العدد 11 – أغسطس/آب 2021

| 228

الدستورية عند حصولها على الاستقلال، حيث كانت اللجنة المكلّفة بصياغة دستور جمهورية يوغســ فيا الاتحادية الاشتراكية حريصة على مطابقة دساتير الجمهوريات الاشــتراكية لدســتور الجمهورية الاتحادية، غير أن مفاوضات دايتون أدت إلى إقرار كل دســاتير الجمهوريات المستقلة، باستثناء دســتور البوسنة والهرسك، التي كانت الجمهورية الوحيدة التي مُنحت دســتورًا جديدًا-فريدًا من نوعه في أدبيات القانون الدســتوري الحديث- لتُحيلها من ديمقراطية برلمانية إلى دولة ممســوخة الهوية لا من القوى " الممنوح " تنتمــي إلــى الأنظمة الديمقراطية. لقد اعتمد دســتور دايتون، الكبرى، خيار التمييز بين مختلف مكونات المجتمع المتعددة، وأسّس برلمانًا بغرفتين المكونات الإثنية المؤلّفة " أو " الشــعوب المكوّنة " تجمعان فقط ممثلين عما يُســمّى . كما شــكّل أيضًا مجلسًــا للوزراء ورئاسة للمجلس، " لشــعب البوســنة والهرسك في حين ألغى المحكمة العليا للبوســنة والهرســك. وهكذا يكون الدستور البوسني قد ألغى المبادئ الديمقراطية الجوهرية التي قام على أساســها دســتور " الجديــد " جمهورية البوســنة والهرســك قبل الحرب عليها، ليعيد الدولة الوليدة بعد الاتفاقية -عمليّا- إلى مرحلة ما قبل الدستور. يبقى أن نشــير في هذا الســياق، إلى أن دســتور البوســنة والهرسك لا يعترف بغير ، أي البوشــناق والكروات " المصالــح الوطنية الحيوية للـــشعوب المكونة الثلاثة " والصرب، في حين لم يأت مطلقًا على ذكر مصطلحات، مثل: الشعب، والمصلحة العامة، والمصلحة الوطنية ومصلحة الأمة. ولا شك أن تأسيس استقرار داخلي لدولة البوســنة والهرســك في ظل هذه المواد الدستورية، لا يبدو قابً للتحقّق ولا يؤدي إلى أي تقدم تطمح إليه شــعوب البوســنة والهرسك، بل إنه قاد البلاد إلى فشل بيِن عامًا من العمل وفقًا لدستور دايتون. 25 ما تزال تتخبط فيه بعد مرور أكثر من . تضخيم مؤسسات الدولة السياسية: أعباء إضافية تسهم في إفشال الدولة 3 كان منتظرا بعد إقرار الدستور الجديد للبلاد، أن تعود البوسنة والهرسك إلى الوضع ، وفقًا 1992 أبريل/نيســان 8 الدســتوري الــذي كان قبل إعلان حالة الطوارئ يوم لمقتضيات أحكام الدســتور، والتزامًا باشتراطات المعاهدة الأوروبية لحماية حقوق الإنســان. وكان من شــأن ذلك أيضًا، عودة مؤسسات البوســنة والهرسك السيادية لاســتئناف سير عملها الطبيعي الذي كانت عليه قبل إعلان حالة الطوارئ. كان هذا

Made with FlippingBook Online newsletter