torath 307- May-2025

المخطوطات في الإمارات: إرث ثقافي وتاريخي متجدد

العلمية في العالمين العربي والإسلامي، من خلال إرسال فرق متخصصة إلى الدول التي تحتاج إلى دعم في هذا المجال. وقد أسهم المركزفي تأسيس مختبرات ترميم للمخطوطات في العديد من الدول العربية والإسلامية، مثل: اليمن، وسوريا، وتركيا، وطاجكستان، مما يعزز الدور الريادي للإمارات في حفظ التراث الإسلامي عالمياًً. الرقمنة والتعاون الدولي.. جهود إماراتية رائدة أحدثت الثورة الرقمية نقلة نوعية في مجال حفظ المخطوطات، إذ لم تعد عملية الحفاظ على هذه الكنوزتقتصرعلى أساليب الترميم التقليدية فقط، بل أصبحت الآن تعتمد على تقنيات الرقمنة المتقدمة التي تسمح بتحويل المخطوطات إلى نسخ إلكترونية بدقة عالية. وإزاء هذا التطورالتقني لم تكتف الإمارات بحفظ المخطوطات وصيانتها، بل تبنّّت مشاريع رقمنة واسعة النطاق، بالتعاون مع جهات عالمية، لضمان سهولة الوصول إليها دون تعريضها للتلف. تعمل المؤسسات الإماراتية، مثل: مكتبة الشارقة، والأرشيف الوطني، ومركز جمعة الماجد، على التعاون مع «اليونسكو»، و»الإيسيسكو»، ومعاهد المخطوطات الدولية، للمشاركة في المبادرات الرقمية التي تهدف إلى حماية المخطوطات العربية والإسلامية، وإتاحتها على نطاق أوسع، ومن أهم الخطوات . ) 6( المتخذة في هذا الجانب - حماية المخطوطات الأصلية من التعرض للتلف الناتج عن الاستخدام المتكرر أو الظروف البيئية غير الملائمة. - إتاحة الوصول العالمي للمخطوطات، مما يُُسهل على الباحثين والدارسين الاطلاع عليها دون الحاجة إلى السفر إلى المواقع الفعلية. - فهرسة وتصنيف النصوص باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تساعد في تنظيم المعلومات وإيجاد العلاقات بين النصوص القديمة، مما يُُعيد إحياء الإرث العلمي المنسي. - المشاركة الدولية، حيث تتعاون الإمارات مع مؤسسات، مثل: «اليونسكو» و«الإيسيسكو»، ضمن مبادرات مثل: «مخطوطات ويلكوم»، التي تهدف إلى تجميع أكبرمجموعة وهناك عدد من المبادرات رقمية من المخطوطات العالمية.

علي بن حجر الهيتمي، أحد كبار علماء الفقه الإسلامي. المخطوطة الثانية: بعنوان «كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين»، وهو مؤل ََّف في الفقه الشافعي للإمام محمد بن أحمد بن محمد المحلي الأنصاري. ويُُعد هذا الإهداء هو الثامن ضمن سلسلة المخطوطات التي قد ّّمها سموه إلى الدار، والتي تضم بين أروقتها مجموعة نادرة من المخطوطات الأصلية والوثائق التاريخية. كما تضم دار المخطوطات في الشارقة مجموعات قيمة من الوثائق الأصلية والكتب ذات الطباعة الحجرية القديمة التي كتبت بلغات متعددة، وتغطي مختلف العلوم والمعارف، كما تمتلك الدار أقساما متخصصة في ترميم المخطوطات وفهرستها وتصويرها رقمياًً، ما يجعلها واحدة من المؤسسات الرائدة عربيا في هذا . وتعمل الدار، وفق رؤية سموه، على تعزيز مكانتها ) 4( المجال كمنارة للعلم، تسهم في الحفاظ على الإرث الإسلامي ونشره، بما تحويه من مرافق حديثة، وقاعات مخصصة للبحث والدراسة، ومخطوطات قيّّمة توثق منتجات الفكر الإسلامي عبر العصور، ويأتي هذا الإهداء استمرا ار لجهود الشارقة في صون التراثين العربي والإسلامي، وترسيخ مكانتها كمركزعلمي وثقافي عالمي يُُعنى بحفظ ونشر العلوم الإسلامية للأجيال . ) 5( القادمة مركز جمعة الماجد.. صرح إماراتي لحفظ المخطوطات ًًا يُُعد مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي واحد من أبرز المؤسسات الإماراتية والعربية المتخصصة في جمع المخطوطات وترميمها ورقمنتها. أسسه رجل الأعمال ، وهو اليوم أحد أكبر مراكز 1988 الإماراتي جمعة الماجد عام المخطوطات في العالم العربي. ويعمل المركز على: جمع المخطوطات من مختلف أنحاء العالم، حيث يضم أكثر ألف كتاب ومخطوط. 500 من - إنشاء مختبرات متطورة لترميم المخطوطات وصيانتها، بما في ذلك تقنية الترميم الجاف، ومعالجة الأحماض للحفاظ على الأوراق القديمة. - رقمنة المخطوطات عبر تصويرها إلكترونيا بدقة عالية، مما يتيح للباحثين الاطلاع عليها دون المساس بالأصول الورقية. - تقديم خدمات ترميم المخطوطات للمكتبات والمراكز

