مقدمـــة
ليست خريطة العامل وما ﲢويه من قارات ومناطق برية وﲝريةبذلك القدر من البساطة والوضوح الذي تبدو عليه، ف معاملها وتضاريسها ليست فقط نتاجا لقوى الطبيعة الﱵ اجتهد ت ﳊقب كثرية ﰲ ﳓتها وقولبتها حﱴ بدت على ما هي عليه، بل اﲣذت أبعادا وقراءات أخرى عندما تدخل اإل نسان ﰲ ﲢويرها وفهمها مبا يتناسب و أهدافه ومصاﳊه، فكانت النتيحة أن وض ع عمل الطبيعة جانبا، وبدأت إدراكات الناس وتوجهاهتم ﰲ صياغة اﳋريطة تضفي عليها هت تصورا م وإﳛاءا م، ا ي مب هت تعدى الدالالت الطبيعية اﳉامدة، فاﳋريطة ﰲ أيدي أصحاب املصاحل من اﳋرباء واﳉيوبوليتيكيني واإلسرتاتيجيني وصناع القرار، تنتقل إﱃ مستوى أعلى من الديناميكية و التعقيد والتوجيه اﻷ ا مم يديولوجي واملصلحي، ملتخي لة، يسهم ﰲ عمليات ﲣيل وإعادة ﲣيل اﳋرائط اﳉغرافية، ومنحها صفة الذهنية وا الﱵ من تدر الهلا خ ك تلك اﳋرائط بشكل ﳐتلف عن هيئتها الطبيعية اﻷوﱃ، فتنتشر على اﳋريطة الواحدة توصيفات ﳐتلفة ملناطق وفضاءات متعددة، ووراء كل منها تقف رغبة ﰲ ﲢقيق هد ف ما، أو منع خصم أو عدو من ﲢصيل منفعة معينة، لتتحول اﳋريطة إﱃ رقعة شطرنج يتنافس عليها العبون كثر لكل منهم امل توجهاهت ا مم تباينة، يضفى عليها طابع الكينونة اﳊية بعد أن كانت من قبل منتوجا جامدا ذا صبغة طبيعية ﲝتة، وقد تولدت عن كل ذلك مفاهيم وتوصيفات وتسميات جديدة، عكست كل رتاتيجية منها طموحات وتطلعات إس متضاربة، بقدر ما تتباين طموحات وتطلعات كل طرف وﲣيله ل إل تلك الفضاءات اﳉغرافية، وسعيه عادة تشكيلها ورمسها وقراءهتا وفق ا ملصاﳊه ومصاحل حلفائه، الﱵ تتعارض مع مصاحل خصومه وأعدائه. إل إن املفاهيم اﳉيوبوليتيكية الﱵ تزخر هبا ﳐتلف الكتاابت السياسية وا رتاتيجية، تنحدر س من تلك العمليات املعقدة لتخيل الفضاءات اﳉغرافية و ابتكار هل مسميات ا، يصعد ﳒم بعضها لفرتة من الزمن مث ﳜفت ويرتاجع بعدها، ليفسح اجملال لتوصيفات أخرى تتناسب مع التحوالت اﳉديدة،
5
Made with FlippingBook Online newsletter