فنون
الرقص.. هوية ثقافية ورمز لتراث الشعوب
القوة الناعمة لما يحمله من تأثير ثقافي واجتماعي. وتعكس المضامين الاجتماعية والأخلاقية للرقص عمق التجربة الإنسانية وكثافة عطاء الجسد، ما يجعله ممارسة ثقافية ونشاطا اجتماعيا يحمل بُُعدا رمزيا في تحديد هوية الأفراد والمجتمعات. وبذلك، يؤدي الرقص وظائف متعددة منها اجتماعية وجمالية ووجدانية وثقافية، كما أنه يعكس بنية ) 6(ًً المجتمع وموروثه التاريخي والحضاري أيضا الهوامش والمصادر: 1. Hanna, L. Judith (2010) Dance, in Barnard, A. and Spencer, J., eds. The Routledge Encyclopedia of Social and Cultural Anthropology, Routledge, London and New York , p222 . . الرقص الصوفي ورمزية الحركات الراقصة: «المولوية أنموذجاًً»، إياد محمد 2 حسين وعامر محمد حسين مجلة «مركز بابل للدراسات الإنسانية»، المجلد . 2013 ، العدد الثالث، 75 الرابع، ص 3. Music and Dance, in Engold, Tim (ed.) Companion Encyclopedia of Anthropology, Routledge, London and New York, p688.1994. ، 2020 يناير 29 . أنثروبولوجيا الرقص، حسني إبراهيم عبد العظيم، 4 / https://mana.net/anthropology-of-dance 5.https://www.emaratalyoum.com/life/culture/2024-06-27- 1.1863540?ot=ot.AMPPageLayout 6.https://hhoteldubai.com/ar/ayala-dance-a-cultural-heritage-in-motion/
وأن اصطفاف الرجال جنبا إلى جنب في رقصة العيالة يرمز إلى أجواء التعاون ويخلق شعوار بالوحدة بين تاريخ المحاربين. ولا تكتمل تلك اللوحة الفنية من دون عصا الخيزران التي هي أساسية في رقصة العيالة، عصا الخيزران تشير إلى السيوف والرماح التي كانت تستخدم قديما في الحروب.. وتطورت هذه الرقصة الحربية بمرور الزمن إلى أن أصبحت إحدى أهم مظاهر الاحتفال الثقافي، وتتضمن حركات متقنة مع الأهازيج الشعرية النبطية التي تتناول قيم السلام والتضامن والاحترام المتبادل. وتعتبر الرقصة تمثيلا حيا لقيم البدو وأسلوب حياتهم؛ وهي تعزز الروابط الاجتماعية والاستمرارية الثقافية، وتربط المجتمع المعاصر بجذوره التاريخية. الشعر والطبول يعتمد الأساس الإيقاعي لرقصة العيالة على مجموعة متنوعة من الآلات الموسيقية التقليدية وتأتي الطبول في المقدمة. ويترأس الفرقة الموسيقية رجل يحمل طبلة أسطوانية تسمى «كاسر» وهي التي تعمل على إعطاء الموسيقى الطابع الحماسي، فهي التي تضبط إيقاع الراقصين. كما يتم استخدام عدد من الآلات الموسيقية أهمها: الدفوف والناي والصنوج النحاسية. وتعتبر الطبول ركنا أساسيا ومهما من أركان الأداء، وعادة ما يتمايل الراقصون إلى الأمام والخلف، محاكين حركات الهجوم والدفاع في القتال، ما يؤكد على الأصول القتالية للرقصة. وتعد الطبول من أهم الآلات الموسيقية المستخدمة في الحروب التاريخية، وإلقاء الشعر هو جزء أساسي في رقصة العيالة، حيث يختلف الشعر حسب البيئة إن كانت بحرية أو برية فيظهر التنوع في كلمات القصائد وطريقة الإنشاد ونغمة الايقاع، فيلقي الراقصون عددا من الأبيات الشعرية تتناول غالبا موضوعات تتعلق بالشجاعة والمروءة والوحدة. ويمكن القول: إن الإيقاع واللحن يُُنتج لوحة فنية متكاملة يتحرك . ) 5( خلالها الراقصون في انسجام تام يُُعد الرقص نشاطا عضويا ووجدانيا متجذ ار في ثقافة الشعوب وموروثاتها الاجتماعية، حيث يشك ّّل مظه ار من مظاهرالثقافة المحلية ومؤش ار على هوية الجماعة. كما يُُصنََّف ضمن فنون
