العدد 11 – أغسطس/آب 2021

225 |

، أي بعد أيام قليلة من إعلان البوسنة والهرسك استقلالها عن 1992 في أبريل/نيسان الاتحاد اليوغســ في، شنّت مليشيات كارادجيتش شبه العسكرية -التي كانت تملك آلة حربية متطورة- هجومًا كاسحًا على سراييفو وأطبقت الحصار عليها، ثم واصلت بعد ذلك عمليات احتلال الأراضي البوسنية وإخلائها من سكانها من غير الصرب. وقد جرى كل ذلك بدعم من صربيا الأم وروســيا، ووســط صمت أوروبي ودولي . " المتواطئ " وُصف بوسنيّا بـ لــم تكــن أوروبا ترى أنها معنية بذلك الصراع الذي وصفته بالحرب الأهلية التي لا ينبغي التدخل فيها، رغم أن البوسنة والهرسك كانت دولة مستقلة ومعترفا بها دوليّا. أما المجتمع الدولي فقد كانت حلوله التي جاءت متأخرة، بعيدة عن التأثير الجدي لإيقاف الاعتداءات والمذابح التي تعرض لها المدنيون العزل، وفي مقدمتهم مسلمو البوسنة والهرسك. من جانبها، لم تكن إدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون متحمسة لأخذ زمام المبادرة، واكتفت بدور المراقب عن بعد لما يجري على أرض البوســنة والهرســك، رغم أن 26 مجلــس الشــيوخ الأميركي، وفي تفاعله مــع مذبحة سريبرينيتســا، صوّت يوم على قرار برفع الحظر عن الأســلحة لصالح الجانب المســلم في 1995 يوليو/تموز البوسنة، ثم تبنَى مجلس النواب الأميركي هذا القرار في جلسته المنعقدة في الأول من أغســطس/آب من العام نفســه، إلا أن الرئيس كلينتون رفض إمضاءه مســتعم حق النقض لإجهاضه. ثم كان الحدث الفاصل في تغيير الموقف الأميركي من دور المراقب للأحداث إلى دور الفاعل فيها بقوة، متمثً في النصر العسكري الذي حققته ، 1995 أغسطس/آب 7 قوات كروات البوســنة في منطقة كرايينا الاســتراتيجية يوم % من الأراضي البوسنية، ومن ثم إجبار قوات صرب البوسنة على 20 وتحرير حوالي التراجع إلى المناطق الغربية من البوســنة والهرســك، وقد كان هذا النصر الكرواتي مدعومًا أميركيّا، بشكل غير مباشر. باختصــار، كان الحــلّ الذي اختارته إدارة كلينتون بتقديم دعم أميركي غير مباشــر للجانب الكرواتي، ردّا على انســداد الأفق الذي فرضه الحلفاء الأوروبيون برفضهم مشــروع رفع الحظر عن الأسلحة واســتخدام الطيران الحربي لحلف الناتو لقصف أهداف عســكرية صربية، فقد كان حلفاء واشنطن (باريس ولندن وموسكو) يصرّون على عدم التأثير في تغيير موازين القوى بين أطراف الصراع الثلاثة، لاعتقادهم بأن

Made with FlippingBook Online newsletter