: التداول السجالي بين حمد بو شهاب وحمزة أبــو النصـــر سجال شعري
حمزة قناوي ما زالت القصيدة العمودية قادرة على تقديم أغراض هل شعرية جديدة؟ هل ما زال يمكنها أن تحمل وقائع التعبير اليومي والفكري والثقافي والتجديدي وغيرها من الوسائل؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فما الداعي لكل سبل التجديد والتطوير والتحديث؟ وهل هو فعلا تجديد وتطوير وتحديث أم تهرب من مسؤولية الالتزام بالقصيدة العمودية؟ لقد أصبح الآن وعينا أكبر بطبيعة القصيدة العربية وبنيتها وتراكيبها، يقول (صبحي الطعان): «بناء القصيدة هو النظام أو النسق أو القانون القائم بين عناصر القصيدة وأجزائها، وهو الخيط الناظم لتلك العناصر والأجزاء، وهو النسيج الجمالي التي تنتظم فيه مفاصل النص في مستوياتها السردية والذهنية بعلاقات تشابكية منسجمة »، وهذا الوعي الذي أصبح يتم ) 1(ًً ومؤولة تركيبيا ودلاليا فيه النظر إلى القصيدة بمنظورات مغايرة، يحتاج منا إلى وقفة مع القصيدة العمودية، خصوصا عندما ترد في أغراض خاصة، واستعمالات في سياق عصرنا المعاصر، في سجالات شعرية لها سمتها الخاص. إن السجالات الشعرية تمتاز بقدرتها على إظهار إبداعية الشعراء، وهي وسيلة من وسائل قدح الفكر وإطلاق العنان ليقدم كل شاعرأقصى ما لديه من طاقات إبداعية، وما حدث بين الشاعرين (حمد أبو شهاب) و(حمزة أبو النصر) من تداول ٍ يستحق التأمل النقدي، وتحليل موضوعاته، �ٍّ ٍ ش ِِعري �ٍّ س ِِجالي للانتباه بالنسبة إلي هي تعدد ا � ولعل الظاهرة الأكثر لفت الموضوعات التي تم السجال الشعري إزاءها، من تشعب وتنوُُّع وتََداخل وتمازج، والكيفية التي كان كل منهما يرد بها في قصيدته على الآخر، وهنا يتولد سؤال ثان ٍٍ، هل نعتبر كل
قصيدة منفصلة بذاتها، أم ننظر لجميع القصائد في مجملها باعتبارها كلا مُُتكاملا تمثل قصيدة واحدة؟ إذن يمكن النظر لمجمل القصائد باعتبارها قصيدة متعددة المقاطع، مما يعني أن القصيدة هنا تعتمد على مبدأ البناء المقطعي. يقول (محمد صابر عبيد) عن البناء المقطعي: «والبناء المقطعي يعتمد في بنيته على تعدد مراكز الحدث الشعري، وهو بناء هرمي بتوزيع الحديث فيه على محاور عدة مجسدا حالات متعددة تختلف مضامينها وطبيعة تجاربها، .» ) 2( لكنها تلتقي بعضها ببعض بخيط واحد قد يكون غيرمرئي في ديوان «أريج السمر» يفتتح الشاعر (حمزة أبو النصر) ، التي يقول فيها: ) 3( ٍٍالمساجلة بقصيدته «وذكر باليعارب» ِــــــــــــــــــــــــــــــــــــر باليعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارب سابحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات �ِّ «وذك بهــــــــــــــــــــــــــــــــــــم خيــــــــــــــــــل وهــــــــــــــــــم يبغــــــــــــــــــون مجــــــــــــــــــدا» ويأتي رد (أبو شهاب) عليه مستجيبا باستفاضة عن دولة اليعاربة في تاريخ ع ُُمان ومواجهة سيطرة البرتغاليين، فيقول «إذا عدنــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بذاكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة الليالـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي إلى حيــــــــــــــــــــــــث اليعاربــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الأشــــــــــــــــــــــــــــــــــــد ّّا ِِّـ ــــــــــــــــــــــــر