الرقص أحد الأنشطة الاجتماعية الفنية التي ت ُُعب ّّرعن يعد قيم المجتمع الإنساني، ويمكن تعريف الرقص بأنه سلوك إنساني يتشكل من حركات إيقاعية غير لفظية هادفة، وتتميز عن الأنشـطة الحركية الأخرى أنه يتضمن قيما جمالية عميقة . ) 1( من حيث الزمان والمكان - خلافا للأنشطة البدنية المعتادة والرقصات الصوفية على سبيل المثال ليست مجرد حركات عشوائية نتيجة التأثر بموسيقى أو إيقاع معين، بل اجتهاد لحماية الجسد وتحصينه وتطهيره من كل ماهو مادي يغلف . ) 2( النفس ويحجب آفاقها من أجل فهم الرمزية ا � بذل العديد من الباحثين جهود والمضامين التي تتحكم في رقصات الشعوب، فقد أجرى ، دراسة عن علاقة ثقافة A. Lomax الباحث آلان لوماكس المجتمع بأنواع الرقص، ولخص أن أسلوب الرقص يختلف باختلاف مستوى تعقد أنشطة المعيشة وأنماطها في الثقافة التي تضمه، وأكد في نتائج أبحاثه أن حركات الرقص تتوافق مع قيم كل مجتمع وثقافته. وكشف الباحث لوماكس أن ثمة تكاملا بين نوع الموسيقى والرقص والأنشطة الاجتماعية . ) 3( والاقتصادية والثقافية للمجتمع وكشفت الأبحاث أن أنماط الرقص المنتشرة بين شعوب العالم تتداخل في مناشط الحياة كافة، فثمة رقصات محددة تؤشرعلى تغيرالوضع الاجتماعي للأفراد، كالانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ، والدخول في زمرة المحاربين، ورقصات مرتبطة بإتمام الزواج، وإجراء الختان، كما تنتشر رقصات العمل في ثقافات عديدة، وهي رقصات تعكس قيمة العمل وترمز إلى مكانة الفلاحين والعمال والمهنيين، فتحكي بعض الرقصات في اليابان ومدغشقر خطوات زراعة الأرز وحصاده، وهناك رقصة (الخياطين) في البرتغال، ورقصة (القصابين) في ألمانيا، ورقصة (صانع الأحذية) في إنجلترا. ويؤدي المحاربون في القبائل الأفريقية رقصات الحرب استعدادا للمعركة أو احتفالا بالانتصار بالحرب، ففي قبائل الشيلوك على النيل
نورة صابر المزروعي أكاديمية من الإمارات
الأبيض تنتشر رقصة السيف والعصا، وهي رقصة جماعية يُُستخدم فيها السيف والدرع والحربة والقوس والسهم، وتسهم في تقوية الروابط بين أفراد القبيلة، ويستعرض فيها الراقصون مهاراتهم في القتال، وجـََلََدهم وقوتهم، ويتم من خلالها اختيار أشد المحاربين بسالة لقيادة الجيش. فثمة رقصة معروفة لدى الهنود الأمريكيين يلجأ فيها الراقصون إلى تعذيب الجسد كوسيلة لطرد الروح الشريرة منه، فيطؤون بأقدامهم الجمرات الملتهبة، ويطعنون أجسادهم بالسيوف . ) 4( لتعذيب النفس وتطهير الروح رقصة العيالة تعكس قيما إماراتية رقصة العيالة عبارة عن أداء استعراضي تراثي يؤديه الرجال في مختلف الاحتفالات ويمثل جزءا مهما من التراث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة وهي تعتبررم از للهوية والتراث. ضمن القائمة التمثيلية 2014 وقد تم إدراج فن العيالة عام للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونسكو. وتعود جذور رقصة العيالة إلى إرث ثقافي قديم؛ وفن العيالة هي في الأصل رقصة تاريخية تؤديها القبيلة المنتصرة في الحروب، وهي ت ُُعب ّّر عن فرحة النصر لمعاني القوة والفروسية والمروءة والتلاحم بين أبناء القبيلة الواحدة وتماسكهم ضد العدو. ورقصة العيالة في الفن المعاصر هي محاكاة لمشهد تمثيلي للمعارك التي كانت تحدث بين القبائل في السابق،
109 2025 مايو 307 / العدد
108 الرقص.. هوية ثقافية ورمز لتراث الشعوب
Made with FlippingBook Digital Publishing Software