العدد 5 - فبراير/شباط 2020

293 |

قراءة في كتاب - ديكتاتورية الهويات

البريطان ـي. هكـذا نكـون هنـا أمـام أفـكار اسـتبدادية وغيـر ديمقراطيـة، لكنهـا تحـارب بقيـم وأدوات الديمقراطي ـة انطـ ق م ـن ثنائي ـة الأقلي ـة والأغلبي ـة، وعـادة م ـا يت ـم اسـتدعاء مفاهي ـم وقيـم مـن قبيـل المصـالح الخاصـة والعامـة ومفهـوم المواطنـة والمصلحـة العامـة والتوسـل بأفـكار وقوانـن عابـرة للـدول والحـدود لتبريـر حالـة الاسـتبداد. وهـذا مـا خلـص إليـه صاحـب الكت ـاب حينمـا اعتب ـر أن سياسـة الهوي ـة فـي السـياق الأميركـي العـام تقـدم ) وال ـذي le despotisme democratize)(10( م ـن أشـكال الاسـتبداد المدمق ـرط ً شـك ـة فـي الدولـة َ ل َّ ث َ ُ يعنـي هنـا أن السـلطة لـم تعـد بأيـدي المؤسسـات السياسـية المعروفـة والأحـزاب ومؤسسـات المجتمـع المدن ـي، ب ـل أصبحـت بأي ـدي أف ـراد أقلي ـة تتملكه ـم نزعـات فئويـة ورغبـة قويـة للهيمنـة والسـيطرة وامتـ ك مكانـة مختلفـة علـى المجتمـع عبـر مجموعـة مـن الوسـائل التـي تهـدف لصياغـة نـوع مـن الإجمـاع حـول فكـرة لا ديمقراطيـة بهـدف بنـاء مجتمعـات ليبراليـة لكـن بـدون ديمقراطيـة. وإذا كان ـت المجتمع ـات القديم ـة ق ـد قام ـت عل ـى تع ـدد الأدوار والوظائ ـف ف ـإن ذات المجتمعـات الغربيـة وخاصـة الولايـات المتحـدة الأميركيـة تسـير بـرأي صاحـب الكتـاب فـي اتجـاه التنميـط والسـيطرة علـى العقـول؛ حيـث “كل شـيء خاضـع للمراقبـة والتطابق . فـكل شـيء فـي المجتمـع الأميركـي مراقـب مـن ً الكلـي وكل شـيء أضحـى مسـج خـ ل وسـائل وآليـات تقـوم بالتجسـس. والمفارقـة أن الأشـخاص يقبلـون هذا التجسـس طواعيـة وجميـع الصـور والصـوت مسـجل ومحتفـظ بـه فـي الأرشـيف الكبيـر”. وكأننـا بصاحـب الكتـاب يقـول بـأن البراديغـم الهوياتـي الأميركـي فـي الألفيـة الجديـدة القائـم علـى الاسـتبداد الديمقراطـي اعتمـد فـي تشـكله النهائـي علـى خطابـات سياسـية غيـر

Made with FlippingBook Online newsletter