سرد الذاكرة
شراكة مرورية فاعلة » أسبوع التوعية الأول « في
كانوا مثالا يُُحتذى به في الكفاءة والأخلاق. لم يكن من المقبول لديهم بأي حال قبول رشوة أو حتى هدية، وكانوا يعتبرون ذلك إهانة شخصية، يعاقب عليها القانون بصرامة. إلى جانب نزاهتهم، تميزوا بحسن التعامل وروح المحبة، ونشأت بيني وبين عدد منهم صداقات جميلة ستبقى عالقة في الذاكرة ما حييت. أوفياء الذاكرة.. رجال صدقوا العهد لا أنسى أبدا في هذا المجال أسماء مثل المرحوم معالي حمودة بن علي الذي قدّّم حياته كلها في خدمة هذا الجهاز العظيم، وأستعير هنا بعض أبيات من رثائية معالي الدكتور مانع سعيد العتيبة بفقيد الإمارات حمودة بن علي: لمـــــــــــــــــــــاذا أرى الحــــــــــــزن يبنـــــــــــــــي ســــــــدوده أمـــــــــــــــام دموعـــــــــــي وينفــــــــــــــــــــــــي وجـــــــــــــــــــــــــــــوده أأذكـــــــــــــــــــــــــــر حاجــــــــــة عينـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي لدمــــــــــــــــــــع يقــــــــــــول وداعــــــــــــــــــاًً.. وداعـــــــــــــــــــــــا حمـــــــــــــــــوده رفيــــــــــــــــــــــــق خطـــــــــــــــــاي صديـــــــــــــــــق صبـــــــــــــــــاي ٍٍوصاحـــــــــــــــــب روح الوفـــــــــــــــــاء الــــــــــــــــــــــــــــودوده معـــــــــــــــــا نحـــــــــــــــــن عشنـــــــــــــــــا فـــــــــــــــــوق رمـــــــــــــــــل عرفنـــــــــــــــــا نــــــــــــــــــــــــــداه العظيـــــــــــــــــم وجـــــــــــــــــوده وسرنـــــــــــــــــا معـــــــــــــــــا فـــــــــــــــــي ركـــــــــــــــــاب زعيـــــــــــــــــم وكنـــــــــــــــــا بكــــــــــــــــــــــــــــــــــل اعتـــــــــــــــــزاز جنــــــــــــــــــــــــــــــــــوده ستبكـــــــــــــــــي عليـــــــــــــــــك عيـــــــــــــــــون رجـــــــــــــــــــــــــــــــال ًًرأت فيـــــــــــــــــك كـــــــــــــــــل الصفات الحميــــده فمثـــــــــــــــــلك يبقـــــــــــــــــى وإن مـــــــــــــــــات حيـــــــــــــــــــــــــــا بأفعـــــــــــــــــال خيـــــــــــــــــر تظـــــــــــــــــــــــل شهــــــــــــــــــــــــــــــــــوده لا يمكنني أن أنسى المرحوم خلفان السويدي، الذي بدأ كرئيس لقسم التأشيرات، ثم تولى لاحقا منصب المدير العام للجميع، ا � لإدارة الجوازات والجنسية. كان مكتبه مفتوح يستقبلهم بهدوئه اللافت للنظر والانتباه، ويحل مشكلاتهم بتفهم وروح إنسانية تتجاوز حدود القانون دون الإخلال به. جمعتني به صداقة عميقة، وبرحيله فقدت واحدا من أوفى الأصدقاء. لقد تميز الرعيل الأول بروح الصداقة الصادقة والعلاقات الإنسانية، فكنا نعيش كأننا أسرة واحدة. حقاًً، كان ذلك زمنا جميلا إعلامي وشاعر
أحدث النظم العالمية. ولهذا الغرض، أُُرسل شباب الإمارات في بعثات دراسية إلى دول عربية وغربية لاكتساب الخبرة. وأتذكر مع الضابط الشاب سعيد 1971 أول لقاء إذاعي أجريته عام هلال، أحد خريجي كلية الشرطة في مصر، وكان حينها برتبة ملازم، يعمل في موقع قريب من المستشفى المركزي (الذي أُُزيل لاحقا ليُُستبدل بعمران حديث). ورغم حداثة تخرجه، كان يتمتع بثقافة عالية وروح مسؤولية واضحة، تعكس وعيه بأهمية دوره في تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع الناشئ. أتمنى أن يكون تسجيل ذلك اللقاء الإذاعي لا يزال محفوظاًً، لأنه يُُجسد الروح الأمنية الصادقة التي أسست للبناء الراسخ الذي تنعم به دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم. فقد ارتقى ًًا ذلك الضابط، سعيد هلال، مع مرور السنوات ليصبح مدير لجهاز أمن الدولة قبل تقاعده، تاركا المهمة لجيل جديد من القادة الذين يواصلون المسيرة بكل فخرووفاء. وقد رفع أبناء ذلك الرعيل الأول شعار«الشرطة في خدمة الشعب»، وطبقوه بإخلاص، مقدمين نماذج مشرّّفة في التفاني والتضحية، لترفرف راية الأمن في ربوع الوطن. من المواقف التي لا تُُنسى أن رجال الأمن في تلك الفترة لم يقتصر دورهم على حفظ النظام، بل كانوا يؤدون مهاما إصلاحية واجتماعية بارزة؛ فقد كانت العديد من الشكاوى تُُحل في مكاتب الشرطة وديّّاًً، دون الحاجة للوصول إلى المحاكم. كان الضابط المسؤول يجمع الطرفين، ويستمع إلى تفاصيل الخلاف، ويقترح حلولا تعيد الوئام وتُُنهي النزاع، فيُُغادر الطرفان وقد ساد بينهما الصلح. لقد كان لهم دور إنساني واجتماعي لا يُُنسى. ومن الجوانب اللافتة للانتباه في تلك المرحلة أن رجال الشرطة، من الضباط وحتى الأفراد،
