torath 307- May-2025

المخطوطات في الإمارات: إرث ثقافي وتاريخي متجدد

حقبة زمنية طويلة تزيد على أربعة عشر قرناًً، تنافس على تأليفها ونسخها ألوف من العلماء والوراقين طوال هذه القرون المتعاقبة، حتى بلغ ما صنفوه في فنون المعرفة المختلفة الفقهية والتاريخية والأدبية والفلسفية والطبية وغيرها من العلوم ما يزيد على أربعة ملايين مخطوط منتشر في مختلف . ) 3( بقاع العالم الإمارات جهود رسمية رائدة في صون المخطوطات وفي ظل التطورات التقنية الحديثة، استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة أن تُُعيد للبصمة الحضارية في المخطوطات رونقها، عبر مشاريع رقمية متطورة ومبادرات مبتكرة في مجال الترميم والحفظ الرقمي، ما جعلها نموذجا رائدا في حفظ ًًا التراثين العربي والإسلامي على مستوى العالم. فبذلت جهود رائدة، وخصصت موازنات كبيرة، في سبيل حفظ هذا التراث المخطوط، فقد قامت بتأسيس عدد من المؤسسات والمراكز المتخصصة في جمع المخطوطات وترميمها ورقمنتها، ما يجعلها في مقدمة الدول العربية التي تعمل على حماية المخطوطات، وتيسيرالوصول إليها للباحثين والمهتمين. ولنقف على جهتين رسميتين بارزتين، هما: دار المخطوطات في الشارقة، ومركز جمعة الماجد، كنموذج لتلك الجهود، وذلك الدور. الشارقة.. رافد أساسي لحفظ المخطوطات دار المخطوطات في الشارقة، التي يُُديرها صاحب السمو

الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تعد مركاز محوريا في جهود حفظ المخطوطات وتضم مجموعة كبيرة من المخطوطات النادرة والكتب ذات الطباعة الحجرية، حيث تُُعنى بصيانتها وترميمها وإتاحتها للباحثين من داخل الإمارات وخارجها. وقد أهدى سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي دار المخطوطات مخطوط 1700 الإسلامية في الجامعة القاسمية أكثر من نادر، من بين أندر المخطوطات في العالم، ومن ذلك أهدى للدار أيضا مخطوطتين نادرتين من بين أندر المخطوطات في العالم، لتضافا إلى مجموعته القيّّمة التي سبق أن قدمها للدار. ويمكن لنا ذكر تفاصيل المخطوطات المهداة: المخطوطة الأولى: تحمل عنوان «فتح الجواد بشرح الإرشاد»، وهي الجزء الثاني من تأليف أحمد بن محمد بن

المخطوطات والتقنيات الحديثة.. قراءة في الدور الإماراتي الرائد

مروان الفلاسي هي كنوزمعرفية تحفظ تراث الأمم المخطوطات وحضاراتها، إذ يُُطلق مصطلح «المخطوط» على الكتب التي ك ُُتبت بخط اليد قبل ظهور الطباعة وانتشارها. ولأن هذا المصطلح لم يكن مستخدما في كتابات المتقدمين، برزت الحاجة إليه مع تطور الطباعة لتمييز الكتب المخطوطة عن المطبوعة، حيث تُُدوََّن الأولى يدوياًً، بينما تُُنتج الثانية . ) 1( عبر الآلات وتكمن أهمية المخطوطات في كونها وثائق صادقة في برهنتها على الزمن والمكان الذي كتبت فيه، إذ «تعتبر المخطوطات من الكنوز العتيقة، فهي أوعية علمية بالغة الأهمية في معرفة ماضي الإنسانية وحضارتها، فكان الاهتمام ينصب ولا ٍ معرفي ومصدر تاريخي، وذلك �ٍّ يزال على المخطوطات كنص بتحقيقها ونشرها منذ ظهور الطباعة.. وإن أثرية المخطوطات

وجماليتها أضحت في كونها قطعا فنية راقية، عُُرضت في شتى المتاحف العالمية، ولكن ذلك زاد من أخطار تدهورها جراء كثرة المناولة والتعرض للإضاءة الدائمة، فتحتََم على المتاحف المتخصصة في التراث المخطوط توظيف بعض التقنيات، وعمل دراسات علمية، ومقاربات ميدانية، فطرق الحفظ الوقائي للتحف قد تطورت كثيار وخصوصا القطع . ) 2( الأثرية العضوية والحساسة كالمخطوطات» قد تناولت المخطوطات العربية والإسلامية شتى الموضوعات في الجوانب الأدبية أو الفلسفية أو العلمية باللغة العربية والنسخ بالحرف العربي، ويتسع الأمر ليشمل مخطوطات الدول الإسلامية غير العربية، كلغات أفريقيا واللغات الحامية كالأمازيغية واللغات الهندية الأوروبية كالفارسية والأفغانية أو الباكستانية والعثمانية والتركية وغيرها من لغات الشعوب الإسلامية التي استعارت حرف القرآن للكتابة. وقد تتبعها العالم الأوروبي جوفروا روبير وأحصاها فوجدها مئة وتسعة وعشرين لغة. وتشمل المخطوطات العربية الإسلامية تراث

29

28

2025 مايو 307 / العدد

المخطوطات والتقنيات الحديثة.. قراءة في الدور الإماراتي الرائد

Made with FlippingBook Digital Publishing Software