torath 307- May-2025

رموز الحشمة

الحجاب في الديانات الإبراهيمية

ستر الوجه ذكر بعض المؤرخين والكت ّّاب من العصر العباسي أن النساء ، وهو عبارة عن غطاء ) 2( كن يرتدين نوعا معينا من النقاب كامل للوجه فيه فتحتان تُُمكنان المرأة من الرؤية. وكان النقاب ذا الفتحتين (عند العينين) شهيار في تلك الآونة حيث كانت معظم النساء تفضله عند الخروج. وعلى شاكلة مفردات وأبجديات الثياب العربية الأخرى فإن كلمة «نقاب» كانت تشيرإلى أشياء عديدة ومختلفة: مثلا لم يكن ثمة خلاف و«برقع» - وتعنيان (النظر ) 3( في المعنى بين كلمتي «وََصوََص» من خلال الثقب أو الشرخ في غطاء الوجه) - وكلمة «نقاب»، وفي الواقع لم تكن هاتان الكلمتان تختلفان كثي ار في المعنى عن كلمة نقاب، خاصة في منطقة الخليج العربي، ومازال هذا التشابه قائما حتى اليوم. وإبان العصور الوسطى كان النقاب من أهم مكونات اللباس النسائي الإسلامي في منطقة الهلال . وكان النقاب من بين أهم مكونات الملابس ) 4( الخصيب النسائية اليهودية كما ورد في قوائم جهازالع ُُرس التي عثرعليها في مستندات «الجينيزاه» في القاهرة وهي وثائق ومستندات أثرية وجدت في خزينة معبد بن عزرا اليهودي في القاهرة القديمة. وحسب وثائق «الجينيزاه» فقد كان «النقاب» ذا . ) 5( ألوان شتى مثل الأبيض واللؤلؤي والرمادي والأزرق والأسود

صديق محمد جوهر بيت العائلة الإبراهيمية في دولة الإمارات يُُعد لحوار ا � للتسامح ورمز ا � العربية المتحدة تجسيد الحضارات وصرحا معرفيا يدعو للأخوة الإنسانية وإيجاد آفاق مشتركة للتعايش والسلام في بلد متعدد الثقافات واللغات يعيش على أرضه ملايين البشر من جنسيات وأديان مختلفة. في هذا السياق يُُذك ّّرنا المجتمع الإماراتي المعاصربالمجتمعات العربية في سالف الزمان ولا سيما إبان العهد الذهبي للحضارة الإسلامية، حيث كانت بلاد المسلمين تضم بين جنباتها مختلف الأقليات المنتمية لأديان سماوية أخرى مثل المسيحية واليهودية وكان الجميع يعيشون بسلام في وطن واحد بل كانوا يتشاركون في العادات والتقاليد ومن بينها ارتداء الحجاب موضوع هذه الدراسة المختصرة. مثلا في العهد العباسي كان حجاب المرأة أم ار أساسيا لا لبس فيه خاصة لو خرجت بعيدا عن المنزل. وحسب ما ورد عن خبيرالموضة والأزياء، آنذاك، أبوالطيب محمد «المقناعة» )1( بن يحيى الوش ََّاء، أن غطاء الوجه أو «المقناع» كان جزءا أساسيا من رداء المرأة عند الخروج، بالإضافة إلى كل من غطاء الرأس «المِِعجََر» والإزار الذي يغطي الجسد. وقد ذكر الوش ََّاء أن الحجاب النيسابوري (نسبة إلى نيسابور) كان من آخر صيحات الموضة النسائية في عهده. كما ذكر عدد من الرحالة في العصور الوسطى أن ثمة مدنا إيرانية أخرى مثل جوجان وسرخس وغيرهما من المراكزالحضرية كانت متخصصة في تصنيع الشيلان وأغطية الرأس والوجه النسائية.

ولكن معظم أنواع النقاب كانت إما بيضاء وإما سوداء. وكانت النقب (جمع نقاب) تطرز بخيوط ذهبية أو فضية وزخارف أخرى أو تزين بألوان مختلفة عند الأطراف. وكان سعر النقاب الواحد إبان العهدين الفاطمي والأيوبي يتراوح ما بين نصف دينار إلى دينارين، علما بأن دينارين كانا يمثلان ميزانية أسرة . ومن اللافت للنظر أن ) 6( من الطبقة العاملة لمدة شهر كامل «النقاب» لم يكن حاضار في غالبية المخطوطات والوثائق المتعلقة بالثياب في العصور الوسطى على الرغم من أن العديد من المستندات والرسوم والصور التوضيحية في . وبدراسة ) 7( «الجينيزاه» كانت تعج بأشكال النقاب المختلفة قوائم العرائس المرفقة بمستندات «الجينيزاه» تبين بما لا يدع مجالا للشك أن النقاب كان جزءا أساسيا من ملابس النساء اليهوديات والمسيحيات أيضا إبان العهد الفاطمي كما . ) 8( أن النساء المسلمات كن يرتدين النقاب كما هو معروف النقاب بين «التلمود» و«الجينيزاه» أما بالنسبة إلى آراء بعض المؤرخين المعروفين - ومنهم سالو بارون- الذين زعموا أن نساء اليهود لم يلبسن «النقاب» فإنها ، والجدير بالذكر أن أكثر من نصف ) 9( آراء خاطئة ومغلوطة أسماء قطع الثياب الواردة في مخطوطات «الجينيزاه» تتعلق . والجدير بالذكر أنه لم ) 10( بالنقاب أو أغطية الوجه والرأس

85 2025 مايو 307 / العدد

84

الحجاب في الديانات الإبراهيمية

Made with FlippingBook Digital Publishing Software