رؤى الرحالة
مدينة خورفكان المدينة الثانية من مدن الشارقة، من حيث السمعة، وكثرة السكان والعمران، وهي مركز المنطقة الشرقية». تقع المدينة على خليج جميل، يبلغ قطره نحوأربعة كيلومترات، ويسمى بالخور، يبرزفي بدايته ونهايته رأسان داخلان في البحر على هيئة فكين، فبذلك سمي خورفكان، يشطر المدينة واد كبير، ينحدر من مرتفعات رؤوس الجبال، حفرت في قعره آبار عدة عذبة المياه، لا يتجاوز عمقها بضعة أقدام، تحيط بالمدينة بساتين النخيل والحمضيات والفواكه والموز، يبلغ طول المدينة نحو كيلومتر ونصف الكيلومتر، على ساحل ) دار، في سوق المدينة 500 البحر، ويبلغ عدد دورها نحو ( . ) 8( ) حانوت، فيها مختلف أنواع البضائع والمعلبات 100 نحو ( وتعتبرخورفكان السوق الطبيعية لساحل خليج ع ُُمان؛ لأهمية مينائها الذي لا يخلو دوما من عشرات السفن الراسية فيه؛ لنقل البضائع التجارية أو للتموين بالماء والزيوت والنفط، وغير ذلك... يشتغل معظم سكان المدينة بصيد السمك، وخاصة سمك البرية، ويشتغل بقية السكان في الزراعة . ) 9( والفلاحة، والعمل في البحر والتجارة» خورفكان بعيون غربية ظل ّّت أهمية مدينة خورفكان في اطراد مستمرمع مرورالزمن، ومع مطلع القرن السادس عشرالميلادي شهدت المدينة هجمة استعمارية شرسة، تزعمتها مملكة البرتغال، وقادها ألفونسو دي البوكيرك، ضمن حملاتهم العسكرية التي استهدفت السيطرة على المنطقة، والاستحواذ على مراكزها التجارية ومواقعها الحيوية، لتنفيذ مخططاتهم السياسية والدينية، هـ/ 913 وقد لخ ّّص البوكيرك، في التقرير الذي كتبه عام م، الأهمية المتزايدة لموقع المدينة، بقوله: «خورفكان 1507 قرية كبيرة، بيوتها جميلة جداًً، وهي محصّّنة من البحر تحصينا جيداًً، ذلك أن أعداء المدينة اعتادوا مهاجمتها من جانب البحردائما ًً، وتحيط بها جبال صخرية شاهقة الارتفاع، وبالقرب من الساحل يوجد عدد من الجزر، مما يعطيها حماية أكثر من السفن المهاجمة، أما داخل المدينة، فيوجد فيها عدد من البيوت الجميلة، تحيطها مزارع الليمون والبرتقال والتين واللوزوالنخيل، وهناك آبارمياه عذبة أيضا ًً، وإسطبلات خيول وحيوانات أخرى، وسكان المدينة عرب، يشاركهم في
عن مدن الخليج وموانئه ومراكزه، على معلومات مهمة، تحيل إلى أهمية المنطقة تاريخيا وتجاريا ًً، حيث يقول: «ومن مدن ع ُُمان القريات وشبا وكلباء وخورفكان وصحار، وكلها ذات أنهار . ) 6( وحدائق وأشجار ونخيل» أما الكتابات العربية الحديثة، فقد حاول أصحابها وصف المدينة وصفا أكثر دقة ووضوحا وشمولاًً، وذلك ما نطالعه فيما ذكره أحمد قاسم البوريني، في كتابه «الإمارات السبع على الساحل الأخضر»، حيث يقول: «في اليوم الثاني، تابعنا المسير شمالا نحو الشاطئ، ثم انحدرنا، فأشرفنا على مزارع البرتقال والمانغو والخضار، التي ترويها مياه الآبار بوساطة المضخات، وخورفكان منظمة، حسنة الموقع؛ إذ تحتضنها الجبال بذراعين يمتدان إلى البحر؛ ليشكلا ميناء طبيعياًً، وفي الواقع إنني تذكرت حيفا عندما شاهدت خورفكان، مع فارق التقدم، أما حركتها التجارية والزراعية فلا بأس بها، وكان من المنتظرأن ترسو في مينائها البواخرلأول مرة في حزيران سنة ، ويعيش سكانها على صيد الأسماك، والزراعة والتجارة، 1954 وفيها نحو عشرين دكاناًً، ومقهى واحد، وستة مساجد، ويقوم الأولاد والنساء بغزل خيوط لشباك الصيد، ويرسو في مينائها يوميا نحو عشرين مركباًً، تحمل البضائع من شرق أفريقية . ) 7( والهند وإيران إليها» وعرّّف المؤلف محمود بهجت سنان، في كتابه «إمارة م)، مدينة خورفكان تعريفا ينم عن 1967 الشارقة»، عام ( التطور الذي شهدته المدينة عبر تاريخها، حيث يقول: «تعتبر
