العدد 11 – أغسطس/آب 2021

| 146

الخوارزميات أو يديرها ويرصد إيجابياتها وســلبياتها ويتخذ بعض القرارات المهمة نيابة عنها، بسبب تعقيدات التواصل وارتباطه بالسياقات والبيئات الثقافية. ويفــرض الذكاء الاصطناعــي المرتبط بالصحافة والممارســات الإعلامية تحديات كبرى على مؤسســات التكوين الإعلامي المعاصرة، لأنه يجبرها على إدماج المزيد من البرامج الدراسية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها الرقمية وصوً إلى الذكاء الاصطناعي الذي يمثّل قمة الرقمنة. فلما تحولت كافة الأجهزة المستخدمة في العمــل الإعلامي رقمية، وجلها أجهزة ذكية، وتوافرت البرمجيات التي تضع حلو لاحتياجات الإعلامي المهنية، وجب عليه أن يندمج في عوالم الرقمنة ويتعاطى مع تحديثاتها ويســهم فــي تطويرها. وبعد أن تحول أفراد الجمهور المتلقين للرســائل التواصلية الإعلامية إلى مستخدمين قادرين على التفاعل مع المحتوى وإنتاج محتوى يضاهيه، لابد للإعلامي أن يصبح أكثر معرفة ومهارة في توظيف الذكاء الاصطناعي توظيفًا فعاً يجعل منه خبيرًا في مجاله وقادرًا على المواكبة المستقبلية. لقد بدأت الإعلانات التجارية عبر الويب تتفوق على الإعلانات التقليدية (المنشورة عبر الصحف والمجلات والقنوات التلفزية) بفضل الذكاء الاصطناعي الذي يجعلها تســتهدف المستخدمين الأكثر احتماً لاقتناء الســلعة أو طلب الخدمة، وذلك من ) للمســتخدم. ذلك أن خوارزميات Digital Identity خــ ل معرفة الهوية الرقمية ( الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها مؤسسات كبرى مثل غوغل وفيسبوك، لا تكتفي بمعرفة بيانات المستخدم بل تصل إلى صداقاته ومعارفه واهتماماته والمحتوى الذي يفضلــه وحالته العاطفية وتنقلاته وغيرها من الســلوكات التي تحدد طبيعة الإعلان الذي يجب أن يتعرض له وفي أي وقت لضمان أكبر فرصة للتفاعل ومن ثم اتخاذ قرار باستهلاك السلعة أو الخدمة. هــذا النوع من الذكاء الاصطناعي الذي قاد إلى تحديد الهوية الرقمية للمســتخدم، قادر على أن يقتحم مجال الصحافة الإلكترونية ليخلق نوعًا من التناغم والتكامل بين الصحافي (انطلاقًا من هويته الرقمية)، والناشر (انطلاقًا من هويته الرقمية المتمثلة في أجندته وسياساته التحريرية)، والإعلان (الذي يتخير مكانه وزمانه ضمن المحتوى)، والمحتوى (الذي يتم إعداده أخذًا في الاعتبار الهوية الرقمية للمستخدم)، والمستخدم (المستهدف من قِبَل كل ما سبق). فعلى ســبيل المثال، يســتطيع الناشرون والصحافيون -اســتنادًا إلى معرفتهم للهوية

Made with FlippingBook Online newsletter