دراسات إماراتية
ًًالطبيعة عند شعراء الإمارات تتألق سحرا وجمالا
قتيبة أحمد المقطرن إن الطبيعة بأزهارها وخضرتها، وليلها ونهارها، وشمسها وقمرها ومطرها، وصحرائها ونخيلها وبحرها، وحدائقها وسواقيها وطيورها، وكل مََعلََم من معالمها الساحرة، ملكت على شعراء الإمارات أفئدتهم واستحوذت على عقولهم، وارف ا � عذب ا � فراحت أقلامهم تتدفق شعر الخضرة والظلال. وأقف في هذا المقال على حديث شعراء دولة الإمارات العربية المتحدة عن بعض معالم الطبيعة؛ إذ إن الحديث عن كل معالمها يحتاج إلى صفحات عديدة لا يتسع لها المجال هنا. وأبدأ مع الشاعرة ميسون القاسمي وهي تتغنى بالحديقة؛ حيث تراها الحضن الدافئ والرفيق المؤنس ومجلى الروح والنفس، تقول: تفتح ذراعََيْْها تََض ُُم ُُّنا
تضمنا)، (إذا رحلنا - يشدنا وميض إليها). إن نظرة تأملية إلى هذه الحديقة تتجسد أمامنا كائنا حيّّا بمشاعر وأحاسيس، وربما نرى السمة على وجهها حينا والدمعة في عينها حينا آخر ويرصد الشاعر مانع سعيد العتيبة معلما بديعا ساح ار من معالم الطبيعة، إنه المطر؛ حيث يشكل عند هطوله مََعلََما جماليّّا للمكان، فمعه تتغير معالم الأرض وشكلها ورائحتها، وبسببه تتشكل جداول المياه، وتصبح السماء داكنة، ويحمل صوت الرعد ملمحا جماليا آخر، ولمعان البرق، وحركة الناس في الشوارع والأزقة والحارات، وتدب الحياة في أوصال المكان وتغذ ّّي شرايينه، ولنزول المطرو ََق ْْع خاص لدى أبناء الإمارات، والعتيبة يراه يحمل بشائرالخيرويروي الأرض العطشى، يقول:
الشاعرة لا تنظر إلى الحديقة على أنها ورود وأزهار وخضرة فحسب، بل تعلو وتسمو بالإحساس بها إلى مصاف الإنسانية، فهي إنسانة تحس وتشعر وتشارك الإنسان أفراحه وأتراحه، تتقاسم معه ساعات السروروساعات الحزن، تعيش في عقول أهل البيت ويعيشون في عقلها، هي جزء منهم وهم جزء منها، وتتجلى هذه المشاعر والأحاسيس في الأفعال (تفتح، تضمنا، تنصت) لقد خلعت الشاعرة على الحديقة صفة الإنسانية، فهي تعانق أهل البيت بعد عودتهم من غياب، وتضمهم إلى صدرها؛ حيث الراحة والأمان، وكلما تفتحت ورودها وطلع الصباح على أهل البيت فهناك لقاء وحديث يتجدد معها، وفي غيابهم يشعرون أن شيئا يشدهم إليها، ولعلي أرى أن كل المشاعر التي أسبغتها الشاعرة على هذه الحديقة ما هي إلا رمز للوطن - الإمارات.. ألا يتألم الوطن لألم أبنائه؟ ألا يشعر بسعادتهم ويشعرون بسعادته؟ ألا يشتاقون إليه إذا غابوا عنه؟ ما أجمل هذه الحديقة التي يتجسد الوطن من خلالها بكل جمالها وسحرها! وتأتي مراوحة الشاعرة بين الأفعال الماضية والمضارعة لتجسيد هذه العلاقة وتوضح حال ََت ََي التوتر والاستقرار (إذا ابتهجنا - تضمنا)، (إذا اختلفنا -
ننام على صدرها المََخ ْْمََلي وحين تََـتََفـتََّح الورود فيها ََويتفتََّح الصباح فينا
نُُعاود الحديث فََتُُنصِِت إلينا وكُُلََّما ابتهجنا تََض ُُم ُُّنا وكلّّما اخ ْْتََلفْْنا تََض ُُم ُُّنا وكلََّما رََح ََلْْنََا )1( يََش ُُد ُُّنََا وََم ْْض إليها
) 2( فإذا الأمطار جادت وســََــقََت تلك النـُُّج ُُوع ) 3( ََـم الـــرُُّبُُوع ََـالت الوديان بالخـير الذي ع س وا تر ََوت أشجار ن ََخ ْْل وازْْد ََهت مــنها الف ُُروع ُُـــــوع ْْـر يََض ُُـها ع ِِط أََنْْبََـت البََـر زهوار رِِيْْــح ُُـوع ظ ََمََأ الـرََّمل على الإنســــــــان آلام وََج ) 4( ُُــوع ُُـــول الغ ََيــث ترتوي منـه الجـُُــم وه ُُط
99 2025 مايو 307 / العدد
98ًً الطبيعة عند شعراء الإمارات تتألق سحرا وجمالا
Made with FlippingBook Digital Publishing Software