torath 307- May-2025

المخطوطات في الإمارات: إرث ثقافي وتاريخي متجدد

صحيح أن الخطوط تطورت من خط ريحاني ونسخ رئاسي إلا أن خطوط الرقعة والنسخ هما الميسوران مع ظهور الخط الديواني السلطاني على يدي (مصطفى غزلان بك المصري) وليعرف بالخط الغزلاني.. وبما أننا في ملفنا نتحدث عن هوية، فالهوية هي محاكاة وتجويد الأصيل والتزام بأصول الحروفية الخطية التي جسدها كتاب تحت عنوان (كلمات تهوى الجمال)، بمناسبة مئوية الشاعر التاجر سلطان بن علي العويس، وأربعون فنانا يتباهون في كتابة ورسم ما يوافق المواقف في التعبير الفني ليكون صاحب مكانة رفيعة في تصوير الهوية الوطنية فيقام للمخطوط وللخط متاحف مثل متحف الخط في الشارقة وإصدار مجلة للخط في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، كل ذلك يدخل في السياسة الثقافية لوعي المخطوط كتراث فني دليل على الذوق والهوية والإتقان شأن كل ابتكاروتطويرفي عمارة الماضي والحاضروالمستقبل أديب وباحث فلسطيني المراجع: . ترميم المخطوطات والوثائق التراثية، إعداد: حسن مأمون مملوك، معهد 1 . 2021 الشارقة للتراث، . 2022 . التطورالتاريخي لصناعة المخطوط، صالح اللهيبي، معهد الشارقة للتراث، 2 . 2023 . أروقه ترميم المخطوط، موزه الغفلي، معهد الشارقة للتراث، 3 ، وتم الإعلان عن 1993 * تأسس نادي تراث الإمارات في الخامس من سبتمبر يونيو 16 ، الصادر بتاريخ 1997 ) لعام 14 إشهاره بموجب المرسوم الأمير رقم ( صدر قرار 2024 يناير 11 ، كهيئة مستقلة تابعة لحكومة أبوظبي. وفي 1997 بإنشاء «هيئة أبوظبي للتراث» لتحل محل «نادي تراث الإمارات» و«لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي». الجريدة الرسمية، الأمانة ؛ المصدر 268 - 265 ، ص 1997 ،يونيو 6 العامة للمجلس التنفيذي، أبوظبي،ع . 11 - 5 ، ص 2024 ، يناير 53 ،س 1 نفسه،ع

ذاته استدامة متجددة لهيكلية المساعدات اللوجستية من إعادة تشكيل الورق (الكاغد) أو البردي أو ألياف النخيل أو ما تيسر من مستحدثات وتدويرات مواد، كل ذلك لا يغيّّب عن أذهاننا التساؤلات التالية: ترى كيف كان مخطوط الرسالة التي حملها هدهد سليمان عليه السلام إلى بلقيس؟ بل إن من عجائب المخطوط أن يكتب على حبة قمح وأن يكون الخط المخطوط داخلا في التوقيعات ورسومها وأختامها واكتشاف التزويرات والزيادات على هوامش المخطوطات أو دواخلها سواء بأقلام قصب أم ريش أم معدن. ولنعلم أن العملية التوثيقية للمخطوط ليست بتلك السهولة لأن الإصلاح يحتاج إلى أدوات ومشارط وملاقط وصناديق ضوئية كالتي أراها في مختبر «معهد الشارقة للتراث».. المشقة تكمن في الأحماض والحشرات وسوء التخزين أيضا وكلها تؤدي إلى تحقيق مقولة الكتب الصفراء التي أكل الدهر عليها وشرب.. من هنا كما هو واجب كان لابد من الارتقاء بالترميم والتجليد وتعليم الخط لضمان استمرار المعرفة بالإتقان والجودة وما يلي ذلك من فهم ما وراء سردية المخطوطات العربية التي تحتاج وحدها إلى حكاية، فالخطب جلل، والكنز نفيس، كما قلت للفنانين فاروق حداد وشهاب الكعبي وتاج السرحسن: إن الخط العربي الطبيعي هو الأساس في رقي الذوق والوعي التراثي أكثر من الخطوط المطبعية التي بدأت باختراع آلة (جوتنبرغ). وتستمر في الذكاء الصناعي لتبقى المخطوطات عبر دولة الإمارات العربية المتحدة منارات الكاتب بالعدل لحفظ حقوق الملكية الفكرية والثقافية والمادية.

