torath 307- May-2025

شواطئ الإبداع

جديدة كفن التجميع والتجهيز في الفراغ ومن خلال الأعمال المعروضة، نلاحظ أن الفنان ارتبط وتعلقت روحه بمفردات من واقعنا البيئي الإماراتي بصورة بصرية وحسية وجمالية غاية في الروعة والجمال والتفرد. أسرار اللوحة يقول الفنان محمد الأستاد عن اللوحة: «اللوحة عندي هي مشروع فني أبدؤه على الورقة أحرك مكوناته صعودا ونزولا ويمنة ويسرة، ثم اختار ألوانها بدقة فألوان الرمال والبحر والسماء لها سحر خاص تجده في لوحاتي حيث أوزعه في أرجائها بشغف وعشق وأرقب الضوء والظل بتأن ثم أرسم بينهما خطوطا خفية تنتقل بعين المشاهد في أرجاء اللوحة لتسبرأغوارها وتكشف أسرارها». فكل لوحة عند الفنان محمد لها قصة وفيها أسرار وعوالم إبداعية ورؤى مغايرة بأسلوب واقعي، وتعبيري، وشاعري، مغلف بصدق القدرة الإبداعية في صياغة مدركاته الحسية والبصرية والجمالية، حيث إنه مهموم بالفن وقضايا الإبداع، فقد قال أثناء لقائي معه: «إن انتشار المعارض الرقمية واقتناء وتداول الرموز غير القابلة للاستبدال، لن يقضي على المعارض الفنية بشكلها التقليدي وتحتاج الساحة الفنية الإماراتية إلى أبحاث ودراسات خاصة

اللون البني، ومن هنا بدأت أبحاثي، وفي أول تجربة اتجهت لدفن قماش اللوحة مع قطع حديد وزعفران، وبعد أسبوع وجدت الحديد واللوحة قد تشكّّلت عليها بعض الأشكال العشوائية لعوالم إبداعية تتلامس بعض الشيء مع الفكر السيريالي المبني على الإسقاطات النفسية، ومن هنا بدأت في ممارسة هذا الفن وأجريت تجارب عدة لتطويره، كما قررت تغيير اسمه من قبور الشواطئ إلى «دانات الشواطئ». وأوضح الفنان محمد أن فن «دانات الشواطئ» يعتبر إضافة جديدة لعالم الفن الحديث تحت مظلة الفنون التشكيلية، حيث يخرج فيه الفنان إلى تعدد الرؤية في الفن والثقافة لفنون ا � واختلاف مفهوم القيمة والمعايير الجمالية خلاف الحداثة، فإن التجريب في الفن يعـد العامـل المسـاعد في التعبير عن أفكاره، والتعبير عن المعاني التشكيلية بلغة الشكل من خلال المنطلقات الفكرية وأسلوب الأداء، والخامة والتقنية الحديثة هي من أكثر العناصر ارتباطا بنوع العمل ومحتواه فهي الوعاء الظاهر والملموس لنوعية فكر الفنان، حيث يقول أفكاره من خلالها، ومن حركة الخامة نستطيع التعرف على حالة الفنان الوجدانية واستشفاف مشاعره ولواعج نفسه، التي لازمته أثناء العمل، بل ربما تكون هي المثير الذي يشحن الفنان بالتوتر والمحرك لإبداعه فوصفها

بأنها تتجاوز حدود مكوناتها المادية كشكل ليعبر بالفن لأعمق من ذلك، كما يتميز هذا الفن بأن القطعة الفنية التي يتم تنفيذها تكون متفرّّدة، ومن الصعب أن يتكرر التكوين نفسه والتفاصيل حتى لو أجاد الفنان ذلك، لأن هناك عوامل عدة تتدخل في هذه العملية، مثل المد والجزر والرطوبة والملوحة والضغط، وعمق الدفن وغيرها، لافتا النظر إلى أن «دانات الشواطئ» تحتاج إلى مجهود بحثي لاختيار التوقيت والمكان المناسبين، ومجهود بدني في الحفر ودفن المكونات المستخدمة في تنفيذ العمل، حيث تأثرت الفنون التشكيلية الإماراتية بمتغيرات السياق الثقافي في عصر ما بعد الحداثة واهتم الأستاد بأسلوب البحث والاكتشاف والتجريب حيث ألقت العملية الإبداعية قدار من الحيوية والحرية تغيرت معها التجربة الفنية واستخدام الخامات الطبيعية أو الجاهزة سواء بحالتها الأصلية أو بتدخل من الفنان لتكون وسيطا تعبيريا وليس بنائيا فقط، وساعد على ذلك التطور الحادث في الفكر والتنوع الثقافي ما استدعى تغي ّّـر الفكر في التعامل مع الخامات وتغـيّّـر أساليب الأداء لتتعدد وتتنوع تماشيا مع مستجدات مفاهيم وأفكار ما بعد الحداثة لينتج عنها (دانات الشواطئ) فهي ما تشغل فكرالفنان أوترتبط بعناصرتشكيلية معينة أو مفردة معينة ليجسد من خلالها أفكاره ويبني أعماله وروائعه وأسلوبه الإبداعي من خلالها، وذلك باتجاهات فنية

115

114

2025 مايو 307 / العدد

«دانات الشواطئ» مزيج من التراث والمعاصرة في ملحمة إماراتية

Made with FlippingBook Digital Publishing Software