خليل عيلبوني أوائل الستينيات من القرن الماضي، كانت أبوظبي في شبه مجهولة بالنسبة إلى معظم أبناء الأمة العربية. قبل اكتشاف النفط وحكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - ، كانت الإمارة عبارة عن 1966 طيّّـب الله ثراه - في عام جزيرة معزولة عن البر، يقطنها عدد قليل من السكان، ولم تكن مساحتها تتجاوز ستين كيلومت ار مربعاًً. وتُُظهر 1967 الإحصائيات الأولى أن عدد سكان أبوظبي في عام ألف نسمة. وفي كتاب صادر عن مركز الوثائق 35 كان نحو ، تم 1972 في وزارة شؤون الرئاسة الإماراتية في ديسمبر تسجيل إحصاء أن عدد سكان الإمارة في ذلك الوقت قد بلغ نحو مئة ألف نسمة، شمل ذلك المواطنين والأجانب. هذا ، 1971 يعني أنني عندما وصلت إلى أبوظبي في بداية عام كانت المدينة، عاصمة الإمارة، لا يسكنها سوى عدد قليل من المواطنين والوافدين. ورغم ذلك، كانت أشبه بورشة عمل مستمرة لا تهدأ، حيث كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد الحكيم، يبني دولة جديدة من رمال الصحراء. كان يسعى لإنهاء سنوات المعاناة التي عاشها شعبه في ظل الاستعمار البريطاني، الذي كان يهيمن على المنطقة من ع ُُمان إلى قطروالبحرين. في تلك الفترة، كانت عائدات النفط محدودة، حيث لم تتجاوز الأسعار دولاار ونصف سنتاًً، بينما كان 70 الدولار، وكانت حصة أبوظبي أقل من ألف برميل يومياًً. 600 الإنتاج لا يتجاوز ورغم هذه العائدات المتواضعة، استثمر الشيخ زايد كل ما كان في سبيل تحقيق الأمل وبناء الدولة، مصرحا بكلمته المأثورة: «إذا كان الله من علينا بالثروة، فإن أول ما فعلناه لكسب رضاه وتوفيقه هو تسخيرهذه الثروة لخدمة الشعب»
منذ وصولي إلى أبوظبي، لاحظت فوار تطوار سريعا في المدينة، حيث كانت الشوارع تُُعبّّد، والعمارات تُُبنى، والخدمات تتوسع في مختلف المجالات، مثل: الصحة والخدمات البلدية. بدأ اسم أبوظبي ينتشر، وأصبحت وجهة للباحثين عن فرص عمل أفضل وحياة مستقرة. كغيري من الشباب العربي في ذلك الوقت، شعرت بالدهشة من الهدوء الذي يميز المدينة، بسبب قلة السكان والسيارات في الشوارع. ورغم ذلك، كانت شرطة المرورنشطة للغاية، خاصة في «أسبوع المرورالأول»، الذي شاركت فيه، حيث شهدت فعاليات غير مسبوقة، منها تعاون الطابل والكشافة مع رجال المرور لفحص السيارات والتأكد من سلامتها. على رأسهم كان المغفور له - رحمه الله تعالى - الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان، وزيرالداخلية، الذي كان حريصا على متابعة هذا النشاط لضمان تحقيق أهدافه. وبصفتي مقدما لبرنامج «الشرطة في خدمة الشعب» على إذاعة أبوظبي، أجريت مقابلة مع سموه في الطريق، حيث تحد ّّث بشكل رائع عن أهداف أسبوع المرور وأهمية الالتزام بقواعد المرور لضمان سلامة الجميع، سواء كانوا سائقين أو من مستخدمي الطريق. لم يخف على المقيمين والزائرين لأبوظبي في ذلك الوقت مدى الأمان الذي ساد المدينة بفضل رجال الأمن المخلصين الذين كانوا دائما موجودين في أي مكان تشهد فيه الحوادث أوالأنشطة المخالفة. كنا نترك سياراتنا في المواقف مفتوحة، دون أن ينقص منها شيء. وكان هذا الأمان بفضل جهود رجال الأمن بقيادة المغفورله - رحمه الله تعالى - الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان. سعيد هلال رمز البدايات الأمنية منذ انطلاقة المسيرة بقيادة المغفور له - رحمه الله تعالى - الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيّّـب الله ثراه - واصل أبناؤه النهج نفسه في الاهتمام ببناء جهاز أمني متطور، يستند إلى
79
78
2025 مايو 307 / العدد
شراكة مرورية فاعلة في «أسبوع التوعية الأول»
Made with FlippingBook Digital Publishing Software