سوق الكتب
الم ُُناف ََرات في الأدب الجاهلي في منظور د. فاطمة حمد المزروعي
علي تهامي المُُنافََرة من ضروب المفاخرة، وصورة من صور تُُعد التباهي بالأحساب والأنساب، وأركان الم ُُناف ََرة هي: الم ُُتناف ِِران والحكم والنفورة، وهي أساسية، وتختل المُُنافََرة بفقد أحد أركانها، فتخرج إلى المفاخرة أو المباهلة أو غيرهما. وأصل الم ُُناف ََرة مأخوذ من قولهم (أي ُُّنا أََع ََز نف ارًً؟) أي إن أساسها التفاخر بالأنساب والأحساب. وفي كتابها «المنافرات في أدب قبل الإسلام»، تتناول الباحثة والكاتبة الإماراتية الدكتورة فاطمة حمد المزروعي، الم ُُنافََرات في الأدب الجاهلي بغية فهمها وتبيان أسبابها ونشأتها وعناصرها ومقوماتها، وأثرها في الأدب الجاهلي، وما فعله المشاركون فيها من حكماء وكهان وشعراء وخطباء، وطبيعة الحكم في
علاثة وعامر بن الطفيل، وذلك نظ ار لكثرة الأخبار عنهما ولشهرتهما، ولعل ذلك يعود إلى مشاركة شعراء جاهليين بارزين فيها مثل: الأعشى، ولبيد بن ربيعة، والحطيئة. وكما تقول الدكتورة فاطمة، فإن اختيارها لدراسة هذا الموضوع هو قناعتها بأهمية الم ُُناف ََرات في العصر الجاهلي، وأثرها في الأدب، وقلة ما كتب عنها، وحاجة الموضوع إلى دراسة متأنية فاحصة، تجمع نصوص المُُنافََرات المتناثرة بين كتب الأدب والتاريخ وكتب التراجم، وتحللها لاستخلاص مفهومها وخصائص أدب المُُنافََرات. وأكدت «المزروعي» في كتابها على أنّّها لم تجد من خلال بحثها عن مؤلفات تناولت المُُنافََرات، لم تجد سوى فصلين في كتابين منفصلين بالإضافة إلى كتاب صغير، حيث عثرت على فصل كتبه محمد محمد حسين في كتابه الموسوم بـ (الهجاء والهجاؤون في العصر الجاهلي)، تحدث فيه باختصار
الم ُُناف ََرات وكيفية التحكيم. وتوضح الباحثة القيم التي تفاضل فيها العرب فيما بينهم، وكيف تحوّّلت بعض الصراعات الفردية بين الأشخاص إلى صراع بين القبائل أو في القبيلة ذاتها، وما كان يحدث في الأسواق والمواسم من مُُنافََرات. وترصد الباحثة المزروعي في هذا الكتاب، ما جاء في الم ُُناف ََرات من م ُُقط ّّعات وقصائد، مع رصد ما جاء من نثر، ولاسيما سجع الكُُهان، وما قيل من خطب وأمثال، مع دراسة السمات الفنية في شعر الم ُُناف ََرات ونثره، مع الإضاءة على مُُنافََرة علقمة بن
عن الم ُُنافََرة وعناصرها، من دون أن يتعمق في تحليل أخبار الم ُُناف ََرات؛ لأن كتابه عن الهجاء فلم يذكر الم ُُناف ََرات إلا فيما يخدم غرضه. والفصل الآخرعثرت عليه في كتاب (أدب ما قبل الإسلام) لمحمد عثمان علي، وركزفيه على م ُُناف ََرة علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل، وما جاء فيها من نثر، وعلى سماته الفنية. وعثرت على كتاب صغير بعنوان (م ُُناف ََرة عامربن الطفيل وعلقمة بن علاثة العامريين، وأثرها في الشعرالجاهلي) لمؤلفه حمد الزايدي، وقد اهتم بإعطاء ًًا فكرة موجزة عن المُُنافََرة، واعتنى كثير
بالترجمة للم ُُتناف ِِرين والشعراء، مع شرح ما جاء من شعر في هذه المُُنافََرة، ولم يتطرق إلى مفهوم المُُنافََرة لدى الشعراء، ولا إلى أثرها في لغة الشعر وأساليبه، وما تميز به عن أغراض الشعر الأخرى. دراسة أدبية تحليلية كتاب «المنافرات في أدب قبل الإسلام»، لمؤلفته الدكتورة فاطمة حمد المزروعي، يتكوّّن من تمهيد وثلاثة فصول صفحة من القطع الكبير، حيث عرّّفت 330 موزعة على نحو «المزروعي» في التمهيد المُُنافََرة لغة واصطلاحاًً، مع التفريق بينها وبين المفاخرة والمناقرة والمعافرة والمباهلة، وتوضيح
موقف الإسلام من المُُنافََرات. وفي الفصل الأول ركّّزت مؤلفة الكتاب على عوامل المُُنافََرة وأسبابها، وعناصرها، وبيّّنت دور الحكام من الحكماء والك ُُهان، والثقورة، والرهان وتحديد الزمان والمكان، وأثر سوق عكاظ وما حظي به من أهمية. وفي الفصل الثاني تحدثت عن أنواع المُُنافََرات بالنسبة إلى المُُتنافِِرين؛ وهي: مُُنافََرة شخصية، ومُُنافََرة قبلية، ومُُنافََرة شخصية، تحوّّلت إلى قبليّّة، مع التطرق إلى مجالات المُُنافرة وأبرزها النسب العريق، ثم ذكرت تحلي الم ُُناف ِِرببعض الخصال وأهمها الكرم والشجاعة. وفي الفصل الثالث تناولت الباحثة أثر الم ُُناف ََرات في الأدب الجاهلي، وما جاء فيها من شعر ونثر، ولاسيما م ُُنافرة علقمة
89 2025 مايو 307 / العدد
88 الم ُُناف ََرات في الأدب الجاهلي في منظور د. فاطمة حمد المزروعي
Made with FlippingBook Digital Publishing Software