المخطوطات في الإمارات: إرث ثقافي وتاريخي متجدد
إضاءة
بالإضافة إلى إنجازه في استنساخ وتعليق حاشية اللبدي على «دليل الطالب».بدأ حياته قاضيا في رأس الخيمة، ثم انتقل إلى دبي حيث أسهم في تطوير التعليم والفقه. ي ُُعد من الرواد التنويريين في المنطقة، ما يجعل عمله الفقهي، بما في ذلك حاشيته، جزءا من التراث الثقافي والديني الإماراتي. الأهمية الشخصية والمحلية بالنسبة إلى الإمارات، تُُعد المخطوطة جزءا من إرث الشيخ محمد بن غباش، الذي كان قاضيا ومعلما ورائدا في نشر العلم. وجودها في مركز جمعة الماجد يعزز مكانتها كمصدر فخر ثقافي محلي. كونها بخط يده، فهي تحمل قيمة فريدة كوثيقة أصلية تعكس
رؤيته الفقهية، مما يجعلها ليست مجرد استنساخ لحاشية اللبدي، بل عملا جديدا يحمل إضافات وتعليقات قيّّمة. وهي بذلك تمثل نقطة البداية لما ع ُُرف لاحقا بـ»حاشية ابن غباش»، وأقدم نسخة للمخطوطة عثرت عليها في «مركزجمعة الماجد هـ وتظل الأقدم 1348 شعبان عام 9 للثقافة والتراث» ومدونة زمنياًً. وكتبها في أثناء مروره بفلسطين، بعد أن استعارها من ابن مؤلفها، وأضاف إليها تعليقاته وزياداته الخاصة. طبيعة النسخة: هذه النسخة الأولى كانت بخط يد ابن غباش نفسه، حيث قام باستنساخ حاشية اللبدي يدويا مع إضافة تعليقاته التي ميّّزها برموز خاصة (كما أوضح في المقدمة). وبالتالي، فإنها أقدم نسخة وهي مخطوطة أصلية تحمل بصمته الشخصية. وقد جرى نسخها في فلسطين، كما أشار ابن غباش في مقدمته، مما يعني أن النسخة الأصلية كُُتبت هناك أثناء سفره أو إقامته المؤقتة في المنطقة. حاشية ابن غباش على «دليل الطالب» وهي تُُشير إلى عمل الشيخ محمد بن سعيد بن غباش المري الحنبلي الأزهري، وهي حاشية كتبها على حاشية الشيخ عبد الغني بن ياسين اللبدي التي أُُلّّفت بدورها على كتاب «نيل المآرب شرح دليل الطالب» للإمام مرعي بن يوسف الكرمي، وهو متن فقهي حنبلي بارز. وقد اعتمد ابن غباش في حاشيته على تفسير الرموز والمصطلحات التي استخدمها اللبدي، مثل: «قال» أو «قاله في الحاشية» يُُراد بها حاشية ابن عوض الحنبلي، والكتاب يشمل موضوعات فقهية مثل: كتاب الطهارة، والصلاة، والجنائز، مع إدراج رسالتين حول جواز التقليد والتلفيق لمرعي الكرمي ومحمد السفاريني. هذه الحاشية تُُعد مصد ار مهما للدارسين في الفقه الحنبلي، حيث تجمع بين عمل اللبدي وإضافات ابن غباش التوضيحية. نشأته وخلفيته العلمية والشيخ محمد بن سعيد بن غباش المري الحنبلي الأزهري من رأس الخيمة وهو عالم إماراتي بارز يُُعتبر أول إماراتي يتخرج . هذا الارتباط يأتي من 1929 من جامعة الأزهر في مصر عام خلفيته العلمية ودوره في نشر العلم والمعرفة في الإمارات،
بِِيْْدار الل ََّه ْْج ََة الإماراتيّّة فيما طابََق الف ََصيْْح ألفاظ وعبارات الترحيب
اختلفــت عبــارات الترحيب في اللهجة الإماراتية وفق المناسبات التي يواجهها الفرد الإماراتي والمواقف التي يمر بها مثل مناسبات الفرح والسفر والحزن والمدح والأعياد وضمــت هــذه العبــارات العديــد مــن المفـردات والكلمـات المسـتخدمة فـي الحيـاة اليوميـة وهي عبارات مفعمــة بالحــب والتقديــر، مغلفــة بالدعــاء والأمنيـات الصادقـة، كمـا حملـت قليـلا مـن الحـدة فـي بعضهـا، إلا أنهـا تتسـم بالجمـال والبسـاطة: • في مجال الترحيب يعتبـر التواصـل الاجتماعـي وتبـادل الزيـارات، من الركائـز المهمة في تقويــة الروابــط بيــن أفــراد المجتمــع وتعزيــز وحدتــه، بالإضافــة إلــى مــا لهمــا مــن دور فــي المحافظــة علــى العلاقــات الأســرية والحيــاة الاجتماعيــة بيــن أفــراد العائلــة الواحــدة. وقــد اســتخدم أجدادنــا فــي زياراتهــم عبــارات متنوعــة، تبعــث فــي نفــس الســامع الشــعور بالراحــة، وتظهــر عمــق