العدد 11 – أغسطس/آب 2021

| 222

مدخل عامًا على إمضاء اتفاقية دايتون التي أنهت الحرب على البوسنة 25 بعد مضي أكثر من ، تجد الدولة نفسها في ذات الوضع المتأزم الذي كانت 1995 والهرسك نهاية العام عليه بعيد الحرب، مع احتمالات ضئيلة للنمو وتجاوز كل الإشــكالات السياســية والاقتصادية والاجتماعية. بل يبدو من المعجزة، في ظل الانقسامات الإثنية الحادة، أن تظل البوسنة والهرسك دولة واحدة موحدة. ومن أجل بقاء الدولة واستمرارها على المدى الطويل، فإنها بحاجة ملحة إلى إجراء إصلاحات ضرورية. غير أن الهيمنة الحالية الطاغية للأحزاب القومية، والافتقار إلى الإرادة السياسية، والتهديدات المتكررة بانفصال كياني ريبوبليكا صربسكا والكانتونات ذات الأغلبية الكرواتية، تجعل القبول بأي إصلاحات أمرًا في غاية الصعوبة والتعقيد. كل هــذا يحدث على خلفية آمال البلاد فــي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو طموح بعيد المنال إلى أن تتمكّن الدولة من معالجة التوصيات التي قدمتها المفوضية الأوروبية لاشــتراط بدء محادثات الانضمام إلى النادي الأوروبي المغلقة أبوابه منذ . 2013 العام قد تبدو البوسنة والهرسك دولة محكوما عليها بالفشل، لكن التغيير الحقيقي لن يحدث حتى تتوقف الأحزاب القومية عن اختطاف مؤسســات الدولة، وتأجيل الإصلاحات الدستورية، وتتصدى للمشاكل الأساسية التي تمزق البلاد وشعبها المتعدد الأعراق، وهي تحتاج لإتمام ذلك دعمًا دوليّا واسعًا، أوروبيّا وأميركيّا بالأساس، ومؤازرة من دول الجــوار الطامعة في أراضيها، وكفّ روســيا والصين عن لعب أدوار لا تصب في صالح استمرار الدولة ونمائها واستكمال بناء السلم الاجتماعي. أما العمل على الحلول المؤقتة في ظل البناء الدستوري الحالي، دون توافر باقي الشروط، فلن يؤدي إلى إحراز تقدم على المدى الطويل. . السياق التاريخي والديناميات الحاكمة للوضع 1 من الضروري التذكير بالســياق التاريخي الذي وُلدت فيه دولة البوســنة والهرسك؛ فذلك جزء أساســي لفهم تطورات الأوضاع اللاحقة، داخليّا، والديناميات الحاكمة للعلاقــات بين دول البلقــان فيما بينها، ثم فيما بينها وبين المجتمع الدولي، الراعي والوصي والحاكم الفعلي لدولة البوسنة والهرسك.

Made with FlippingBook Online newsletter