ًًدراسات إماراتية
تقترب شيئا فشيئا من المغيب، وفي هذه الأثناء ينعكس ضوؤها على صفحة البحر وكأنها تلقي تحية المساء. وتتجلى جمالية هذا المنظر في حركة الشمس وهي تُُسلم قيادها آخر، وتنتقل ا � وتختفي حين ا � للمغيب فتلمع أشعتها حين بضيائها بإطلالة الوداع على الشوارع والمحال التجارية والبيوت القديمة، في هذا الوقت قبل الغروب كأن الشمس تحاور هذا المكان بكل جزئياته، هذه الجزئيات المكانية بينها وبين الشمس صداقة، ومن واجب الشمس كلما غادرت للمغيب أن تلقي التحية عليها لتلقاها مع إشراقة صبح جديد ويجمع الشاعر سلطان خليفة بين مفردات عديدة من معالم الطبيعة في لوحة واحدة تكاد تنطق بكل معاني السحر ْْوالجمال: فـــوق الش ََّجـََــر ) 9( ْْإذا غ ََرََّد الأََيك وناغى الأحبة ومََـن قـد ع ََبََر ِياض �ِّ ْْوهََبََّت علىالش ََّط نََفْْح الر ِِـطـر ِِزكـيّّـا نـديّّا يـََمـُُـج الـع
الروعة والجمال. ويثير مخيلة الشاعرة عائشة البو سميط، منظر الشمس وهي تلوح في الأفق تلقي تحية الوداع على ًًالشوارع والمحال التجارية قبل أفولها: ه ََا أنا أُُدير مُُحرك السيارة وأنت واقفة أمامي مُُعََرََّاة الموش ََّاة بالغََسق ) 7(ُُ ََأيتها الج ََوناء تحاورين الط ُُّرق ِِالمََحال التجارية
ِِتلوحين من بين النخلات من بين البيوت القديمة ِِالمُُمْْسكََة بِِذََيل البقاء أرحََل إليك ِِرُُغم التواءات الشوارع وما إن أصل إليك
دََقََّات الساعة تشير ََانتهى وقت الزيارة لأنك صافحت البحر ) 8(ْْ تحية المساء
وجمالاًً. هذه هي الطبيعة بسحرها وجمالها ا � وألق ا � سحر ونضارتها تألقت قصائد عذبة تبوح بكل معاني العذوبة والشاعرية عند شعراء الإمارات، أََسََرََتهم بخضرتها وألوانها، وسواقيها وطيورها، وشمسها وقمرها ومطرها، فراحوا يتحدثون عن صفائها ونضرتها بقلوبهم قبل ألسنتهم. فجاءت أشعارهم تحمل كل معاني السحر والجمال أكاديمي سوري الهوامش والمراجع: . 126 ، ص 1992 ، 1 . ميسون القاسمي: ديوان (الريهقان)، قصيدة (الحديقة)، ط 1 . الن ُُّج ُُوع: مفردها نََج ْْع ٌٌ، وهي الأماكن يََح ُُط فيها القوم رحلََهم لوجود الماء والعشب. 2 . الر ُُّب ُُوع: مفردها رََب ْْع ٌٌ، وهي الديار وما حولها. 3 . 65 ، ص 1984 ، أبوظبي، أغسطس 8 . مانع العتيبة: ديوان (المسيرة)، ط 4 . 36 - 33 . سلطان خليفة: ديوان (ذرات الحنين)، قصيدة (الليل والمطر)، ص 5 ، مطبعة المعارف، 1 . أحمد عبيد: ديوان (مع الليل)، قصيدة (البحيرة)، ط 6 . 115 - 113 ، ص 1993 الشارقة . الجوناء: الشمس. 7 . عائشة البو سميط: ديوان (سيدة الرفض الأخير)، قصيدة (سيدة الرفض 8 الأخير تحاور الفصول)، د. ط، منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الشارقة، . 36 - 35 د.ت، ص . الأيك: طائر بحري صغير. 9 . 15 - 14 . ديوان (ذرات الحنين)، مرجع سابق، قصيدة (شريد الفكر)، ص 10
ْْوغ ََنََّى النسيم لِِوََمض النـجوم ََوتاق الأصيل لضوء الس ََّحََر ّّوم ََال النـخيل ي ُُـهـادي الـرياح ْْـف تداعى يََح ُُف الم ََم ََر ِِوس ََع
ْْوتهوي الطيـور لِِسطح المياه وتـََـنـََـقض للصيد مم ََّا ظ ََه ََر ويـََهدأ ش ََد ْْو سـواقـي الـميـاه ) 10(ْْ وأُُنـص ِِت في صمتها وأََنـتََـظ ِِر
ضوء الشمس المنعكس على السيارة كان له فعله في خيال الشاعرة، الشمس أمامها معراة وهي في ساعات النهار الخيرة تستعد للأفول، وضوؤها يتغلغل بين شجيرات النخيل، وهي
كل عناصر الطبيعة تعاونت على رسم هذه اللوحة ليخرجها لنا الشاعر بهذا الوصف البديع (الأيك المغرد فوق الشجر، الشطآن، عبير الرياض ونفحها العطر، النسيم العليل، ومض النجوم، ضوء السحر، شجيرات النخيل التي تداعبها الرياح العليلة، الطيور المتهاوية على سطح الماء منقضة على فرائسها، شدو السواقي وجداول المياه).. هل هناك أجمل من هذا المكان الطبيعي وقد اجتمعت فيه كل مفردات الطبيعة الربانية الساحرة هذه؟! يشعر المرء في هذا المكان بسعادة حقيقية يستشعر معانيها وهو يتملى هذا التجانس الخلاق والتناغم البديع بين عناصر الطبيعة بكل سحرها ورونقها، ويزداد الجمال ويتألق بحركة الطيور المتهاوية على سطح الماء، وحركة شجيرات النخيل التي تبعث الحياة والحيوية في أوصال هذا المكان، ويبعث الفعلان المضارعان (تهوي، تنقض ّّ) ومعهما نشيد السواقي وخريرمياهها، الحياة والحيوية في أعطاف هذا المكان، ومع الرائحة العطرة يزداد المكان
103
102
2025 مايو 307 / العدد
الطبيعة عند شعراء الإمارات تتألق سحرا وجمالا
Made with FlippingBook Digital Publishing Software