العلاقــات بيــن الأفــراد فــي ذلــك الوقــت. • استقبال الضيف مثل قولهم: عند العرب تعني الحفاوة والحماية والسلام • الله حيّّــه: وصيانة الميثاق وحفظ العهد، والمــراد منهــا الترحيــب بــه. وهذه العبارة تعتمد • أســفرت وأنــورت واســتهلت وأمطــرت: على مستويات مجازية: تستفيد أولا من العبارة الترحيبية الشائعة (أسفرت وأنورت).. وهي عبارة محلية شهيرة تقال عند قدوم الضيوف، وتعتمد في بنيتها على عدة أبعاد لإيصال الدلالة المرجوة: أولها البُُعد الصوتي الإيقاعي، حيث تتكون من فعليْْن ماضييْْن ينتهيان بتاء التأنيث، وهناك البُُعد المجازي أيضاًً، حيث يد ّّعي قائلها إن الشمس كشفت عن وجهها لتضيء المكان، كناية عن أهمية الضيف القادم وقدرِِه. ولذلـك شـبهت زيارتـه ولقـاءه بشــروق الشــمس وهطــول المطــر. أقربون وأقارِِبُُ. قرِِب من المنزل: دََنا منه • أقـرب: الجمع: واقترب. أي تفضـل وادن واقتـرب، ويكـون جـواب الضيـف (قريب). فمثــلا عندمــا يلتقــي اثنــان بالقــرب مــن منــزل أحدهمــا يقــول صاحــب البيــت للثانــي (اقــرب) ويقصــد دعوتــه لدخــول البيــت، فيأتــي الــرد (قريــب) ســواء دخــل معــه أم لــم يدخــل.
محمد فاتح صالح زغل أكاديمي وباحث في التراث
جهد المؤلف الشخصي. الأهمية العملية
أصل قولهم: «حيّّاك الله وبيّّاك». قال الفرّّاء: • حيّّــاك الله: أصل «بيّّاك» بوأك فخفّّف وقلب. ومعنى بوأك: أسكنك منزلا في الجنة وهيأه لك. وقال غيره: «بيّّاك»: أي عجل لك ما تحب، وقال آخر: استقبلك بما تريد. وتقلــب الجيــم يــاء، فنقــول (مــا بيينــا • مــا بيجينــا أخيــر منــك. أخيــر منــك أو عنــك). وتعنــي لــن يزورنــا أحســن وأفضــل منــك. حسب الشرح الجميل للدكتور سلطان ّّــاع: •مرحبــا الس العميمي يقول: مرحبا الساع: من عبارات الترحيب باللهجة الإماراتية، والســّّاع هي اختصارلكلمة الس ّّاعة، يعني مرحبا بكم في هذه الس ّّاعة التي شرفتونا فيها، ولها تراكيب جديدة أيضاًً، مثل: المرح ّّب بادي، والمرح ّّب لهون، وتعنــي الســّّاعي إلينــا. أي: مرحبــا بالزائــر والقــادم إلينــا. والـركاب هـي الإبـل، والمقصـود مـن • مرحبـا بالـركاب وهََلْْهـا: الترحيــب بالضيــف والجمــال التــي حملتــه، إظهــار لعظيــم منزلــة هـذا الضيـف وكبيـر قـدره. يظن كثيرون أن هاتين الكلمتين • مرحبـا بالطـش والـرش: عاميََّتان، وهما ليستا كذلك، بل هما عربيََّتان صحيحتان كما في المعاجم اللغويََّة، وهما متلازمتان في الاستعمال اللغوي فـ (الط ََّش ّّ) كما في المعاجم: المطر، و(الر ّّش ّّ): أو ََّل المطر ويكون خفيفاًً، ثم استعملوا الكلمتين للترحيب بالشخص؛ لأن الناس يفرحون بالمطر ويتفاءلون بنزوله، ويمكـن أن نقـول (مرحبـا بالطـش والـرش ومـاء الــورد لـِِـي فِِلْْغــرش) و(الغــرش) هــي زجاجــات العطــر الصغيــرة. وغالبــا مــا تســتخدم النســاء هــذا التعبيــر للترحيــب بنســاء مثلهــن
تُُستخدم كمرجع للدارسين في الفقه الحنبلي، حيث تغطي أبوابا مثل: الطهارة، والصلاة، والجنائز، وتتضمن رسائل حول مسائل، مثل: التقليد والتلفيق، ما يجعلها ذات فائدة عملية للطابل والمفتين. الخلاصة: حاشية اللبدي تُُعد عملا فقهيا متمياز في التراث الحنبلي، يجمع بين الإيجاز والشمول، ويربط بين النصوص الأصلية وتفسيرات العلماء المتقدمين. تميّّزت بأسلوبها المنهجي واستخدامها للرموز، ما جعلها مرجعا قيما للطابل والمفتين، وأساسا لأعمال لاحقة مثل حاشية ابن غباش باحث وأكاديمي في التراث والتاريخ
27 2025 مايو 307 / العدد فبراير 304 / العدد
26 مخطوطتان نادرتان في أبوظبي ودبي: برمنجهام للقرآن الكريم وحاشية ابن غباش في «دليل الطالب»
Made with FlippingBook Digital Publishing Software