيا الصرفة، بل البرامج العملية، القابلة للتطبيق والممارسة، وهو ما جعل الحركة تخوضمرحلة انتقالية كبيرة، على مستوى الخطاب الذيتحول من التمسك بالثوابت والمرجعيات والهوية، إلى خطاب تحكمه التجربة، وضغوطات الواقع -واقع الدولة الحديثة- المراد حكمها. وهو ما سيغّ من أهداف الحركة ومنهجها وهو ما يؤكده أبناؤها؛ إذ يقدّر جلال الورغي أن حزبه بصدد إعادة التشكل والخروج من مرحلة الإسلام السياسي التي استُنفدت، إلى مرحلة ما بعد الإسلام السياسي، حيث تبدو النهضة، حسب رأيه، أكثر المؤهلين لمرحلة ما بعد الإسلام السياسي في العالم العربي بعد التجربة التركية، وبها ستتحول النهضة من طور إلى طور، وربما تُفكّك بناها التقليدية ومفاهيمها الأساسية، ويعاد تشكيلها على أسس مختلفة، لأن خوض مجال الحكم شكّل اختبارًا حقيقيّا للنهضة، بوضعها على محك التجربة والممارسة. ولكن التجربة بقدر ما كانتلها سلبيات، بقدر ما أسهمت في الضغط المستمر على خطاب النهضة وتطويره رغبًا حينًا ورهبًا أحيانًا، ولكن كان في عمومه تغييرًا مهّ ومفيدًا لها وللمشروع الوطني. وتحولت من حزب أو حركة مغلقة على مناضليها إلى حركة وطنية. كما أنها بددت الصورة النمطية المخيفة التي رسمها عنها إعلام «ابن علي» والتي تبرز أن «النهضاوي» مجاهد، ملتح، غايته التضييق على الحريات، وانتهاك . ((( حقوق المرأة وتطبيق الشريعة الإسلامية غير أن الخطاب الحداثي الجديد لـ»حركة النهضة» لم يلق استحسانًا كبيرًا لدى العديد من المتوجسين من الحكم الإسلامي؛ حيث شكّكوا في هذا الخطاب، الذي تنقصه نسبيّا النفحة الإسلامية، وتطبعه بشكل كبير النفحة الحداثية؛ إذ اعتبره محمد كمال الحوكي مجرد خطاب يستجيب لتحديات المرحلة التطميني للداخل والخارج، ولكنه مخالف لثوابته، متميز بالتضاربفي تصريحات قياداته، مطبوع بالاهتزاز والضبابية والنفعية، متمسك بالازدواجية، . ((( مهمّش للخطاب الفكري الفلسفي» كما رأى بعض الدارسين مثل مرشد قبي أن الخطاب الجديد جاء استجابة لضغط الواقع، وغير مبني على قناعات فكرية، لأن المنظومة التي يتحرك فيها راشد الغنوشي ونظراؤه في الفكر الإسلامي المعاصر، تفرضعلىخطابهم المرونة، وتدفع أفكارهم ومواقفهم إلىضروب 15 ، (تاريخ الدخول 2014 يونيو/حزيران 14 الورغي، جلال، انقضى زمن الإسلام السياسي، إيلاف، ((( html . 912731 / 6 / http :// elaph . com / Web / News / 2014 ) 2016 ديسمبر/كانون الأول يناير: النهضة نموذجًا بين إرث 14 الحوكي، محمد كمال، قراءة في الخطاب الإسلامي التونسي بعد ((( التجربة وتحديات الواقع في مواجهة محاذير المستقبل، ضمن مؤلفجماعي، من قبضة بن علي إلى ) 2011 ،(مركز المسبار للدراسات والأبحاث، 2 ثورة الياسمين: الإسلام السياسي في تونس، الطبعة . 231 - 227 صص
83
Made with FlippingBook Online newsletter