المخطوطات في الإمارات: إرث ثقافي وتاريخي متجدد
دور رائد في حفظ التراث الإنساني جهود دولة الإمارات في حماية المخطوطات
أكاديميا ومهنيا في مختلف الأنماط ا � للتراث ليكون مركز التراثية، ومنها المخطوطات، بهدف العناية بالموروث التراثي المعنوي، الذي يشمل «كل ما أنتجه و/ أو خلفه الإنسان ، )4( و/ أو تناقله جيلا عن جيل من عناصر ثقافية معنوية» ويأخذ هذا الاهتمام شكلا علميا من خلال البرامج الأكاديمية المتخصصة، وآخر مهنيا من خلال التدريب العملي والتأهيلي للتعامل مع التراث المعنوي وسبل العناية بمقتنياته، ومن البرامج الأكاديمية الجزئية التي يطرحها المعهد «ترميم المخطوطات وصيانتها»، والذي يهدف إلى تزويد المتدرب بالمعارف والمهارات والكفايات اللازمة لترميم المخطوط وصيانته وعلومه وفنونه وخصائصه. واشتمل قانون إنشاء مجمع اللغة العربية في الشارقة على تحقيق المخطوطات والوثائق والنصوص، ليحقق المجمع أحد أهم أهدافه، وهو ، إذ )5( «إحياء التراث العربي والإسلامي والعمل على توثيقه» ي ََت ّّصل الاهتمام بهذا الإرث من الاعتزاز بالعربية وثقافتها وإرثها وحمايته، وقد صدر في السياق نفسه كذلك التشريع الخاص بإنشاء مركزأبوظبي للغة العربية الذي ينص في مادته الرابعة على: «تأسيس وإدارة مكتبات ومراكزمتخصصة باللغة العربية . )6( وتراثها المخطوط ولهجاتها وعلومها وآدابها وفنونها»
وتنهض المكتبات العامة في إمارة دبي ضمن مهامها «بالمحافظة على محتويات ومقتنيات المكتبات العامة من الكتب والمخطوطات النفيسة، وفقا لأفضل المعايير والمواصفات العالمية، وعرضها بطريقة تبرز قيمتها الثقافية . )7( والأدبية والتاريخية» ومن المؤسسات غير الرسمية التي تدعم جهود الدولة في حماية المخطوطات، مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، ليكون هيئة خيرية علمية تولي اهتماما 1991 الذي أنشئ عام كبي ار بالمخطوطات، حيث يمتلك المركزأكثرمن ثلاثمئة ألف مخطوط من المخطوطات الأصلية والمصورة، فضلا عن أنه يقدم العديد من الدورات التدريبية المتخصصة في حفظ المخطوطات والوثائق ومعالجتها وترميمها كاتب وأكاديمي مصري الهوامش والمصادر: بشأن إنشاء المجمع الثقافي، 1981 ) لسنة 7 - إمارة أبوظبي، قانون رقم ( 1 م، (تم تعديل مسمى مجمع المؤسسات 1981/ 07/ 06 الجريدة الرسمية، بتاريخ .) 1984 ) لسنة 6 الثقافية والوثائق ليصبح المجمع الثقافي بمتقضى القانون رقم ( بشأن إنشاء وتنظيم 2023 ) لسنة 56 - إمارة الشارقة، مرسوم أميري رقم ( 2 )، السنة الثالثة 5 دار المخطوطات في إمارة الشارقة، الجريدة الرسمية، العدد ( . 2023/ 11/ 1 والثلاثون، بتاريخ - «أهمية تحقيق التراث»، هباس الحربي، مجلة «الفيصل»، مركز الفيصل 3 )، السنة التاسعة والأربعون، 582 ، 581 للبحوث والدراسات الإسلامية، العددان ( . 8 م، ص 2025 هـ، مارس - أبريل 1446 شعبان - رمضان، بشأن تنظيم معهد الشارقة للتراث، 2018 ) لسنة 10 - إمارة الشارقة، قانون رقم( 4 . 2018 /06 /24 )، السنة الثانية والعشرون، بتاريخ 3 الجريدة الرسمية، العدد( بشأن إنشاء وتنظيم 2016 ) لسنة 96 - إمارة الشارقة، مرسوم أميري رقم ( 5 )، السنة 3 مجمع اللغة العربية في إمارة الشارقة، الجريدة الرسمية، العدد( . 24/06/2018 الثانية والعشرون، بتاريخ بشأن إنشاء مركزأبوظبي للغة العربية، 2020 ) لسنة 2 - إمارة أبوظبي، قانون رقم ( 6 . 2020/ 02/ 29 )، السنة التاسعة والأربعون، بتاريخ 2 الجريدة الرسمية، العدد( بشأن تنظيم 2022 ) لسنة 78 - إمارة دبي، قرار المجلس التنفيذي رقم ( 7 )، السنة السادسة 597 المكتبة العامة في إمارة دبي، الجريدة الرسمية، العدد ( ِر اختصاص تنظيم المكتبات العامة بقرار �ِّ . (أُُق 20/12/2022 والخمسون، بتاريخ بشأن تنظيم المكتبات العامة التابعة لبلدية 2003 ) لسنة 9 رئيس البلدية رقم ( )، السنة السابعة والثلاثون، بتاريخ 291 دبي، الجريدة الرسمية، العدد رقم ( )، وقد انتقلت تبعية المكتبات العامة ومركز التوثيق والدراسات 2003/ 11/ 30 ) 6 الثقافية والتراثية والفنية إلى هيئة الثقافة والفنون، بموجب القانون رقم ( بشأن إنشاء هيئة الثقافة والفنون في دبي، الجريدة الرسمية، العدد 2008 لسنة .) 2008/ 03/ 31 )، السنة الثانية والأربعون، بتاريخ 330(