والتجارب الإماراتية الرائدة التي تظهر كيف يمكن للتراث أن يستفيد من التقنيات الحديثة دون التفريط في أصالته. فقد : ) 7( شهدت السنوات الأخيرة - إنشاء مختبرات متطورة للترميم الرقمي، حيث تُُستخدم أحدث المعدات لإصلاح المخطوطات المتهالكة وإعادة إحيائها دون المساس ببنيتها الأصلية. - تطبيق نظم إدارة المحتوى الرقمي، التي تتيح تتبع حالة من تاريخها وحتى مراحل الترميم ا � كل مخطوطة، بدء والرقمنة، مما يوفر سجلا مفصلا يضمن استدامة الحفظ. - تنظيم معارض ومؤتمرات حول التراث المخطوط والرقمنة، لتوعية الجمهور والأكاديميين بأهمية الحفاظ على هذا الإرث وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال. - تحقيق النصوص وإعادة تحقيقها بدقة علمية، لتصحيح مفاهيم تاريخية ربما تكون قد أُُسيئ فهمها. - نشر التراث الثقافي عبر وسائل الإعلام والإنترنت، ما يُُسهم في توعية الأجيال بأهمية هذا الإرث. - بناء جسور ثقافية مع دول العالم، من خلال التعاون الأكاديمي والثقافي في مجال دراسة المخطوطات. ختاماًً، تُُثبت دولة الإمارات العربية المتحدة ريادتها العربية في حفظ المخطوطات من خلال جهودها في الترميم والرقمنة، ما يسهل وصول الباحثين والدارسين إليها. ويأتي هذا في إطار

رؤية استراتيجية شاملة تتبنّّى أحدث التقنيات، لتعيد رسم خارطة التراثين العربي والإسلامي. وبهذا، تظل المخطوطات شاهدة على التاريخ العريق، فاتحة آفاقا جديدة للبحث العلمي والثقافي، مع ضمان استمراريتها للأجيال القادمة باحث من الإمارات الهوامش والمصادر: )، المطبعة والوراقة الوطنية، 2003 . بنبين، أحمد شوقي، وطوبي، مصطفى ( 1 . 212 ، مراكش، ص 1 ط )، الدراسة الأثرية 2022 . عبد الجليل، شيخي محمد، ورابح، فیسه محمد، ( 2 للمخطوطات من خلال مقاربة منهجية بين علم المخطوط أو الكوديكولوجيا وعلم الآثار، مجلة العبر للدراسات التاريخية والأثرية في شمال أفريقيا، المجلد . 161 ، ص 01 ، العدد 05 )، صناعة المخطوط العربي الإسلامي من 1997 . مركز جمعة الماجد وآخرون، ( 3 . 540 - 538 ماي، ص 3-15 الترميم إلى التجليد، الدورة التدريبية الأولى، دبي، . ينظر: فارس، نجاة، سر الحضارة، استطلاع منشور على موقع الخليج، بتأريخ: 4 . https://www .alkhaleej.ae : م، الرابط 2020 أغسطس 3 . هدية من سلطان إلى دار المخطوطات الإسلامية مخطوطتان من نوادر 5 . 17 م. ص 2023 ، إبريل 308 المخطوطات في العالم، «الرافد»، العدد . ينظر: فارس، نجاة، سر الحضارة، استطلاع منشور على موقع الخليج، بتأريخ: 6 م. مرجع سابق. 2020 أغسطس 3 ). الحفاظ 2020 . ينظرحول هذا الموضوع: تقريروزارة الثقافة وتنمية المعرفة ( 7 على التراث الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة: التحديات والفرص. الإمارات العربية المتحدة: وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.. وينظر: المنصوري، د. علياء، )، التراث والرقمنة: تجربة الإمارات في الحفاظ على المخطوطات التاريخية 2019(

31

30

2025 مايو 307 / العدد

المخطوطات والتقنيات الحديثة.. قراءة في الدور الإماراتي الرائد

Made with FlippingBook Digital Publishing Software