torath 307- May-2025

المخطوطات في الإمارات: إرث ثقافي وتاريخي متجدد

المخطوط الإماراتي.. ذاكرة لا تزول

نجلاء الزعابي تُُمثّّل المخطوطات ذاكرة الأمم وكنزها العلمي والفكري، بما تحمله من توثيق لتطورالحضارات وتجليات الهوية الثقافية. وقد شكّّل التراث المخطوط في الإمارات جزءا أصيلا من المشهد الثقافي، حيث كان العلماء والأدباء الإماراتيون منذ قرون يجس ّّدون شغفهم بالمعرفة عبر تدوين العلوم والفنون، وحفظها في مكتبات المساجد والمدارس. ومع تطورالزمن، لم تقتصرجهود الدولة على الحفظ التقليدي، بل انتقلت إلى الرقمنة والتوثيق الإلكتروني، حفاظا على هذا الإرث، وإتاحته للأجيال القادمة. فالمخطوطات القديمة تحكي قصة الفكر والإبداع، وتكشف عن تطور الحرف، وتمنحنا قراءة معم ّّقة للبُُعد الحضاري المتنوع في المنطقة. وت ُُعد المخطوطات الإماراتية جزءا مهما من مصادر التراث الثقافي والتاريخي، بما توثقه من جوانب دينية، وأدبية، وعلمية، واجتماعية. حيث تعود بعض هذه المخطوطات في الفقه، واللغة، ا � إلى قرون مضت، وتضم نصوص والشعر، والأدب، والفلسفة، والتاريخ، وسائر العلوم، مكتوبة بخطوط عربية متنوعة كالنسخ والكوفي والديواني، على مواد تقليدية كالورق المصقول والجلد المدبوغ، ما يعكس عمق الاهتمام بالعلم والمعرفة في مجتمع الإمارات. المساجد والمدارس: الحاضنة الأولى للمخطوطات الإماراتية لطالما كانت المساجد والمدارس في دولة الإمارات العربية المتحدة مراكزعلمية تحفظ المخطوطات وتتيحها للدارسين، حيث كان العلماء يخزنون الكتب في خزائن خاصة داخل المساجد، ويسمحون للطابل والباحثين بالاطلاع عليها ونسخها. وقد كان لهذه المراكز دور أساسي في نقل العلوم

الإسلامية واللغوية، وتوثيق الفتاوى، ونشر المخطوطات بين الأجيال. وفي المدارس، كانت المخطوطات بمثابة الكتب الدراسية الأولى، حيث كان طابل العلم يدرسونها في حلقات التعليم، ويتدربون على نسخها كممارسة علمية تضمن استمرار المعرفة ونقلها بدقة عبر الزمن. المخطوطات اهتمامات رسمية بلا حدود تسعى الهيئات الثقافية والتاريخية في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جمع المخطوطات وحفظها وترميمها، مع رقمنتها وإتاحتها للباحثين، تعزي از للهوية التاريخية والثقافية. وكغيرها من دول الخليج، لم تد ّّخر الإمارات جهدا في هذا المجال، إذ أنشأت مراكزبحثية ومؤسسات متخصصة، من أبرزها: - إنشاء مراكز ومؤسسات متخصصة في الترميم والرقمنة:

من نوعه في العالم. وقال عنها حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، رئيس دار المخطوطات في الإمارة، إنها تمثل مصدر أهمية العناية ا � إشعاع فكري للدارسين والباحثين، مؤكد بالمخطوطات القديمة في المجالات جميعها، لما لها من فوائد عظيمة للأجيال الجديدة في معرفة تراثها، وجهود . ) 1( العلماء السابقين في العلوم المختلفة - «دار المخطوط العربي» وتعد من بين دور النشر المتميزة ) إذ تنفرد 22 المشاركة في معرض أبوظبي للكتاب في دورته الــ ( الدار التي تقع في مدينة العين بمقتنياتها من المخطوطات النادرة، التي تُُعد نواة لإنشاء أكبر مكتبة للمخطوطات في العالم في أبوظبي، وتقتني الدار مئات المخطوطات المهمة، من دول عدة، من أهمها موريتانيا والنيجر ونيجيريا، وهي التي تمثل منطقة الصحراء الكبرى التي يوجد فيها عدد كبير من المخطوطات التي جُُلبت من الأندلس بعد سقوطها، وتسعى . ) 2( للبحث عن المخطوطات في أي مكان في العالم - في «الدار العربي للمخطوطات» في مدينة العين توجد عاما ًً، 570 نسخة من القرآن الكريم يعود عمرها إلى ما قبل ونسخة لمصحف عُُماني آياته مرمزة بالذهب، ترجع إلى ما

ومن أبرز هذه المراكز: «مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث» في دبي، الذي يعد أحد أهم المراكز المتخصصة في جمع المخطوطات، وترميمها، ورقمنتها. أضف إلى ذلك دور «مكتبة الشارقة» و«مكتبة أبوظبي الوطنية» في الحفاظ على التراث المخطوط من خلال برامج بحثية متطورة. - تُُعد «هيئة أبوظبي للتراث» - التي كانت تُُعرف سابقا باسم في العناية بجمع ا � فريد ا � «نادي تراث الإمارات» - نموذج المخطوطات، لا سيما تلك التي نُُسخت بأيدي أبناء الإمارات. وتمتلك الهيئة مجموعة كبيرة ومتميزة من هذه المخطوطات، بتحقيق عدد من كتب التراث العربي ا � كما أولت اهتمام والإسلامي وإخراجها في صيغ علمية رصينة. - «دار المخطوطات الإسلامية» تم تأسيسها في الجامعة ، بكلفة أكثر من 2017 القاسمية بالشارقة، في سبتمبر عام مخطوط 1500 مليون دولار، كما تضم الدار أكثر من 19 أصلي ونادر، ومن المتوقع أن ترفد المكتبة بمزيد من المخطوطات العربية النادرة، التي تحكي تاريخ منطقة الخليج والعالم الإسلامي. وتحوي الدار مختب ار لتجليد المخطوطات وصيانتها، وتعقيمها باستخدام غاز الأوزون الذي يعد الأحدث

43

42

2025 مايو 307 / العدد

المخطوط الإماراتي.. ذاكرة لا تزول

Made with FlippingBook Digital Publishing Software