المدينة، كما ورثت من النظام المنهار كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر. وقد تحدد دور كتائب مصراتة في الغرب الليبي، وفي الجنوب كحامية لدولة الثورة، ودرع للدولة المدنية ضد الانقلابات. يقود السياســة في مصراتة خليط من أبناء الحركات السياسية الليبية، من مختلفي المشارب والتوجهات، وينحدر منها رجال يقودون مجموعات مالية كبيرة مؤثرة في الاقتصاد الليبي، وهو ما أعطى نوعا من العقلانية لســ حها، أو على الأصح جعله ســ حا جماعيا، من الصعــب توجيهه من طرف مجموعة واحدة، ولا يمكن أن يتحرك بدون غطاء قانوني، وتوافق سياســي عريض. إن نتيجة هذا التركيب الأهم كون هذا السلاح يبحث عن شرعية سياسية وقانونية يتحرك تحتها، ولن يجدها فــي غير الدولة الليبية، ولذلك كان درعــا للدولة ضد انقلابات حفتر المتكررة؛ بدءا الذي جاءت عملية فجر ليبيا، وعمادها كتائب مدينة 2014 مــن الانقــ ب المتلفز في مصراتــة، للرد عليه، وليس انتهاء بعملية بركان الغضب للدفاع عن العاصمة طرابلس التي أبلت فيها كتائب مصراتة بلاء حسنا. وإذا كانت كتائب مصراتة قد اندمجت في غيرها من القوى العسكرية المساندة للثورة، ثم للشرعية، في كثير من المعارك التي خاضتها، وكان بلاؤها واضحا، فإنها في عملية البنيان المرصوص كانت القوة الأهم، والأقوى، والأكثر تقدما في الميدان. كان من أبناء المدينة أمراء الغرف العسكرية، الرئيسية والميدانية، والضباط، وقادة المحاور، وأمراء الكتائب، والســرايا، المشــاركة في الخطوط الأمامية للمعركة. لقد انخرط في هــذه المعركــة معظم فئات المجتمع في المدينة؛ حتى الوزراء منهم لم يتخلفوا، فلقد وزير العمل الأســبق، محمد سوالم، وكذلك وزير الشهداء 2016 استشــهد في صيف والجرحى والمفقودين ونقيب المحاميين الليبيين، عبد الرحمن الكيســة، وذلك خلال الاشتباكات مع تنظيم الدولة في مدينة سرت. وحتى لا يكون الكلام حديثا مرسلا، نلقي نظرة على بعض الأرقام الدالة؛ فقد % من قوات البنيان من كتائب مصراتة. وتعطي أرقام الشهداء والجرحى 80 كانت قرابة شهيدا، وتجاوز 772 الصدارة للمدينة أيضا؛ فقد وصل عدد شهداء البنيان المرصوص .% 90 ) جريح، يمثل أبناء مصراتة منهم قرابة 3000 جرحاها ثلاثة آلاف ( وعلاوة على الأســباب التي أشرنا إليها أعلاه، فهناك أسباب أخرى أطّرت الهبّة المصراتية في معركة البنيان المرصوص؛ فالمدينة هي أقرب المدن الكبيرة إلى مدينة ســرت، وكانت عمليات التنظيم الشــرس قد بدأت تناوش أطراف المدينة ومحيطها
125
Made with FlippingBook Online newsletter