نخلة، كما تتوافر 5000 وفي القرية مزارع للنخيل، تحوي قراها فيها الأسماك والخضراوات والأبقار والدواجن، ويبلغ تعداد نسمة، يعيشون على زراعة القمح، والغوص 800 السكان نحو وراء اللؤلؤ، ولهم نحو أربعة أو خمسة مراكب، تعمل بجوار الساحل، وتبحر إلى مسقط وأماكن أخرى في الخليج، وفيها ) 12( ما يشبه الدكاكين» باحث أكاديمي - موريتانيا الهوامش والمصادر: ) محمد خميس النقبي، خورفكان في ذاكرة الزمان، دار كتاب للنشر والتوزيع، 1( . 19 ، ص 2012 الطبعة الأولى، ) عبد الله المغني، تاريخ مدينة خورفكان الاجتماعي والاقتصادي في النصف 2( وما بعدها. 21 ، ص 2020 الثاني من القرن العشرين، معهد الشارقة للتراث، . 400 ، ص 2 ، ج 1967 ) ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، 3( . 317 ) ابن المجاور، تاريخ المستبصر، د ت، ص 4( . 489 ، ص 2 ) البغدادي، مراصد الاطلاع، ج 5( ) ابن بطوطة، تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، دار التراث، 6( . 263 - 262 ، ص 1968 بيروت، ) البوريني، أحمد قاسم، الإمارات السبع على الساحل الأخضر، دار الحكمة، 7( . 50 م، ص 1957 لندن، وما بعدها. 47 ، ص 1967 ) محمود بهجت سنان، إمارة الشارقة، بغداد، 8( ) المرجع السابق نفسه. 9( ) بزار دلبو كيرك، سجلات أونسو دلبو كيرك، ترجمة عبد الرحمن عبد الله 10( وما بعدها. 87 ، ص 2012 الشيخ، إصدارات دار الكتب الوطنية، الطبعة الأولى ) عبد الله المغني، تاريخ مدينة خورفكان الاجتماعي والاقتصادي في 11( النصف الثاني من القرن العشرين، مرجع سابق. ) ج. ج. لوريمر، دولة الإمارات العربية المتحدة في دليل الخليج، بيسان 12( . 2014 للنشر والتوزيع، بيروت، ) عبد الله المغني، تاريخ مدينة خورفكان الاجتماعي والاقتصادي في 13( وما بعدها. 31 النصف الثاني من القرن العشرين، مرجع سابق، ص
العيش عدد من التجار الهنود من منطقة (كجرات) الهندية، ومناخ المدينة جيد، وتهب عليها رياح عذبة، أما حكامها فهم . ) 10( بنو جابر» كما ساير وصف قائد البعثة الاستكشافية الهولندية (فوجل) وصف من كتبوا قبله عن المدينة، وما تحويه من بساتين ومزارع، ومقومات حضارية واقتصادية، حيث يقول: «تقع خورفكان على خليج صغير، وفيها نحو مئتي منزل صغيرقرب الشاطئ، وجميعها مبنية من سعف النخيل، وفي هذا المكان واد جميل، تكثرفيه أشجارالنخيل، وبعض أشجارالتين، كما ينبت فيه الشمام والبطيخ وشجر المر، وعند الشجر آبار عدة تستخدم في الري ّّ، مياهها عذبة ومنعشة، ولكنها أبعد من آبار البدية، وعلى الطرف الجنوبي من الوادي الواقع بين الجبال هناك بعض أشجارالبرتقال والليمون، أما الريف الواقع خلف الوادي وحوله، فهو عبارة عن أرض جبلية وصخرية، ويعيش الناس على محصولات الوادي، وليس هناك مجال للتجارة فيه، ومن الممكن الحصول فيها على الفاكهة المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى بعض الأبقار الصغيرة والماعز والدجاج، ولكن . ) 11( ليس بصورة دائمة» ولم تخل التقاريروالكتابات التالية حول المدينة عن استحضار ضاف ٍٍ، وعرض شامل لمقدراتها وخيراتها، وما حباها الله من جمال في طبيعتها، وموقعها الحيوي، وموانئها التجارية، وبخاصة في نطاق الاهتمام الاستعماري الأجنبي المتزايد، حيث كتب عنها ج.ج. لوريمر، في كتابه «دليل الخليج» وصفا قال فيه: «قرية ساحلية في وسط الشميلية في ساحل ع ُُمان، كيلومت ار عن خور كلباء، وعشرين ميلا جنوب غرب، 25 تبعد وتقع على الشاطئ الجنوبي، ويوجد ميناء صالح لرسوالمراكب،
107
106
2025 مايو 307 / العدد
صورة خورفكان في كتابات الرحالة والبلدانيين
Made with FlippingBook Digital Publishing Software