ابن ماجد أن بعض الأخطاء قد تحصل من الذين نسخوا عن كتبه في عدن أو في مكة. كل ما ذكرناه يعكس بلا أدنى شك اهتمام الدولة ومراكزالتراث بالمعرفة التوثيقية التي استمرت من العلماء والأدباء الإماراتيين الذين كانوا يدوّّنون العلوم ويحفظون المخطوطات في المدارس والمساجد. من هنا كانت أهمية ما تقوم به المؤسسات المتحفية والتراثية من أعمال رائعة للحفاظ على المخطوطات من التلف والضياع، ولهذه الأهمية كان فتح هذا الملف حاجة ماسة للإسهام في إبراز الهوية الفنية للإمارات عندما نشاهد كيف دوّّنت على سبيل المثال أشعارابن ظاهر، وبو سنيدة، وابن ماجد، وحتى قصائد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - وفي هذا السياق كان لابد من ذكر دور الباحثين (حمد خليفة بو شهاب، وإبراهيم بو ملحة) عندما أضافا أن الماجدي بن ظاهر هو علي بن ظاهر وكل ذلك محسوب في حساب حمد خليفة بو شهاب وغيره ممن أثروا مكتبة الإمارات بتحقيق المخطوطات الشعرية كما صنع «نادي تراث الإمارات»* وهو يحيي التراث وينشره، بإصداره المخطوطات والكتب المؤلفة على السواء، بل إن الأمر توس ّّع في استحداث هيئات ومؤسسات الأرشيف الوطني على مستوى الإمارات، وبالتالي تعتبرالمخطوطات والصوروالمعاهدات مما يؤرشف كشواهد دامغة على الحقيقة ثم إتاحتها للباحثين. ولأن المخطوطات على هذه الدرجة الرفيعة من الأهمية فقد تم افتتاح فروع متخصصة بتوابع المشاريع التراثية كالتحقيق للمخطوط والترميم له والحفاظ عليه ناهيك عن استمرار صناعة الأدوات الحرفية لأداء المهمات السالفة الذكر، وهذا بحد

بوسنيدة أنه كان (ابن مقلة زمانه) وهو يعمل كاتبا للشيوخ عند حصن الشارقة وكانت الصدمة لي أن «بوسنيدة» أحرق أشعاره التي خطها بيده فما بقي من شعره هو المحفوظ، وفي إدارة التراث في الشارقة حصلت على عقد مبايعة بخط أحمد بو سنيدة، ثم لأرى أن باقي مََن كانوا يخطون كانوا نس ّّاخين ولم يكونوا فنانين بالخط إلى أن استحدثت المدارس الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة مادة خاصة بالخط فغدا من أصول التربية الفنية إمساك دفتر الخط العربي، وهنا نقطة انطلاق من الخطاطين الجدد من الإمارات والعرب. والواقع أن قراءة الخطوط تعتمد على الحواس لأن المخطوط صناعة يدوية مرّّت بتجارب من كونها حاجة ثم سلعة إلى أن تغدو فنا حروفيا في جميع المجالات يأخذ دوره في الزخرفة كلما بني مسجد أو دائرة أو منزل أو دشن مشروع.. وهذا يعني أن الخط المخطوط لم ينقرض بل ظل هو هو في التزويق وكونه أثار محددا للهيئة والملكية والتوثيق من قِِبل خطاطين مهرة يجددون ملف الإمارات الخطي باعتباره من الجذور النابضة لكتاباتنا ا � نابع ا � وتاريخي ا � ثقافي ا � إرث العربية.. فالمخطوطات الإماراتية جزء مهم من مصادر التراث الثقافي والتاريخي للدولة وتنبع أهميتها كونها توثق مختلف الجوانب الدينية والأدبية والعلمية والاجتماعية دون إغفال للفقه والشعر.. أذكر من ذلك الجهود العظيمة التي قام بها «مركز الدراسات والوثائق» في رأس الخيمة عند دعم الباحث (إبراهيم خوري) في تحقيق مخطوطات عالِِم البحار العربي الشهير أحمد بن ماجد، ورغم أن المخطوطات غابت عنا اليوم لكن بعض الرسومات بيّّـنت التشكيل الخطي، وقد ذكر

21

20

2025 مايو 307 / العدد

المخطوطات والخط العربي في الإمارات: إرث ثقافي وهوية فنية

Made with FlippingBook Digital Publishing Software