العدد 11 – أغسطس/آب 2021

| 36

وقد بررت معظم الدول التي لم تنضم إلى المحكمة الجنائية الدولية ذلك بتبريرات غير منطقية، كما هو حال إســرائيل التي بررت رفضها التوقيع على النظام الأساســي للمحكمــة لاعتبــارات سياســية صرفة، حيث نص على اعتبــار نقل دولة الاحتلال لرعاياهــا إلى الأراضي المحتلة ضمن جرائم الحرب التي تملك المحكمة صلاحية .) 70 محاكمة مرتكبيها( لهذا يمكن القول إن النظام الأساســي للمحكمة الجنائية الدولية يُعد صيغة توفيقية لمختلف وجهات النظر الأيديولوجية والسياســية للدول المشــاركة في مؤتمر روما. وقد انعكس هذا الأمر على مدى فاعلية المحكمة؛ إذ إن نظامها الأساسي جاء ملبيّا لمطالب ورؤى واتجاهات متعددة، لذلك احتوى على العديد من النقائص والثغرات التي شــكّلت في معظمها عوائق لتطبيق القانون الجنائي الدولي أمام هذه المحكمة. وتتمثّل هذه الثغرات بالأســاس في مبــدأ التكامل والحصانة، والاختصاص الزماني للمحكمة. وتطبيقًا لذلك على الحالة المدروسة، فإن أهم التحديات التي يمكن أن تعيق عمل المحكمــة في الحد من الاســتيطان الإســرائيلي في الأراضــي المحتلة، تتجلى في مبدأ التكامل وما يتيحه لإســرائيل من إمكانية الإفلات من العقاب لإعطائه الأولوية للقضــاء الوطني الإســرائيلي على القضاء الجنائي الدولــي. وتثبت الوقائع أنه كلما تعرضت إسرائيل لضغوطات داخلية من طرف المجتمع المدني الإسرائيلي، وخاصة المنظمــات الحقوقيــة، أو خارجية من طرف دول كبرى -قليً ما يحدث ذلك- أو منظمات حقوقية عالمية، تقوم بتحقيقات تســتمر لسنوات، رغم توفر الأدلة القاطعة علــى تورط مواطنيهــا، أو محاكمات صورية، بغرض حماية الأشــخاص المعنيين ) الذي أقر بأن القضاء 71 من المســؤولية الجنائية. وهذا ما أكده تقرير غولدســتون( الإســرائيلي لا يستجيب للمعايير الدولية في تعامله مع القضايا التي تخص الحقوق .) 72 الفلسطينية( وما يؤكد هذا الواقع العملي للقضاء الإسرائيلي، عدم إنصاف الفلسطينيين في أعقاب انتهاك حقوقهم الإنســانية بما في ذلك أمام المحكمة الإسرائيلية العليا. ويصبح هذا الأمر أكثر وضوحًا عندما تندرج الانتهاكات ضمن سياسة معلنة لحكومة إسرائيل ،كما في مسألة بناء المستوطنات في الضفة الغربية أو قصف المدنيين في قطاع غزة. وفي

Made with FlippingBook Online newsletter