كيــــــــــــــــــــــــف كان ََــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت علينََــــــــــــــــــــــــــــــا أن نُُذك ع ُُمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان قبلُُهــــــــــــــــــــــــــــــــــــم وضعــــــــــــــــــــــــــــــا وع ََهــــــــــــــــــــــــد ََا هي الفََوضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى متى ســــــــــــــــــادََت أبــــــــــــــــــــــــــــــــــادت ِِـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد ََّا أليــــــــــــــــــس الظلــــــــــــــــــــــــم للإصــــــــــــــــــــــــــــــلاح ض أتاهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا البرتغاليــــــــــــــــــــــــــــــون ت ََجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــري ََــــــــــــــــــــــــزار ومــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدََّا» سفائِِنُُهُُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم بِِهــــــــــــــــــم ج نلاحظ هنا الالتزام بالقافية والوزن والإيقاع، وإذا كانت قصيدة (حمزة) تتكون من عشرين بيتاًً، فإن قصيدة (أبو شهاب) تأتي في تِِسعة وثََلاثين بََيتاًً، أي ضعف القصيدة الأولى، وهو ما يجعلنا ننظر إلى القصيدتين معا بوصفهما مدخلا لموضوع واحد، فالقصيدة المفتتحة لم تعد أكثر من كونها حثت في الشاعرالرغبة في التأليف والكتابة، بينما الثانية جاءت وافية
برؤية تاريخية مستلهمة تلك المتغيرات التي عاشها العُُمانيون إبان مقاومتهم للاحتلال البرتغالي، وبشكل عام فإنه من خصائص شعر (أبو شهاب) دمج التاريخي بالجغرافي بالمكاني ٍ من السلاسة الأسلوبية اللافتة للنظر، �ٍّ بالزمني، وذلك على نحو وليس من اليسير التعبير عن المتغيرات التاريخية والأحداث والسجالات بهذا القدر من السهولة والسلاسة. كيف نفسر هنا عنونة القصائد؟ إن العنونة بنية نصية رغم صغرحجمها المكو ّّن من بضع كلمات غالبا ًً، إلا أنها ذات أهمية كبرى، تحمل بداخلها دلالات ضخمة، إنها تختزن بداخلها جوهر القصيدة، وهاجسها ومبعثها وما تدور حوله بشكل ، وفكرة وضع عنوان لكل ) 4( ِر ويوجه تفكير القارئ ويؤطره �ِّ يُُسي
قصيدة من قصائد المساجلات هي نوع من أنواع التجديد في الأدب العربي، حيث لم يكن ذاك معتادا في الماضي، بل كانت القصيدة تسمى بمطلعها من صدر بيتها الأول، أو بقافيتها أو غير ذلك من الطرق التي كان يتم بها التعرف على القصائد، لكن ربما لم تكن هناك الكثافة التعبيرية ذاتها التي نجدها حاليا مع شعرائنا ممن لديهم إنتاج كبير من القصائد، مقارنة بما كان في الماضي، أو ربما لم تصل إلينا كل قصائد الماضي! على أي حال نمضي مع القصائد محل التحليل لنجد قصيدة ُُلـ(حمد أبوشهاب) معنونة بـ «لا تخدعنك كثرة الزرّّاع»، مطلعها ُُ«حيتــــــــــــــــــــــــــــــــــــك ذات خصائــــــــــــــــــص لا تُُنكــــــــــــــــــــــــــــــــــــر ّّــــــــــــــــــــــــر عصمــــــــــــــــــاء تعــــــــــــــــــــــــبث بالعقــــــــــــــــــــــــول وسج
81 2025 مايو 307 / العدد
80 التداول السجالي: بين حمد بو شهاب وحمزة أبــو النصـــر
Made with FlippingBook Digital Publishing Software