torath 307- May-2025

رؤى الرحالة

انطباعات تكشف تراث المدينة صورة خورفكان في كتابات الرحالةوالبلدانيين منّّـي بو نعامة ّّ كتب الرحلة من أمتع المؤلفات وأكثرها رواجا على اختلاف ما تزخر به من قيمة أدبية وثقافية، وما تحتويه من تُُعد موضوعات ومعلومات عن المكان والإنسان، وهي طريقة قديمة درج عليها العديد من الرحالة العرب الذين ارتادوا الآفاق، وخاضوا المجاهل، وجابوا الصحاري والقفار، جيئة وذهاباًً، وتعرفوا على ثقافتها ونحلة عيش أهلها؛ وهي من أمتع الطرق وأجملها في استكشاف العالم والتعرف على مكنونه وخباياه، دوّّن فيها الرحالة مشاهداتهم وانطباعاتهم عن المجتمعات التي زاروها وثقافتهم وتقاليديهم، ومن بين هؤلاء الرحالة: السيرافي، والإدريسي، وابن جبير، وابن بطوطة، والحسن الوزان وغيرهم كثير. إلى جانب كتابات الرحالة والبلدانيين العرب والمسلمين تزخر كتابات الرحالة الغربيين بالكثير من الصور التي اختزنوها في ذاكرتهم ومشاهداتهم وانطباعاتهم عن المنطقة المزورة وحياة أهلها وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم مما أثارهم رؤيته واستوقفتهم مشاهدته وأصبغ عليهم حالة من الذهول والاندهاش، فاستغرقوا في وصف الأرض، وجغرافيتها، وتضاريسها، ومناخها، ومواردها، وبرها وبحرها وجوها، وسكانها وحالتهم السياسية والاجتماعية والثقافية، وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم وما يتصل بمختلف أحوالهم من نحلة عيشهم وطرائق تفكيرهم وأزيائهم وملابسهم، وطقوسهم، وهي محاولة لاستكشاف المخبوء، والمجهول، والمنسي من العالم، تعتبر رصدا من الأهمية بمكان.

خورفكان في كتابات الرح ّّالة والبلدانيين العرب والمسلمين دو ّّن العديد من الكت ّّاب والرح ّّالة والجغرافيين العرب معلوماتهم ومشاهداتهم عن مدن الخليج وموانئه ومراكزه ومواقعه، ولم تخل معلوماتهم من معطيات تعريفية مفيدة عن المكان وسكانه في غابر الأزمان، ومن ذلك ما دوّّنه الكتّّاب والرح ّّالة هـ/ 626 عن مدينة خورفكان، حيث يقول ياقوت الحموي ( م)، في كتابه «معجم البلدان»: «وخ ََو ْْرُُفك ّّان بليد على 1228 ساحل ع ُُمان، يحول بينه وبين البحر الأعظم جبل به نخل . ) 3( وعيون عذبة» م)، في كتابه 1297 هـ/ 690 ويقول ابن المجاور الشيباني (ت «تاريخ المستبصر»، في سياق حديثه عن المدن المهمة في المسافات بينها: «وإلى العقر أربعة ا � إقليم صحار، محدّّد فراسخ، وإلى كلبا أربعة فراسخ، وإلى خورفكان أربعة فراسخ، . ) 4( وإلى دبا أربعة فراسخ» هـ)، في كتابه «مراصد 739 أما ابن عبد الحق البغدادي (ت الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع»، فقد كان تعريفه للمدينة مختص ار أكثر من غيره، حيث يقول: «وخورفكان بليد على . بينما اشتمل وصف الرحّّالة المغربي ابن ) 5( ساحل عُُمان» م)، في كتابه: «تحفة النظار في 1377 هـ/ 779 بطوطة (ت غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، الذي ضمّّنه مشاهداته

خورفكان عبر التاريخ تقع مدينة خورفكان على الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، بين إمارة الفجيرة ومدينة دبا، وتبعد عن كيلومتارًً، وقد اختلف 40 كيلومتارًً، وعن دبا 20 الفجيرة الدارسون، قديما وحديثاًً، في سبب تسميتها بهذا الاسم، والغالب على الظن أنها سُُميت بخورفكان نسبة إلى اسم شخص سكنها قديماًً، وكان اسمه «فكان»، كما يقال إن الموضع كان اسمه «فكان»، وهو مطل على الخور، فقالوا خورفكان، ولربما كان الاسم قديما جدا فخفي على الناس أصله، ووجه إطلاقه، لكن من المستبعد أن يكون أصل التسمية عائدا إلى موقع المدينة، حيث تقع على خور بين جبلين ممتدين في البحر، يشبهان إلى حد كبير الفكين، ولو كان هذا الطرح صحيحا لسميت خورفكين، وليست «فكان»؛ . ) 1( لأن المضاف إليه المثنى مجرور بالياء استوطن الإنسان منطقة خورفكان منذ عصور موغلة في القدم، تعود إلى الألف السابع قبل الميلاد، كما تحيل القبور والنقوش المكتشفة في المنطقة إلى بقايا الإنسان الذي سكنها في الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد، وقد شك ََّل الموقع الاستراتيجي لخورفكان عبر التاريخ عامل جذب واستقطاب للتبادل الاقتصادي، بوصفها مرك از تجاريا حيويا . ) 2( يقع على مقربة من مضيق هرمز التاريخي

105 2025 مايو 307 / العدد

104 صورة خورفكان في كتابات الرحالة والبلدانيين

Made with FlippingBook Digital Publishing Software