torath 307- May-2025

ًًدراسات إماراتية

تتشكل هذه اللوحة المطرية عند الشاعر من عناصر جمالية متعددة (الليل، القمر، المطر، وجه الحبيبة، الشارع الممتد، السنا، البرق...)، والليل في هذه اللوحة هو فعل مكاني بكل أبعاده، وفي العتمة يتحرك القمر ليضيء المكان، ويظهر وجه الحبيبة ليزيد المكان ضياء، وفي هذه الأثناء لا تُُرى نهاية للشارع؛ حيث العتمة تجلل المكان والمطرالمتساقط يحجب الرؤية، ولمعان البرق الذي يترافق مع هطول المطر يظهر بين الفينة والفينة، والشاعر وحبيبته يعدوان مسرع ََين سعيد ََين مستمتعََين برذاذ المطر وحباته الناعمة الندية، وفي حركة العدو وسرعة التقارب تتشابك القلوب وتتعانق الأرواح، ويعلو صوت الحب في هذا المكان الذي يأسره المطر (ليل، ظلام، رذاذ متناثر، حبيبان يعدوان، برق وضياء، قمر، حب ّّ) لوحة تكاد تنطق بالجمال والسحر، والمطر هو المحرك الفعلي لهذه الأحداث والمؤثرات الطبيعية والمكانية. وتعمل الأفعال المضارعة على إبراز فعل الحركة في أعطاف هذا المكان (ينهمر، نعدو، ينتثر)، تساندها الأفعال المعنوية لتكتمل معالم المنظر المطري البديع (تعانقت أرواحنا، تشابكت قلوبنا، نستلذ بالرذاذ). ويثيرمنظرالبحيرة قريحة الشاعرأحمد عبيد وهي تنثررذاذها فيناجيها ويتحدث إليها بكل أريحية وحب: ِِأََبُُحـيــرتي ح ُُلْْــو رََذ ََاذ ُُك عــنــدما يََحلُُــو نِِدائــي

والسقيا وفعله بالأرض، ويراه ساعة جميلة ومنظار بديعا يحلو المسير تحت قطراته ورذاذه مع الحبيبة يستمتعان بهذا ُُالمنظر الساحر الندي: ُُالليل ووجهُُك البََشُُوش ُُوالقمر والسيل والشتاء ُُّينهمر ِِوالشارع الممتد في غياهب الظلام يستََتِِر سوى بََصيص للس ََّنا والبرق والمطر

نشعر في هذه اللوحة الطبيعية الناطقة بكل معاني السحر والجمال، وبروعة المطر وهو يتساقط على الأرض العطشى ليروي ظمأها، هذه الأرض تستقبل الخيرمن السماء، إنه المطر الذي يسقي البشروالزرع والدواب والطيور، ومع هطول المطر تضحك الوديان الجافة منذ زمن، ها هي قد سالت وفاضت وعم الخير، وأشجار النخيل اخضوضرت وتنفست الصعداء، والب ََر الممتد امتلأ بألوان شتى من الزهور، نشعربرائحة المطر الندية تغلف المكان وتبعث فيه الحياة، نشم رائحة الأزهار التي غذ ّّاها المطر بالماء والحياة فانتشت فرحة جذلى. نلحظ حركة الوديان والماء يتدفق في أوصالها وعروقها، منظرساحر بديع في مكان يعمر بالحياة، وكل هذا بفعل المطر، وهل منظر الأرض والأشجار والزرع قبل المطر كمنظرها بعد أن تغلغل المطر في وديانها وشعابها؟ المكان غاية في الجمال والنضرة. ولونظرنا إلى الأفعال التي استخدمها الشاعرلرأيناها تحمل كل معاني العطاء والخير والحياة (جادت، سقت، سالت، ارتوت، أنبتت، يضوع، ترتوي، ازدهت، عم ََّ، وعندما كان حديث الشاعر عن الجفاف قال (ظمأ الرمل) والظمأ هو العطش الشديد، هذا هو فعل المطر بالأرض، وهذا سحره وجماله عندما يتساقط على الأرض العطشى التي تنتظرزخاته بكل محبة ولهفة. ويخرج المطر عند الشاعر سلطان خليفة عن إطار الري

ِِـحْْر العُُيـون الحالمـات مع المساء ِِمُُوج ِِي على س ِِمُُوجي فإن لم تََرقُُصي فالح ُُسن لم يرقص لِِماء ُُـذوبـة والصـفـاء مُُـوجي فََــوج ْْه المـاء رََيََّان الع ) 6(ِِ مـُُوجي فإن الح ُُسن يـََرف ُُـل فـي أكالـيـل الضـياء

رذاذ الماء المتناثر في هذه البحيرة يشكل عنص ار جمالي ّّا في هذه البحيرة، ويبعث فينا مشاعر السعادة والفرح، وحركة موجها تعني تجدد الحياة، والعلاقة الحميمة بين الشاعر والبحيرة تتجلى في تكراره لفعل الأمر (موجي) أربع مرات، ففي تموجاتها يتألق جمال مائها وعذوبته، فجمال الماء لا يكون إلا بحركته وتدفقه وصوته، إن عنصر الحركة يشكل العنوان الرئيسي لهذه البحيرة المتجددة من حين إلى آخر، ويعاود الشاعر الطلب من هذه البحيرة أن تموج وترقص، إنها مكان مفعم بالحيوية والسحر. وفي كثير من الأحيان تكون البحيرة مهبطا للطيور لتشرب وتمرح فوق مياهها، فتغدو في غاية

تعانقت أرواحُُنا تشابكت قلوبُُنا ِِونحن نََعدُُو ِِمُُسرع ََي ْْن نََسْْتََلِِذ بالرََّذََاذ ِِينت ََثِِر أنا وأنت ) 5( والأحلام والقََمََر

101

100

2025 مايو 307 / العدد

الطبيعة عند شعراء الإمارات تتألق سحرا وجمالا

Made with FlippingBook Digital Publishing Software