عـــادل نيــل ذاكرة الحضارة العربية والإسلامية العديد من تختزن ذخائر المخطوطات التي تكشف عن قوة الحركة العلمية التي ساهم بها علماء العرب والمسلمين في حقب التاريخ، وهذه المخطوطات لا ترتبط في واقع الأمر بالتاريخ القومي فحسب، وإنما ترتبط كذلك بالتاريخ الإنساني؛ ذلك أنه إرث يمتد بهويته إلى ما يُُقدم من علوم ومعارف إلى الحضارة الإنسانية؛ ومن ثم يأتي اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالمخطوطات العربية التي لا تنفصل عن إرث تاريخها العربي. وقد نظمت النصوص التشريعية اهتمام الدولة بهذا الإرث الإنساني، حيث تهيئ تلك القوانين قوة داعمة للتراث الثقافي الذي يجسد جانبا مهمّّا من القيم والأسس الحضارية التي تشك ّّل هوية المجتمع، وتعب ّّر عن طابعه في التعامل مع قيمة العلم، وتعكس اهتمامه بالعطاء الفكري والعلمي كإحدى ضمانات بناء مجتمع واع بإرثه، وبأهمية دوره في بناء حضارة الإنسان وتكاملها. وتشترك في مظاهرهذه العناية المؤسسات الثقافية والعلمية الرسمية/ الحكومية وغير الرسمية، التي تحرص على أن تكون المخطوطات زادا ثريا للأجيال المتعاقبة، والاطلاع على ما تركه السابقون من إرث، فقد صدر في عام قانون إنشاء المجمع الثقافي، وما أعقبه بعد ذلك من 1981 تعديلات، والذي يهدف، وفقا للمادة الثالثة من هذا التشريع، إلى «إدارة دار الكتب الوطنية القائمة في مدينة أبوظبي، بما يُُوفّّر للنشاط الفكري والإنتاج الأدبي والعلمي، حاجته من المراجع والكتب والمخطوطات والدوريات التي تمثل كافة
فروع المعرفة الإنسانية باللغة العربية وغيرها من اللغات، وتيسير الإفادة منها من قبل المراجعين، من مختلف الأعمال . )1( والمستويات الثقافية» كما صدر في إمارة الشارقة مرسوم أميري بإنشاء وتنظيم دار المخطوطات، التي تهدف إلى «جمع وحفظ المخطوطات من التراث الإسلامي والعالمي والعناية بها وصيانتها وترميمها، وإتاحة ما تحويه الدار من مخطوطات ووثائق نادرة ونفيسة للاطلاع والبحث، والتّّعرُُف على الإنتاج الفكري والثقافي والأدبي والعلمي أمام العلماء والباحثين والمهتمين بهذا الشأن، ونشر التراث العالمي فيما يتعلق بتاريخ العلوم وإسهاماتها في تراث . ووفقا لما نََص عليه التشريع، فإن هدف إنشاء )2( الإنسانية» الدار لا يقف عند العناية بالمخطوطات بجمعها وترميمها وحفظها وتنظيمها من خلال أفضل المعايير والممارسات ًًا والوسائل الحديثة المتبعة في ذلك، وإنما وضع المرسوم إطار تشريعيا يضمن توفير الخدمات المعلوماتية ومقتنيات الدار أمام الباحثين والقرّّاء، ولا تتوقف خدمات الدار عند التراث العربي والإسلامي، وإنما شملت خدماتها التراث العلمي العربي والعالمي إيمانا بإنسانية العلوم والمعارف، وهو أمر له أهميته في تعميق الانتماء إلى الحضارة العربية وتعريف الآخر بنتاجها الفكري والعلمي الذي لا يقف عند علم دون آخر، ومن ثم فإن ذلك من شأنه أن «ينقل للعالم أبعاد الصورة الحقيقية عم ّّا كان عليه الأوائل من علماء العرب والمسلمين، ويبرز ما قدموه للبشرية من إسهامات في العلوم الطبيعية والاجتماعية والنظرية، وليس في العلوم الشرعية فقط، كما تشيع الصورة الذهنية النمطية، حيث كانت إنجازاتهم سبيلا إلى تطوير . )3( المعارف والعلوم الإنسانية في كثير من المجالات» وأنشئ في إطار هذه الجهود المؤسسية معهد الشارقة
مركزجمعة الماجد يقدم دورات في ترميم المخطوطات
11 2025 مايو 307 / العدد
10 جهود دولة الإمارات في حماية المخطوطات
Made with FlippingBook Digital Publishing Software